موريتانيا على أعتاب أزمة سياسية غير مسبوقة
بعد تحقيق الحزب الحاكم في موريتانيا
الذي يتزعمه الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، فوزًا كبيرًا في الانتخابات
البرلمانية بالبلاد، ثارت الشكوك حول صحة تلك الانتخابات، ومدى تعرضها إلى عملية
تزوير كبيرة، إذ وصفت المعارضة الانتخابات بانها "انتحال كبير" من
قبل السلطة تجاه المواطنين الأبرياء، فيما استنكر أكثر من عشرة أحزاب من الأغلبية أوجه
القصور وضعف أداء لجنة الانتخابات المستقلة ودعتها إلى إعادة التصويت في عموم
البلاد، كما قررت أطياف المعارضة النزول إلى الشوارع في مهرجان احتجاجي الخميس 25
مايو 2023.
هدفت
الانتخابات الموريتانية إلى اختيار 176 نائبًا و 13 مجلسًا جهويًّا و 238 مجلسًا
بلديًّا قبل عام واحد من الانتخابات الرئاسية.
وحصل حزب الأغلبية الرئاسي "إنصاف" بزعامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي يتولى السلطة منذ أغسطس 2019، على 80 مقعدًا في مجلس النواب، بحسب النتائج التي تلاها رئيس المفوضية الوطنية المستقلة للانتخابات، فيما فاز عشرة من أعضاء الحركة الرئاسية بـ 36 مقعدًا، وفازت المعارضة بـ 24 مقعدًا ، تسعة منها لحزبها الرئيسي "الاتصال الإسلامي".
مصادقة المحكمة العليا
وبالمثل؛ فاز
الحزب الحاكم بـ13 مجلسًا جهويًّا وتقدم في 165 بلدية من أصل 238. بينما
وزعت أحزاب الأغلبية الرئاسية والمعارضة بقية المقاعد البلدية. وبلغت نسبة
المشاركة 71.8 بالمئة في هذه الانتخابات التي شارك فيها 25 حزبًا سياسيًّا.
أشعل هذا غضب المعارضة
بالتزامن مع تحذيرات من اندلاع أزمة سياسية حادة، إذا لم تتم معالجة الأزمة
الانتخابية الحالية في إطار استشاري، بالإضافة إلى مطالب أخرى مثل عقد اجتماع
للجهات المسؤولة عن الانتخابات لحل القضية قبل بدء الدورة الثانية، وناشد آخرون
رئيس الدولة بالتدخل.
وتعد هذه أول
انتخابات تجرى في عهد الرئيس الغزواني الذي وصل القصر الرئاسي عام 2019 خلفًا لمحمد
ولد عبد العزيز.
أزمة سياسية
تقول سمر
عبدالله، الباحثة في الشأن الأفريقي، إن موريتانيا على شفا أزمة سياسية غير
مسبوقة، مؤكدة أن اتهامات التزوير للانتخابات النيابية والمحلية يجب أخذها على
محمل الجد قبل أن يزداد الوضع اشتعالًا، مضيفة أن خطوة إقامة مؤتمر جماهيري من
قِبل المعارضة الموريتانية لعرض الأزمة على المواطنين قد تشعل شوارع نواكشوط بين
ليلة وضحاها وربما هذا ما جعل المعارضة تتحدث عن مؤتمر جماهيري دون تحديد موعد.
وأضافت في
تصريح خاص لـ«المرجع»، أن الحل يكمن في بادئ الأمر بعقد اجتماع ثلاثي يضم لجنة
الانتخابات والحكومة والأحزاب، كي تتجنب البلاد عواقب وخيمة، خاصة أن أحزاب
"اتحاد قوى التقدم، وتكتل القوى الديمقراطية، والتحالف الشعبي التقدمي، وحزب
الصواب، والتجمع الوطني للإصلاح والتنمية، والجبهة الجمهورية" لها ثِقل قد
يهدد الحزب الحاكم في أي لحظة.
وأشارت الباحثة
في الشأن الأفريقي، إلى أن إعادة الانتخاب ينبغي ألا يتم في مناطق محدودة فقط، بل
في البلاد بأكملها، لدحض ادعاءات التزوير، كما يجب أخذ دلائل تزوير الانتخابات على
محمل الجد والتحقيق فيها ومحاسبة المتورط، لأن السيناريو الآخر سيكون مرعبًا
للجميع.





