دلالات الهجمات الأوكرانية الأخيرة على موسكو
السبت 24/يونيو/2023 - 06:30 م
محمود البتاكوشي
تشهد المرحلة الأخيرة من القتال والحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا والتي بدأت في 24 فبراير 2022، تصعيدًا أوكرانيًّا مفاجئًا بشن ضربات نوعية في قلب موسكو لدرجة محاولة اغتيال القيصر فلاديمير بوتين رئيس روسيا، باستخدام الطائرات المسيرة، مما يشير إلى رغبة كييف في تشتيت الجيش الروسي والعمل على استهداف البنية التحتية قبيل الهجوم الأوكراني المرتقب، على الرغم من تكلفتها الباهظة، إذ تلجأ روسيا للرد عليها عبر تنفيذ سلسلة هجمات قوية ضد العاصمة الأوكرانية كييف، وغيرها من المناطق الأوكرانية، مما يؤكد أن الأيام المقبلة حبلى بمزيد من التصعيد.
إستراتيجية الجيش الروسي
كان الجيش الروسي قد أعلن مؤخرًا نجاحه في إسقاط 8 طائرات مسيرة حاولت الهجوم على موسكو لضرب أهداف حيوية وإستراتيجية، عبر تعطيل 3 منها بواسطة الأجهزة الإلكترونية، وإسقاط الطائرات الأخرى بأنظمة صواريخ بانتسيرأس أرض جو داخل العاصمة الروسية، كما شنت القوات الأوكرانية سلسلة الهجمات بطائرات مسيرة على مرافق لأنابيب النفط داخل روسيا، بما في ذلك محطة ترانسنفت في منطقة بيسكوف، والتي تخدم خط أنابيب النفط الضخم دروجبا، الذي ينقل النفط الخام من سيبيريا إلى أوروبا، فضلًا عن استهداف خطوط الكهرباء في منطقة بيلغورود الروسية المحاذية لأوكرانيا، وهو ما أدى إلى اندلاع حريق في شركتين كبيرتين، ومنذ أيام أعلن حاكم إقليم كراسنودار الروسي حدوث حريق بسبب هجوم بمسيرة أوكرانية على مصفاة أفيبسك لتكرير النفط قرب عاصمة الإقليم.
سيطرة روسية
في هذا السياق أكد الباحث في الشأن الدولي، أحمد العناني، أن تصاعد الهجوم الأوكراني على الداخل الروسي له العديد من الدلالات، إذ تبرهن بما لا يدع مجالًا للشك الدعم الغربي المتواصل وغير المحدود الساعي لحرمان روسيا من تحقيق نصر خوفًا من التمدد الروسي، ولا سيما مع تأكيد موسكو على رغبتها خلال الأيام القليلة الماضية في السيطرة الكاملة على ما تبقى من إقليم دونيتسك، وخاصة أن سقوط باخموت بأيدي روسيا سيفتح الطريق أمام الجيش الروسي للتقدم نحو مدينتي كراماتورسك وسلوفيانسك، وهما من المدن الرئيسية في إقليم دونيتسك، وبذلك تحكم سيطرتها على الإقليم، الذي يعد أحد الأقاليم الأوكرانية الأربعة التي تم الإعلان عن ضمها إلى الدب الروسي، وذلك يعتبر تهديدًا حقيقيًّا للمصالح الأمريكية الأوروبية.
عقوبات على موسكو
وأضاف العناني، أن تكثيف هجمات أوكرانيا في الداخل الروسي تؤكد رغبة كييف المدعومة من الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، في بث الرعب في نفوس الشعب الروسي أملًا في خلق حالة من عدم الرضا ضد نظام القيصر بوتين.
وأشار الباحث في الشأن الدولي إلى أن كييف تحاول الحصول على أي مكسب رمزي عقب إحكام قوات الجيش الروسي سيطرته على مدينة باخموت الإستراتيجية، التي شهدت مقاومة كبيرة امتدت أكثر من 7 أشهر، لذا تحاول أن تثبت لموسكو أنها قادرة على استعادة مزيد من الأراضي التي سيطرت عليها روسيا، حتى لا تصبح كارتًا محروقًا بالنسبة للدول الغربية التي تدعمها سواء بالأسلحة والمعلومات الاستخباراتية أو المساعدات الغذائية.
وأكد العناني أن أوكرانيا تدرك جيدًا خطورة عدم تحقيقها أي نصر أو مكسب حتى لو كان معنويًّا إذ إن شعوب الدول الغربية باتت تعبر عن استيائها من توجيه جزء من أموالها لصالح أوكرانيا لمواجهة روسيا، أو الإصرار على فرض عقوبات اقتصادية على موسكو، لأن ذلك كانت له نتائج كارثية على المواطن الغربي الذي اكتوى بنيران هذه الحرب المشتعلة منذ أكثر من عام، مما يجعلهم يضغطون بقوة على حكوماتهم من أجل إيجاد صيغة لحل الصراع الروسي الأوكراني بصورة سلمية، حتى وإن كان ذلك على حساب تتنازل أوكرانيا عن بعض أراضيها لصالح روسيا، مما يؤدي حتمًا إلى انهيار أحلام الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وينذر بنهاية حكمه.





