ad a b
ad ad ad

أسباب تأخر الحسم الروسي وهل تنجح محاولات «أفغنة» أوكرانيا؟

الأحد 13/مارس/2022 - 04:47 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة
تتواصل العملية العسكرية الروسية، في أوكرانيا، دون أن تتمكن موسكو من حسم المعركة لصالحها أو تسيطر بصور سريعة على مدن أوكرانيا الكبرى، بصورة دفع البعض إلى التشكيك في تحقيق روسيا أهدافها من الأساس.
أسباب تأخر الحسم
كثيرون كانوا يتوقعون عملية عسكرية خاطفة كما حدث في شبه جزيرة القرم عام 2014، ولكنهم فوجئوا بمقاومة شرسة من الجانب الأوكراني وبطء ملحوظ من قبل القوات الروسية، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل لعل أهمها عدم رغبة القيادة الروسية في خوض معارك مباشرة داخل المدن الأوكرانية والاكتفاء بمحاصرتها وخصوصًا المدن الثلاث الأساسية التي تمثل الثقل الاستراتيجي للدولة، وهي العاصمة كييف ومدينتي اوديسا وخاركوف، لتجنب سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين خشية استخدام المسألة في المعركة الإعلامية بشكل أكبر ممّا يحدث الآن.

ظاهرة الراسبوتيتسا

ظاهرة الراسبوتيتسا، المنتشرة في روسيا وأوكرانيا والتي تسمى بجنرال الوحل، وهي ظاهرة طبيعية ناتجة عن ذوبان الثلوج في الربيع وتصبح معها الطرق موحلة للغاية، ما يعطل سير المركبات ويشل حركاتها وهذا ما يحدث حاليا في أوكرانيا إذ تظهر الأقمار الصناعية وجود طابور عسكري عملاق على مشارف العاصمة الأوكرانية كييف يبلغ طوله نحو 64 كيلومترًا في شمال كييف، تشكل تلك الظاهرة أزمة كبيرة لروسيا، إذ نفذ الوقود من الرتل الأقرب للعاصمة كييف كما نفذت طاقة بطاريات العربات فضلًا عن بطء خطوط الإمداد بسبب الزحام.

وظهرت خطورة ذلك جليًّا عندما وصل بعض القادة الروس إلى مطلع الرتل لفض هذا الازدحام، وكان القناصة الأوكرانيون لهم بالمرصاد، حيث تواردت أنباء عن مقتل اللواء أندري سوخوفتسكي من قوات النخبة الروسية سبيتسناز، أنائب قائد الجيش الحادي والأربعين في نوفوسيبرسك.

وما يزيد الأمر سوءًا أن الروس حاولوا السيطرة على قواعد جوية أوكرانية قريبة من كييف، في محاولة لبناء جسر جوي لتموين الرتل العسكري القادم من الشمال، لكنهم فشلوا في إحكام قبضتهم مطولًا على تلك القواعد، إذ تمكنت القوات الأوكرانية من استعادة السيطرة عليها.

ويؤكد التعثر الروسي تصريحات مايك مالروي نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي سابقًا، الذي أكد أن الجيش الأوكراني كان فعالًا للغاية في استهداف خطوط الإمداد، ما أضر بقدرة الروس في تحقيق المتطلبات اللوجستية، مشيرًا إلى أن وضع موسكو قواتها النووية في حال تأهب تصرف طائش ومؤشر واضح إلى أن الرئيس الروسي فلاديميير بوتين يدرك أن أداء الجيش الأوكراني خالف التوقعات.

ومن جهته، قال أحد كبار المسؤولين الأمريكيين إن روسيا توقعت نصرًا سريعًا، وربما لذلك أهملت التخطيط لكيفية إمداد قواتها بشكل كاف، موضحًا بأن خطوط الإمداد إحدى نقاط الضعف التي تواجه الجيش الروسي.
أسباب تأخر الحسم
أفغنة أوكرانيا

وأكبر ما يقلق موسكو هي محاولات الولايات المتحدة الأمريكية، أفغنة أوكرانيا كما فعلت بأفغانستان في ثمانينات القرن الماضي، حيث سارعت واشنطن إلى احتضان المجاهدين المحليين، ولاحقًا متعددي الجنسية، ومدّهم بالدعم الذي أنهك موسكو، واضطرها إلى الانسحاب بعد عشر سنوات، والآن تتجه إدارة الرئيس بايدن نحو تكرار تلك التجربة في أوكرانيا.

ولذلك ليس غريبًا ما صرح به الجنرال المتقاعد باري ماكغفري، أنه يتوقع استمرار الحرب «الروسية ــ الأوكرانية» 10 سنوات، ففي الأيام الأخيرة، جرى التركيز في واشنطن بشكل بارز على جولات القتال التي خاضتها القوات العسكرية والمدنية الأوكرانية في أكثر من منطقة، والتي حسب التقارير، كبّدت القوات الروسية خسائر كبيرة نسبيًّا، اعترفت موسكو ببعضها، ومنها سقوط قرابة 500 قتيل في غضون أسبوع من الجنود الروس، وفق أرقام وزارة الدفاع الروسية.

وأفاض المراقبون والعسكريون في الإشادة والإعجاب بمدى فعالية وشجاعة التصدي لقوات متفوقة في العدّة والعدد.

ويتزامن مع ذلك تعهد الرئيس الأمريكي جون بايدن، بعدم المشاركة أو القيام بأي دور عسكري أمريكي مباشر ضد الروس، ولا فرض حظر جوي فوق أوكرانيا، والاكتفاء بالمساندة، وتوفير المعلومات الاستخباراتية والمساعدة الأمنية لتمكين أوكرانيا من الدفاع عن نفسها، وبذلك ترسم واشنطن إطار المواجهة القادمة بما هي صراع مسلح بين قوة محتلة وقوة محلية بعد انضمام عناصر الجيش إليها، مما يؤكد المخطط الأمريكي لأفغنة أوكرانيا.

بالنظر إلى المعطيات السابقة، نجد أن الولايات المتحدة تجاهلت الكثير من الأمور في مخطط أفغنة أوكرانيا، ولعل أهمها الطبيعة الجبلية التي كانت تميز أفغانستان بعكس أوكرانيا، بالإضافة إلى أن روسيا باتت متمرسة في حروب العصابات والمدن وقادرة على تحريك المرتزقة والمقاتلين المحترفين من الشيشان ومقاتلي دونيتسك، فضلا عن عناصر شركة فاجنر الروسية الذي توافدوا مؤخرًا على أوكرانيا استعدادًا لهذا السيناريو لذا من المتوقع فشل الخطة الأمريكية بتكرار سيناريو أفغانستان في أوكرانيا.

الكلمات المفتاحية

"