يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

دلالات استهداف موسكو القواعد العسكرية المتاخمة للناتو

الثلاثاء 22/مارس/2022 - 01:29 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة
تعد الضربات العسكرية الروسية للقواعد العسكرية الأوكرانية المتاخمة لحدود دول حلف شمال الأطلسي «ناتو»، بمثابة رسالة إنذار شديدة اللهجة للولايات المتحدة الأمريكية، ودول الحلف، بأن موسكو لن تتراجع إلا بتحقيق أهدافها العسكرية كاملة في أوكرانيا، ولن يردعها في ذلك عقوبات غربية أو إمداد الدول الغربية لكييف بالسلاح.
دلالات استهداف موسكو
وأكدت الضربات العسكرية الروسية أن المحاولات الغربية لتوسيع دعمها العسكري لأوكرانيا لن يتم التسامح معها مستقبلًا، وهو ما يرفع تكلفة الاستمرار في تقديم هذا الدعم، ويأتي ذلك تنفيذًا لتهديدات روسيا على دعم أوكرانيا بالأسلحة، إذ قال سيرجي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، في 12 مارس 2022، إن القوافل العسكرية الغربية باتت أهدافًا شرعية، ونفذت روسيا في اليوم التالي مباشرة تهديداتها عبر ضرب قاعدة يافوريف العسكرية، قرب مدينة لفيف غرب البلاد بـ 30 صاروخًا، وتسبب في مقتل نحو 35 شخصًا وإصابة 60 آخرين.

الضربة الروسية تؤكد أن موسكو تسيطر على الأجواء الأوكرانية، بما في ذلك أقصى مناطق غرب البلد، والتي لا توجد فيها قوات روسية، إذ تقع القاعدة على بعد 25 كيلومترًا فقط من الحدود الأوكرانية البولندية المشتركة، فيما لم تقم موسكو بتنفيذ هذا الهجوم باستخدام الصواريخ الباليستية أو المجنحة، كما تعكس التحدي الروسي لنظم الدفاع الجوي الأمريكية المنشورة هناك، وعدم وجود مخاوف روسية من تعرض مقاتلاتها للاستهداف من منظومات الدفاع الأمريكية، خاصة أن واشنطن أعلنت إعادة نشر بطاريتين لصواريخ باتريوت من ألمانيا إلى بولندا، بالقرب من الحدود الأوكرانية – البولندية.

ويبلغ مدى المنظومة ما بين 70 و110 كيلومترات، أي أنه من الناحية التقنية كان من المفترض أن تتمكن واشنطن من تأمين القاعدة الواقعة على بعد 25 كيلومترًا فقط من الحدود البولندية، من أي ضربات لها، وهو ما لم يحدث، ما يعد رسالة لدول شرق أوروبا بأن نظم الدفاع الجوي الأمريكية، غير قادرة على تأمين هذه الدول في مواجهة موسكو، وهو ما قد يدفع الدول الأخرى إلى إعادة حساباتها وعدم الانجراف في دعم العمليات العسكرية في أوكرانيا على غرار بولندا.

الضربات الروسية تؤكد أن موسكو لن تسمح بتسليح أوكرانيا عبر حلف الناتو، وأن ذلك بالنسبة لها خطا أحمر لا يمكن تجاوزه، وأن أي محاولة لتهريب السلاح تضع العالم على المحك من خطورة التصعيد مع روسيا وتوسع نطاق الحرب في أوكرانيا بأن تضم الولايات المتحدة ودول الناتو مما يعنى أن العالم مقبل على حرب عالمية ثالثة، تأكل الأخضر واليابس.

يعد أكبر دليل على الإصرار الروسي على تحقيق أهدافها في أوكرانيا هو إعلان وسائل الإعلام الروسية أن القاعدة العسكرية التي تم قصفها تابعة لحلف شمال الأطلسي الناتو، بينما أشارت وسائل الإعلام الغربية إلى أن القاعدة كانت موقعًا لإمداد القوات الأوكرانية بالسلاح الآتي من دول غربية ومن الحلف فقط.

وظهر ذلك في التصريحات الأمريكية المهادنة لروسيا، إذ قال جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي، أن الهجوم الروسي قرب حدود بولندا يظهر فشل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا.

ويكشف التصريح الأمريكي سعي واشنطن التخفيف من حجم الهجوم، حتى لا تكون مجبرة على اتخاذ مواقف قوية ضد روسيا، خاصة أنها تدرك جيدًا أن أي تصعيد عسكري أمريكي يعني دخول واشنطن في حرب نووية مع موسكو، وهو سيناريو رفضه الرئيس الأمريكي جو بايدن، كما أكد البنتاجون، أنه لن يرسل قوات أمريكية إلى أوكرانيا، عقب الهجوم.
"