من القمع للتهجير.. مخطط طهران للتغيير الديموغرافي بالأحواز العربية
لم تعد أبعاد المخطط الفارسي للتغيير الديموغرافي بإقليم الأحواز العربية المحتل، ذات سرية أو خصوصية، فقد باتت المؤامرة واضحة المعالم ومكتملة الأركان، وصار المخطط مفضوحًا ومكشوفًا أكثر منه سريًّا؛ حيث استغلت طهران السيول التي اجتاحت المنطقة ونفذت عمليات إجلاء شملت عشرات الآلاف، انتقلوا إلى أماكن إيواء طارئة وفرتها الحكومة.
وبحسب وكالة إرنا الحكومية، تسببت الفيضانات في تشريد نحو 500 ألف شخص في الأحواز بعدما غمرت المياه أكثر من 250 قرية في عشرات البلدات والمدن، بحسب المنظمة الأحوازية لحقوق الإنسان.
وفتحت السلطات منافذ 5 من السدود على المدن و القرى العربية؛ ما يهدد بتهجير أكثر من مليون ونصف المليون من المواطنين، بعد إغراق قرى في قضاء الخفاجية ومدينة الرفيع وفي محيط مدن الأحواز وتُستر.
ونقلت وكالة تسنيم تبرير حاكم المحافظة غلام رضا شريعتي أمر الإخلاء بأنه «وقائي واحتياطي؛ بهدف تجنب أي خطر على السكان».
لكن السلطات تتخذ تطوير حقول النفط أيضًا كذريعة لتجفيف المياه، كما حدث في هور الحويزة الحدودي مع العراق، وتم أيضًا منع عودة أهالي قرى حدودية بعدالحرب العراقية - الإيرانية تحت ذريعة انتشار حقول الألغام.
مخطط قديم
تم تسريب وثيقة تدعى «المشروع الأمني الشامل لمحافظة خوزستان» وهي عبارة عن «خطة أمنية شاملة» تهدف لـ«قمع الحركات السياسية» و«استمرار مخطط التغيير الديمغرافي وتهجير العرب» و«جلب المزيد من الفرس من باقي المحافظات لتوطينهم في الإقليم»، وبناء تدشين مستوطنات ومدن جديدة ورصد النشاط الحقوقي والدبلوماسي للنشطاء العرب في داخل الإقليم وفي الخارج، وقمع أي أصوات تنادي بالانفصال أو الفدرالية، وتأسيس وسائل إعلام باللغة العربية.
وتمت المصادقة على المشروع خلال اجتماع اللجنة العليا المشرفة عليه في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، بتاريخ 27 أبريل 2014 ترأسه عبدالرضا رحماني فضلي، وزير الداخلية الإيراني بحكومة حسن روحاني.
وضمت اللجنة المساعد الأول للرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري، ووزير الداخلية ووزير الاستخبارات ومساعديه في الشؤون الأمنية والاستخبارات، وقائد قوى الأمن الداخلي في الإقليم، ورئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون بالمحافظة.
وتم تشكيل 5 لجان للعمل على مدى 5 سنوات تبدأ من 2014 وحتى 2019، وتقدم اللجان تقريرًا كل 6 أشهر لأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، المشرف العام على المشروع.
ويأتي هذا المشروع استمرارًا لما ورد في وثيقة مسربة عام 2005 حملت توقيع محمد علي أبطحي مدير مكتب الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، تسببت في احتجاجات واسعة سميت بـ«انتفاضة نيسان» آنذاك، سقط خلالها العشرات من القتلى، رغم نفي أبطحي لصحة الوثيقة.
كما يوصي المخطط باستقدام الميليشيات الشيعية من أجل المساهمة في تنفيذ المشروع وبالفعل كان دخول قوات «الحشد الشعبي» العراقي للمحافظة مصداقًا لما تم الاعلان عنه من قبل.
وأقدمت السلطات على بناء أكثر من 25 سدًّا على نهر كارون، و7 سدود على نهر الكرخة، و8 سدود على نهر الجراحي، إضافة الى نقل المياه بواسطة الأنفاق إلى المحافظات الداخلية في إيران؛ ما أدى لتدمير البيئة والزراعة وتجفيف هور العظيم والفلاحية، إلى جانب عشرات السدود الصغيرة التي تقوم بدور تحريف وضبط مستوى المياه، فتقلصت مساحة هور العظيم من 500 ألف هكتار إلى 28 ألف هكتار، وخسر هور الفلاحية أكثر من 200 ألف هكتار من ضمن 550 ألف هكتار.
من جانبه أكد محمد علاء الباحث في الشؤون الإيرانية، أن المنطقة تشمل أنهارًا كثيرةً كنهر كارون الذي يمتد من شمال الأحواز إلى جنوبه، وصولًا إلى شط العرب، ونهر «الكرخة» في الذي يصب في الأهوار، ونهر «الجراحي»، ونهر «الدِز» الذي ينبع من جبال لرستان ويمر من مناطق شمال الأحواز ليلتحق بنهر كارون.
وأضاف للمرجع ان ما تمارسه إيران جريمة طبقًا لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، فالمــادة الثانية منها تقول: إن الإبادة الجماعية المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية، تشمل إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة أو إخضاع الجماعة، عمدًا، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليًّا أو جزئيًّا.
وتابع أن إيران بنت السدود على الأنهار المشتركة مع العراق؛ بهدف تحويل مجراها إلى الأراضي الإيرانية، فحولت مجرى نهري كنكير وهومان وأنشأت سدودًا مؤقتة على عددٍ من الأنهار المشتركة، مثل: نهر بناوه سوته، ودويربج، وقره تو، والسدود على نهري دويريج والطيب، وقطعت المياه عن أكثر من 45 رافدًا ونهرًا موسميًّا كانت تغذي الأنهار والأهوار في العراق بالمياه، كالزاب الكبير والزاب الصغير، كما يمنع النظام سياسة الزراعة في فصل الصيف بحجة شح المياه، وفي الشتاء يقوم بفتح السدود ليغرق الحقول.





