حكومة «بلا إخوان».. موريتانيا تُنحي الجماعة عن المشهد السياسي
اختار رئيس الوزراء الموريتاني الجديد، إسماعيل ولد بده ولد الشيخ سيديا، بعد أسبوع من تكليفه، أعضاء حكومته المؤلفة من 25 وزيرًا، بينهم خمس نساء مقابل سبع في الحكومة السابقة، ومن مفوضين حكوميين اثنين مكلفين بحقوق الإنسان والأمن الغذائي، والتي أبقى فيها وزراء سابقين من عهد الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز في حقائب أساسية، ومنح في الوقت نفسه دورًا لشخصيات تكنوقراط قريبة من الحزب الحاكم.
وغابت عن الحكومة الجديدة أحزاب المعارضة، منها حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية «تواصل»، الذراع السياسية لجماعة الإخوان في موريتانيا، وهو الحزب المحسوب على المرشح محمد ولد بوبكر، المدعوم من الدوحة، والذي حل ثالثًا في نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
كما خلت الحكومة من تمثيل لوزراء محسوبين على أحزاب المعارضة التي دعمت الرئيس محمد ولد الغزواني، وبعض الشخصيات التي كانت وازنة في أحزاب المعارضة واستقالت منها لدعم «الغزاوني»، كما كان تمثيل حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم ضعيفًا، بالمقارنة مع هيمنته على الأغلبية في البرلمان، وهو ما يبرره محللون بمحاولة الرئيس الابتعاد عن محاصصة سياسية لا يمكنه فيها إرضاء الجميع.
وأثار تمثيل المرأة في الحكومة الجديدة انتقادات ناشطات نسويات موريتانيات، اعتبرن ذلك تراجعًا في مستوى حضور المرأة في مراكز صنع القرار، إذ أسندت إلى المرأة في حكم الرئيس السابق 7 حقائب وزارية، وهو أكبر رقم وصلت إليه في تاريخ البلاد السياسي.
من جهة أخرى، حاول الرئيس في حكومته الجديدة إدخال وجوه جديدة من ذوي الكفاءات، إذ كان خمسة من الوزراء الجدد يعملون في منظمات دولية، من ضمنها البنك الدولي و«اليونيسيف» وهيئات إقليمية وقارية أخرى، بينما تحمل إحدى الوزيرات الجنسية الألمانية، لكونها تنحدر من أب موريتاني وأم ألمانية.
ويراهن الموريتانيون على هذه الكفاءات من أجل تجاوز المشكلات الاقتصادية التي تمر بها البلاد، ومحاربة الفساد الذي ينخر الحكومة، وتحقيق إصلاح شامل في قطاعات الخدمات الأساسية من تعليم وصحة وتشغيل، لكن التحديات التي تنتظر الحكومة كبيرة، ويزيد من حجمها قلة تجربة أغلب الوزراء في العمل الحكومي.
ويشارك في هذه الحكومة ستة وزراء كانوا في عداد الحكومة السابقة، بينهم أربعة حافظوا على حقائبهم، وهم بحسب مرسوم رئاسي: وزير الخارجية إسماعيل ولد الشيخ أحمد، ووزير الصيد والاقتصاد البحري الناني ولد اشروقه، ووزير التعليم العالي سيدي ولد سالم، ووزير البترول والطاقة محمد ولد عبد الفتاح.
بدوره، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي الموريتاني مختار عبدو، أن جماعة الإخوان في موريتانيا تمر بأزمات داخلية تجعلها عاجزة عن الظهور في المشهد السياسي، مشيرًا إلى أن الأزمة الحالية التي يعاني منها الإخوان تعكس استمرار أزمة الثقة بين المستويات القيادية في التنظيم، وهو ما يتجسد في الانشقاقات المتلاحقة في الجماعة.
وأشار «عبدو» في تصريحات صحفية، إلى أن صعوبة المرحلة التي يمر بها حزب «تواصل» الإخواني تتجسد في كونها تعكس صراعًا في الهرم القيادي للتنظيم ما يؤدي إليه ذلك من تلاشي شعبيته المتأثرة بالفعل بالضربات الأخيرة التي تعرض لها التنظيم إبان مرحلة التحضير للرئاسيات الماضية.





