ad a b
ad ad ad

نظام جديد.. من يربح الصراع بين روسيا والولايات المتحدة في أوكرانيا؟

الأحد 27/مارس/2022 - 04:06 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة
تجسد الحرب «الروسية ــ الأوكرانية»، صراعًا بين الأقطاب الدولية، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، فإذا نجحت موسكو في حسم معركة كييف، فإن وزن واشنطن العسكري سيتراجع، كما أن إخفاق واشنطن في إقناع دول العالم المختلفة بالتماهي مع العقوبات الأمريكية ضد موسكو، يؤكد تراجع الهيمنة الأمريكية، على النظام الاقتصادي العالمي، ما يؤشر إلى انتهاء عصر القطب الأوحد الذي هيمنت عليه واشنطن نحو ثلاثة عقود منذ انهيار الاتحاد السوفيتي في ديسمبر 1991.

الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يرى أن حربه ضد أوكرانيا، حتمية للدفاع عن أمن بلاده القومي، وإيقاف تمدد حلف شمال الأطلسي ناتو، لتطويق روسيا عبر ضم الدول المجاورة لها مباشرة على غرار أوكرانيا وجورجيا، ومن ثم نشر قواعد عسكرية على طول الحدود الروسية من جميع الجهات، بصورة تخل بالردع النووي القائم بين الولايات المتحدة وروسيا لغير صالح الأخيرة.

وأكبر دليل على ذلك أن موسكو سعت منذ البداية، إلى التفاوض مع واشنطن بغرض إيجاد صيغة تقتضي بضمان حياد أوكرانيا، وهو ما تجاهله الغرب، حتى أن جوزيب بوريل، مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، اعترف بهذا الخطأ، مؤكدا أن الوعد بضم كل من جورجيا وأوكرانيا إلى حلف الناتو، لا يمكن الوفاء به. 

الارتباك كان سيد الموقف بالنسبة للجيش الروسي في أيام الحرب الأولى إذ فشل في اقتحام المدن الأوكرانية، نظرًا لوجود مقاومة دفعت موسكو لتعديل خططها العسكرية، فقد استندت أوكرانيا على نقل القوات إلى داخل المدن، وتوظيف الصواريخ المضادة للدروع والقناصة لإعاقة تقدم الجيش الروسي، وهو ما فطنت له موسكو وباتت تعدل من خططها، عبر فرض حصار على المدن الرئيسية، وقطع خطوط الإمداد عنها، وقصف المواقع العسكرية بها، ثم فتح ممرات إنسانية لإجلاء المدنيين منها، وذلك لتقليص الخسائر في صفوف المدنيين عند اقتحام المدن لمواجهة المقاتلين المتمركزين داخلها.

على الجانب الآخر سعت إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إلى قيادة المعسكر الغربي لرفع تكلفة الحرب على روسيا فأعلنت الدول الغربية فرض عقوبات غير مسبوقة على الاقتصاد الروسي، سواء عبر تجميد أرصدة البنك المركزي الروسي في الخارج، أو تقييد الصادرات الروسية إلى الدول الغربية، سواء بشكل جزئي، أو شامل، هذا إلى جانب إعلان خطط للتخلي التدريجي عن الغاز الروسي.

لكن تلك العقوبات لم تؤد إلى تركيع روسيا كما كان منتظر، لأنه وببساطة شديدة أي عقوبات يتم فرضها على دولة بحجم روسيا، ومركزية دورها في الاقتصاد العالمي، كمصدر للطاقة والسلع الغذائية والمعادن وغيرها، يجعل للعقوبات عليها ارتدادات عكسية على الدول الغربية، بل وعلى جميع دول العالم وهذا ما حدث فعلًا فقد ارتفعت أسعار الطاقة، ومن ثم التضخم في الدولة الغربية، وهو ما دفع الخبراء إلى التحذير بحدوث كساد كبير.

كما أثبت العقوبات الغربية فشل الرهان على غضب وسخط الشارع ضد الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين»، بصورة تحفز على الانقلاب ضده، بسبب تأزم الوضع الاقتصادي، وهذا يجافي المنطق فالرئيس الروسي بني شعبيته على محاولات إحياء روسيا القوية منذ نجح في إدارة حرب الشيشان الثانية.

وروجت الدول الغربية في بداية الصراع إلى أن العقوبات الاقتصادية وحرمان روسيا من التكنولوجيا الغربية سوف يكون له تأثير موجع على الاقتصاد الروسي على المدى الطويل.

الحسابات الأمريكية الغربية، تجاهلت التقدم الكبير الذي أصبحت روسيا عليه، على مدار السنوات الأخيرة الماضية، فقد تمكنت موسكو من تطوير صواريخ فرط صوتية، وهو ما عجزت عنه واشنطن، حتى الآن، وذلك على الرغم من إنفاقها العسكري الذي يقارب ثلث الإنفاق العسكري العالمي.

كما فشلت واشنطن في محاولات الضغط على دول العالم لقطع علاقاتها الاقتصادية مع روسيا وعلى رأسهم الصين والهند، ولكنهم فضلوا تبني موقف الحياد حيال الأزمة، وحذرت الصين الولايات المتحدة من محاولة فرض عقوبات أحادية عليها، وأكدت أنها ستحمي بقوة الحقوق والمصالح المشروعة للشركات والأفراد الصينيين، وهو ما يؤشر على أن بكين ستتجه إلى فرض عقوبات ضد واشنطن في حالة قررت الأخيرة فرض عقوبات، كما اتجهت الهند إلى تحدي واشنطن بشكل صريح، وذلك عبر إعلانها تفاوضها مع موسكو على إقامة نظام ثنائي للتجارة وتبادل المدفوعات بالعملات الوطنية.

وبالنظر إلى ما سبق نجد أن العالم مقبل على نظام جديد متعدد الأقطاب عقب الحرب الروسية الأوكرانية لن تكون الولايات المتحدة هي القوة الوحيدة المهيمنة، وخاصة بعد أن فقدت السيطرة على الكثير من قواعد اللعبة.

الكلمات المفتاحية

"