قراءة في حادث جربة.. لماذا يحرص الإسلامويون على اختراق الأجهزة الأمنية؟
أعادت التحليلات
المرجحة لوقوف حركة النهضة التونسية خلف حادث جزيرة جربة، الذي وقع مساء الثلاثاء 9 مايو 2023، ونفذه عنصر
أمن خارج كنيس يهودي، الحديث عن اختراق للجماعات الإرهابية للأجهزة الأمنية في البلدان.
ومنذ الحادث، تواجه
"النهضة"، الجناح الإخواني بتونس، اتهامات بتعمدها زراعة عناصر لها بالجهاز
الأمني، وذلك خلال فترة سيطرتها على البلاد منذ 2011 وحتى 2021، أدى لتنفيذ عمل إرهابي
راح فيه ستة قتلى من بينهم منفذ الهجوم.
كيف
نُفذ الهجوم؟
قالت وزارة الداخليّة
التونسية في بيان لها إنّ هجوم جزيرة جربة نُفّذ على مرحلتَين، موضحة أنّ عونَ حرسٍ
تابع للمركز البحري للحرس الوطني أقدم على قتل زميله باستعمال سلاحه الفرديّ والاستيلاء
على ذخيرته.
وتابعت
الوزارة: «حاول العون الوصول إلى محيط معبد الغريبة وعمَدَ إلى إطلاق النار بصفة
عشوائيّة على الوحدات الأمنيّة المتمركزة بالمكان والتي تصدّت لهُ ومنعته من الوصول
إلى المعبد وأردتهُ قتيلًا».
من جهتها، قالت الخارجيّة التونسيّة في بيان لها
إنّ المتوفّيَيْن من الزوّار هما تونسيّ (30 عامًا) وفرنسيّ (42 عامًا)، دون توضيح
هويتهما الدينية.
اختراق
الأجهزة الأمنية
لا تعد هذه المرة
الأولى التي تتهم فيها حركة النهضة باختراق المؤسسات الرسمية التونسية، إذ تواجه الحركة
اتهامات باختراق قطاع التعليم بتعيين مدرسين بشهادات تعليمية مزورة، فضلًا عن فتح ملف
الشهادات المزورة للمعينين في الوظائف الحكومية في قطاعات أخرى خلال السنوات العشر
الأخيرة.
ورغم ذلك يبقى
اختراق الأجهزة الأمنية هو الأخطر، ولا يقتصر ذلك على تونس وحركة النهضة وحسب، ففي
مصر كانت هناك مخاوف، أثناء عام حكم الإخوان، من محاولة الجماعة اختراق الأجهزة الأمنية،
وعلى خلفية ذلك نفذت الأجهزة الأمنية عمليات تطهير شاملة عقب ثورة 30 يونيو 2013
الشعبية، والتى أدت إلى الإطاحة بحكم الجماعة، ضمنت خلالها الخلاص من أي محاولة للاختراق.
ويعتبر هشام عشماوي
الضابط المصري المفصول من الخدمة العسكرية، والذي اتجه إلى الجماعات الإرهابية وانتهى
به الحال إلى ليبيا، حيث قُبض عليه ورُحِّل إلى مصر لينفذ فيه حكم بالإعدام، أحد أبرز الأمثلة
الحديثة على محاولات تسلل الفكر المتطرف إلى داخل الأجهزة الأمنية.
وتعتقد الجماعات
المتطرفة أن التسلل إلى الأجهزة الأمنية يوفر عليها الكثير لتنفيذ أفكارها، فضلًا عن
جاهزية العناصر تلك لتنفيذ العمليات.
وضع
متأزم
جاءت عملية جربة
لتضع الدولة التونسية فى موقف صعب، إذ تمر بوضع متأزم سياسيًّا واقتصاديًّا.
ويعود الحديث عن
اختراق الجهاز الشرطي التونسي إلى فترة تولي القيادي النهضاوي، علي العريض، حقيبة وزارة
الداخلية، في الفترة من 2011 إلى 2013.
وخلال فترة تولي
"العريض" حقيبة الداخلية، عرفت تونس انفلاتًا أمنيًّا غير مسبوق، وبخلاف تسلل
الشباب التونسي بأعداد ضخمة إلى بؤر التوتر فى سوريا والعراق بصورة دعت للتساؤل عن
من سهل لهم الخروج وأين كانت وزارة الداخلية، شهدت البلاد أحداث السفارة الأمريكية
في 2012، واغتيالين سياسيين لقياديين يساريين في عام 2013 هما شكري بلعيد ومحمد البراهمي،
إلى جانب اقتحام مقر الاتحاد العام للشغل في ديسمبر 2012.
وفي أعقاب اغتيال
بلعيد والبراهمي، تعالت مطالبات بتحييد وزارة الداخلية أي القدوم على رأسها بشخص غير
مؤدلج مثل العريض، وبالفعل استجابت حكومة الترويكا التي تديرها حركة النهضة بصحبة قوى
سياسية أخرى، للمطلب وجاء لطفي بن جدّو وهو قاضٍ على رأس الوزارة.
هكذا بدأ المشهد
وكأن وزارة الداخلية باتت خارج أيدي النهضة، إلا أن ما حدث بعد ذلك أكد أن النهضة خلال
السنوات من 2011 و2013 وهي فترة إدارة "العريض" للوزارة تمكنت من زرع عناصر
لها في مناصب عليا بالجهاز الأمني.
ووفقًا لتحقيق
استقصائي نشره موقع "نواة" التونسي في 2013 بعنوان "تحقيق: تحييد وزارة
الداخلية كيف اخترقت النهضة الجهاز الأمني"، قال: إن النهضة عينت مقربين لها خلال
فترة تولي العريض في مناصب أمنية مختلفة، ومنها: الإدارة العامة للأمن الوطني وتولاها
وحيد التوجاني (تربطه علاقة بعائلة علي العريّض وتحوم حوله شبهة التواطؤ مع شبكات التهريب.
كذلك الإدارة العامة للمصالح المشتركة، وإدارة الأمن العمومي، وإدارة المصالح الفنية،
والإدارة العامة للمصالح المختصة، ومصلحة التحركات.
مراجعة
التعيينات
وفي هذا الشأن،
اعتبرت النائبة البرلمانية فاطمة المسدي، خلال جلسة عامة للبرلمان الخميس 11 مايو، أنّ
حادثة جربة أثبت اختراق النهضة للمؤسسة الأمنية، داعية إلى مراجعة كل التعيينات في
الجهاز الأمني خلال العشرية الأخيرة، مطالبة في هذا الصدد بحلّ هذه الحركة وتصنيفها
كتنظيم إرهابي.
ومن جانبه اتهم
حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد (يساري)، حركة النهضة بالوقوف وراء هجوم جربة، معتبرًا
أن نشر الإرهاب بالبلاد تزامن مع صعودها إلى الحكم في عام 2011، وذلك عبر اختراق أجهزة
الدولة وتشكيل عصابات أمنية موازية وتنصيب نقابات أمنية موالية، إلى جانب إغراق البلاد
بالسلاح والمال الفاسد.







