ما بعد فوز الغزواني برئاسة موريتانيا.. الإخوان بين المعارضة اللينة واحتواء الخصوم
في خطابه الأول، خلال حفل
تنصيبه رئيسًا لموريتانيا، وعد محمد ولد الغزواني، بأنه سيكون رئيسًا لجميع
الموريتانيين، مهما اختلفت انتماءاتهم السياسية، مؤكدًا أن هدفه الأوحد هو خدمتهم
جميعًا، موجهًا الشكر لمن صوّت له، ومن ذهب نحو خيارات أخرى، قائلًا إنه يفهم دلالتها.
كان لخطاب «الغزواني» أثرًا على حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية «تواصل»، امتداد جماعة الإخوان في موريتانيا؛ لاسيما أن الرئيس الجديد لم يهاجم الجماعة، بل اتبع سياسة احتواء الخصوم، مشددًا على نيته تعزيز قنوات التواصل مع الفرقاء السياسيين كافة، سواء عن طريق الأحزاب أو مؤسسة المعارضة الديمقراطية، مُشيرًا إلى أنه سيكون «منفتحًا على الطيف السياسي كافة».
وأشار الرئيس الموريتاني
إلى أن العمل على تقوية اللحمة الوطنية سيكون أولويته؛ مشيرًا إلى
أنه سيعمل بحزم على وحدة الانتماء والمصير وتثمين المشترك.
الخطاب ومردوده السياسي
كأول رد فعل على الخطاب الرئاسي الموريتاني، قال محمد جميل منصور، الرئيس السابق لحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية: «لا أجد حرجًا – مهما كانت الملاحظات والانتقادات – في تحية الرئيس المنصرف محمد ولد عبد العزيز على وفائه باحترام الدستور في مواده المحصنة ذات الصلة بالتداول على السلطة ومنع المأمورية الثالثة».
وأضاف ولد منصور، الذي يشغل حاليًّا مقعدًا في المجلس الجهوي لنواكشوط، إن خطاب الرئيس الجديد حمل ما سماه «آمالًا كبيرة ووعودًا مُغرية»، معتبرًا أن تجديد هذه الوعود والآمال وهو يتسلم عمليا رئاسة الجمهورية «رسالة مطمئنة وتبعث على انتظارية إيجابية»، مؤكدًا أن «الامتحان الكبير هو في التطبيق والتنزيل».
وخلص ولد منصور إلى القول إن «البلاد تحتاج إلى نمط جديد في العلاقة بين الفرقاء، قاعدته تطبيع العلاقات السياسية ومظهره التواصل والحوار».
فيما أصدر حزب «تواصل» بيانًا رسميًّا، دعا خلاله النظام والأطراف السياسية من كل الاتجاهات، للدخول في «حوار شامل وجدي لتخطي الأزمات»، مُعلنًا أنه سيتمسك بخط المعارضة.
وعن دلالات تهنئة «منصور» للرئيس الموريتاني مقابل موقف الحزب المعاكس، قال الكاتب والمحلل السياسي يسلم ولد محمد أحمد: إن الصراع الجديد في صفوف تنظيم الإخوان هو الأقوى بسبب اتخاذه طابعًا جغرافيًّا، وإذكائه للخلافات التقليدية بين تيارات في الحركة متصارعين على النفوذ والهيمنة.
وأشار في تصريح صحفي، إلى أن استمرار تعاظم النفوذ المالي والشعبي لما يُعرف بـ«تيار الشرق» داخل حركة الإخوان الإرهابية، وسيطرته على قيادة الحزب خلال الفترة الأخيرة، وما يقابله من رفض التيار التقليدي المسيطر على التنظيم، والمعروف بـ«تيار الغرب» الذي يقوده رئيس الحزب السابق محمد جميل منصور، والذي لايزال يحاول إضفاء بصمته على مختلف قرارات الحزب رغم تراجع نفوذه خلال الفترة الأخيرة.
وتوقع «ولد محمد» أن تؤدي الخلافات الحالية غير المسبوقة في تاريخ التنظيم الإرهابي إلى المزيد من الانهيار والانشقاقات في صفوف التنظيم، وهو على أعتاب مرحلة سياسية مهمة من تاريخ البلد.





