تحدي القطب الشمالي 2023.. دلالات مناورات الناتو في مواجهة روسيا
تواصل دول
القارة العجوز لعبة القط والفأر مع روسيا بهدف تضييق الخناق عليها وحصارها، ويأتي أكبر
دليل على ذلك المناورات العسكرية التي يجريها حلف شمال الأطلسي "ناتو" في
القطب الشمالي واختار لها اسم «تحدي القطب الشمالي 2023»، في 29 مايو الماضي ولمدة
أسبوعين.
تحدي القطب الشمالي 2023
تشارك في
مناورات تحدي القطب الشمالي 2023، 150 طائرة مقاتلة من دول حلف الناتو على رأسها
الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا، إضافة إلى النرويج والسويد
وفنلندا، وتنطلق الطائرات من قاعدة بيركالا- تامبيري الفنلندية، وذلك بعد أيام من
إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن نقل أسلحة نووية تكتيكية من موسكو إلى
مينسك.
يؤكد الدكتور باسل الحاج جاسم، الباحث في الشؤون الروسية، أن هذه المناورات العسكرية تعكس القلق الغربي من التهديدات الروسية باللجوء إلى الخيار النووي ردًا على قيام حلف الناتو بتسليح ومساعدة أوكرانيا في حربها ضد موسكو، ما أربك الحسابات الروسية وأطال أمد الحرب المشتعلة منذ 24 فبراير 2022 ، مشيرًا إلى أن إعلان رئيس بيلاروسيا، ألكسندر لوكاشينكو، مؤخرًا مباشرة نقل أسلحة نووية تكتيكية من روسيا إلى بلاده، كانت بمثابة ضربة على مؤخرة الرأس للدول الغربية التي كانت تظن حديث الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، منذ فبراير 2022، عن اللجوء إلى الخيار النووي في الحرب ضد أوكرانيا ومن ورائها الدول الغربية، مجرد تهديد أجوف وحبر على ورق، كون الركون إلى استخدام الأسلحة النووية يشكل تهديدًا للعالم أجمع.
وأضاف الحاج في
تصريح لـ«المرجع» أن مناورات تحدي القطب الشمالي 2023 هي بمثابة رسالة
قوية من الدول الغربية إلى موسكو بأن التهديد قريب من أمنها القومي في أي وقت وعلى
مرمى حجر من حدودها، بمشاركة ثلاثة آلاف مقاتل، وهو رقم كبير في معادلات المناورات
القتالية والتدريبية، لا سيما وأن التدريبات التي تشهدها الدول الاسكندنافية تتم
في مدن روفانيمي وبيركالا الفنلندية، ولوليا السويدية وإيلان النرويجية، ولا سيما
أن التدريب يتضمن طلعتين يقوم بهما المقاتلون يوميًّا، وبشكل رئيسي في الأجزاء
الشمالية من فنلندا والنرويج والسويد، بمشاركة الجيش المولدوفي، ما يعزز من تحزيم
روسيا عسكريًّا بأنشطة وتدريبات عسكرية غربية مقلقة، مما يزيد من قلق ومخاوف موسكو
وخاصة أنه تستخدم نظام الاستطلاع أواكس الخاص بنظام الإنذار والتحكم الجوي، وكأنها
زمرة عالمية جوية وحشد عسكري يحاصر سماء الدب الروسي.
الأكبر تنظيمًا
وأشار الحاج إلى أن تلك المناورات تعد تنفيذًا عمليًّا لانضمام فنلندا إلى حلف الناتو، إذ أن سلاح الجو الفنلندي يتولى القيادة في تخطيط وقيادة الأنشطة التدريبية بالقطب الشمالي، ما يضرب بتهديدات روسيا عرض الحائط، مشيرًا إلى أن مناورات تحدي القطب الشمالي 2023، تضم هذه المرة 14 دولة منها 12 عضوًا في حلف شمال الأطلسي، بالإضافة إلى السويد الساعية للانضمام للحلف وسويسرا، وهو ما يجعلها الأكبر تنظيمًا في السنوات الأخيرة، وتشكل ردًا على القرارات الروسية والتحركات بنقل أسلحة نووية تكتيكية إلى بيلاروسيا بتنسيق مشترك ومتبادل بين موسكو ومينسك.
وأضاف الباحث في الشؤون الروسية، أن مناورات القطب الشمالي تؤكد قلق الدول الغربية، من التقدم الذي تحرزه روسيا على صعيد العمليات العسكرية في أوكرانيا، خاصة في باخموت وغيرها من المحاور المهمة، رغم الدعم الكبير الذي تقدمه دول حلف الناتو إلى كييف لوقف الزحف الروسي وكسر هيبة موسكو القتالية، ما يفسر إمداد الغرب الدولة الأوكرانية بذخائر لأسلحة وصواريخ طويلة المدى تصل إلى 300 كيلومتر قادرة على تهديد العمق الروسي، وبالتالي تأتي المناورات في إطار الصد والرد المتبادل بين روسيا والقوى الغربية؛ فالأخيرة أمدت أوكرانيا بأسلحة طويلة المدى، فردت موسكو بتحريك جزءٍ من ترسانتها النووية إلى قلب بيلاروسيا، لتجري واشنطن وحلفاؤها مناورات جوية بأحدث المقاتلات على مقربة من نفوذ موسكو في القطب الشمالي.
وأكد الدكتور باسل الحاج جاسم أن هذه المناورات تعد استعراضًا للقوة الغربية الجوية الكاسحة في مواجهة قرار نقل أسلحة نووية تكتيكية روسية لبيلاروسيا، إذ تعتبر تعبئة عسكرية وحشدًا جويًّا بأحدث المقاتلات التي تقتنيها الحظائر الغربية في مواجهة حدود الدب الروسي، في محاولة غربية لتطويق روسيا في مناطق السيطرة الشمالية كونها منشغلة على محاور القتال في أوكرانيا.





