تداعيات عصيان فاجنر.. من خدعة الشارة البيضاء إلى اتخاذ الإجراءات الصارمة
السبت 08/يوليو/2023 - 10:36 م
محمود البتاكوشي
تعرضت روسيا في الرابع والعشرين من يونيو 2023، لتحدٍّ وجودي يعد أكبر وأخطر التحديات التي واجهت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، منذ صعوده إلى السلطة عام 1999، عندما قرر يفغيني بريغوجن قائد مجموعة فاغنر العسكرية، الذي يُعرف بطباخ الرئيس، إعلان العصيان والتمرد على القيادة العسكرية والسياسية في موسكو، قبل أن ينجح ألكسندر لوكاشينكو رئيس بيلاروسيا في نزع فتيل الأزمة وإنقاذ روسيا من شبح الحرب الأهلية والتفكك، في الوقت الذي كانت فيه العناصر المتمردة على أبواب العاصمة الروسية موسكو، بمسافة 200 كيلو متر.
عودوا إلى مواقعكم
التمرد المسلح الذي أعلنته مجموعة فاجنر العسكرية وانتهى بعد 36 ساعة فقط، عندما أمر زعيم التمرد قواته بالعودة إلى مواقعهم، ووقف السير إلى موسكو، بعدما توصل إلى اتفاق مع الكرملين بالذهاب خارج البلاد مقابل عدم مواجهة أي عقوبات جنائية، كشف نقاط الضعف بين القوات الروسية الحكومية، بعدما استطاع المتمردون السيطرة بدون مقاومة على مدينة روستوف الروسية، والتقدم لمئات الكيلومترات نحو موسكو دون أدنى مقاومة، مما وضع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موقف القائد الضعيف العاجز عن استخدام أدواته، وعجز الكرملين وزارة الدفاع عن ردع المتمردين، رغم نجاح القيادة الروسية في تجنيب البلاد خطر الحرب الأهلية وإراقة الدماء، الأمر الذي كان يهدد بقاء روسيا الاتحادية، ويغري أعداءها المتربصين بها من كل حدب وصوب، استغلالًا لاهتزاز صورة الرئيس بوتين بشكل كبير في روسيا، كما تظهره أمام الغرب والإدارة الأمريكية بموقف ضعيف، وبأن هناك انقسامًا داخليًّا حادًّا في المؤسسة العسكرية الروسية.
الشارة البيضاء
في هذا السياق، أكدت الدكتورة نورهان الشيخ، أستاذة العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، أن ما حدث يمس هيبة الدولة الروسية، والتماسك الذي سعت إليه ليس فقط على الصعيدين المجتمعي والسياسي، ولكن العسكري أيضًا، ولا يمكن التقليل من خطورة ما حدث، وإن بدا المشهد خاليًّا من اشتباكات مسلحة بين الجانبين، فقد دخل بريغوجين وقواته المدينة دون اعتراض أو مقاومة باعتبارها قوات روسية، بل والتقى مع نائب وزير الدفاع ونائب قائد قيادة العمليات بهيئة الأركان، مؤكدًا أن ما يحدث لا يعوق العملية العسكرية الخاصة، وظهر مرتديًا الشارة البيضاء المميزة للقوات الروسية.
وأضافت أن سقوط مدينة روستوف بدون مقاومة له دلالة غاية في الخطورة، إذ تحتضن مقر قيادة المنطقة العسكرية الجنوبية المسؤولة عن العمليات الروسية في الدونباس، ومن ثم تهدد سيطرة فاغنر عليها بشلل ولو نسبي للعمليات العسكرية الجارية في أوكرانيا.
إجراءات ضرورية
وأكدت أن حركة التمرد كان لها تأثير نفسي بالغ السوء على المجتمع الروسي، الذي ظل بمنأى عما يحدث في أوكرانيا، ويمارس نشاطه بطريقة طبيعية، وذلك مع دعوة السكان في روستوف لالتزام منازلهم، وغلق الحدود بين روستوف ودونيتسك، ومحاولة بعض مواقع التواصل الاجتماعي تداول ذلك فيما يخص العاصمة موسكو، وهو ما نفاه عمدة المدينة، إلا أن هناك إجراءات أخرى يتم اتخاذها منها حواجز التفتيش تثير مخاوف المواطنين، خاصة أنها عملية روسية خالصة، تنذر بشبح الحرب الأهلية، حتى إن كييف اعتبرتها فرصة، لنجاح هجومها المضاد الذي بدأته مع بداية شهر يونيو 2023 أملًا في استعادة الأراضي التي خسرتها منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير 2023.
وأكدت أنه بالرغم من المخاطر التي تعرضت لها الدولة الروسية جراء تمرد فاجنر فإنها فرصة لإحكام موسكو سيطرتها على الحركة المسلحة، وإعادة هيكلتها، وقصر مهامها على الخارج الروسي، فقد أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن تنفيذ خطتها للسيطرة على جميع المقاتلين في جبهات القتال عبر تعاقدات مباشرة معهم في موعد أقصاه الأول من يوليو، وهو ما أكد عليه الرئيس بوتين، وبموجب ذلك، يحصل المقاتلون المتطوعون على جميع المزايا والضمانات التي تحصل عليها القوات النظامية، بما في ذلك تقديم الدعم لهم ولعائلاتهم إذا أُصيبوا أو قتلوا أثناء العمليات العسكرية في أوكرانيا، أو في أي مكان آخر.





