«نهر هلمند».. خلاف قديم بين طهران وكابل يهدد علاقة الملالي بطالبان
الخميس 01/يونيو/2023 - 06:24 م
نورا بنداري
ظهرت بوادر أزمة خلال الأيام القليلة الماضية بين نظام الملالي وحليفه الأفغاني الممثل في «حركة طالبان» المسيطرة على الحكم في أفغانستان، وذلك بسبب مطالبة إيران لكابل بالحصول على حصتها المائية من «نهر هلمند» (هيرمند) الذي يقع جنوب غربي أفغانستان وشرقي إيران، وفقًا لاتفاقية موقعة بين حكومتي البلدين في مارس 1973، والتي تقضي بأن تضخ أفغانستان (820) مليون لتر مكعب من المياه من هذا النهر إلى إيران كل عام، إذ يعد هذا النهر هو أهم مورد ماء للبلدين، ولكن أفغانستان حتى الوقت الراهن تتعنت في الالتزام بحصة إيران من النهر، وذلك بسبب اتجاهها لبناء السدود، مثل، سدود سلمى وكمال خان باشدان وبخش آباد.
خلاف قديم
وتجدر الإشارة إلى أن هذا الخلاف القديم الذي يعود إلى القرن ونصف، شهد صراعات عدة بين الطرفين، ووساطات من بعض الأطراف نجحت أحيانًا في احتواء الموقف وإبرام مفاوضات بين الجانبين ساهمت في التهدئة، وقد عاد إلى الواجهة مرة أخرى بعد أن أعلنت حكومة طالبان مطلع مايو الحالي، استئناف العمل في بناء السدود، خاصة سد "بخش آباد" الواقع في إقليم فرح الأفغاني المجاور لإيران، وهو القرار الذي قوبل باعتراض شديد من قبل السلطة الإيرانية، ووجهت تحذيرات عدة إلى «طالبان» من الاستمرار في هذا الأمر.
تحذيرات إيرانية
وكانت البداية في 19 مايو 2023، إذ وجه وزير الخارجية الإيراني «حسين أمير عبداللهيان» تحذير شديد اللهجة لأفغانستان، وشدد أن بلاده ينبغي أن تحصل على "حقها الطبيعي" في نهر هيلمند وفقًا للاتفاق الموقع، وإلا ستتجه إلى استخدام أسلوب الضغط لإجبار الحكومة الأفغانية على ذلك، وفي 20 مايو الحالي، قال «حسن كاظمي» القائم بأعمال السفارة الإيرانية في أفغانستان، "لو ثبت منع طالبان عن إعطاء إيران حصتها من مياه نهر هلمند فعليها أن تتحمل المسؤولية وحينها تكون الحجة قد تمت وتعرف الحكومة الإيرانية كيف تتصرف".
طرد اللاجئين الأفغان
ومع استمرار تعنت «طالبان» وعدم الرضوخ لأية مطالبات إيرانية، فقد شدد رئيس البرلمان الإيراني «محمد باقر قالبياف» في جلسة بالبرلمان في 21 مايو الحالي، على أن بلاده لن تتنازل عن المطالبة بحصتهامن نهر هلمند، بل وهدد بأنه في حال لم يحدث ذلك، فإن طهران ستتجه إلى خيار آخر يتمحور في "طرد اللاجئين الأفغان" إذ يوجد بالأراضي الإيراني أكثر من (7) ملايين مواطن أفغاني.
أسامة الهتيمي
مؤامرة جديدة
وهذه التحذيرات، دفعت وسائل الإعلام الإيرانية إلى دعوة حكومة الرئيس «إبراهيم رئيسي» إلى التعامل بحذر مع هذه القضية، التي اعتبروه بمثابة "مؤامرة" من قبل «طالبان» بل وطالبوهم بإعادة تصحيح علاقاتهم الخاطئة مع الجماعة الأفغانية، خاصة بعدما وجهت الأخيرة تحذيرًا إلى إيران من "زيادة التوتر".
خلاف روتيني
وفي ضوء ذلك، يبقي التساؤل هل يتسبب الخلاف القديم في القطيعة بين «طالبان» وإيران؟، وللإجابة عن هذا التساؤل، يقول «أسامة الهتيمي» الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، أن هذا التصعيد "روتيني" تكرر عدة مرات على مدار العقود الماضية يعقبه بطبيعة الحال حوار بين البلدين للتوصل لصيغة مرضية ولو بشكل مؤقت تسمح أفغانستان بموجبه بمرور نسبة لا بأس بها من المياه إلى إيران.
ولفت «الهتيمي» في تصريح خاص لـ«المرجع» إلى أنه ليس من المرجح أن يرقى الخلاف بين إيران وطالبان إلى حد الحرب أو النزاع المسلح فكل منهما يمتلك أدوات أخرى في حال استمر تصعيد الخلاف أو استشعر أحد الطرفين إصرار الطرف الآخر على عدم التحلي بالمرونة في التعاطي مع ملف مياه نهر هلمند، فيما أن قراءة تاريخ إدارة هذا الخلاف تشي بأن نهج كلتا الدولتين يميل إلى تغليب الأسلوب الدبلوماسي على ما عداه في التعامل مع هذا الملف.
حرب أهلية
ومن جهته، يوضح الدكتور «مسعود إبراهيم حسن» أن قضية المياه تعد من أهم القضايا السياسية والإستراتيجية التي تواجه النظام الإيراني خلال المرحلة الأخيرة، لأن العقد الأخير عانت إيران كثيرًا من عملية "شح المياه" وهذا كان سببًا في اندلاع بعض الانتفاضات في البلاد خاصة بمنطقة الأحواز التي عانت الجفاف فترة من الزمن لدرجة أن الزراعة قد تأثيرت بشدة مما دفع سلطات الملالي لتحويل مجرى النهر من هذه الأماكن إلى مناطق أخرى.
وأفاد «حسن» في تصريح خاص لـ«المرجع» أن عودة الصراعات والمشكلات بين إيران وأفغانستان إلى الواجهة مرة أخرى خاصة بعد بعد مجيء طالبان إلى الحكم، قد يتسبب في اندلاع أزمة جراء استمرار أفغانستان في بناء السدود وفشل جميع الجولات الدبلوماسية التي قامت بها إيران للتوصل لحل بشأن ذلك، وهو ما قد يؤدي إلى صراعات وحروب أهلية.





