إدارة بايدن تراجع موقفها من الحركة.. هل انتهى شهر العسل بين واشنطن وطالبان؟
حرصت الولايات المتحدة خلال توقيع اتفاق الدوحة بينها وبين حركة طالبان الأفغانية قبل استيلاء الأخيرة على السلطة في منتصف أغسطس 2021، على اختيار عبارة معينة وضعتها كل مرة بعد ذكر اسم طالبان وهي (إمارة أفغانستان الإسلامية التي لم تعترف بها الولايات المتحدة كدولة وتعرف باسم طالبان)، في إشارة ثابتة إلى أن شهر العسل بين الطرفين لن يدوم طويلًا رغم جلوسهما على مائدة المفاوضات.
مراجعة المواقف
وقد بدأت الولايات المتحدة في مراجعة مواقفها من حركة طالبان الأفغانية بشكل جدي مطلع أبريل الجاري، من خلال الكشف عن سلسلة من الوثائق السرية المتعلقة بالانسحاب من أفغانستان، أشارت إلى فشل أجهزة الاستخبارات الأمريكية في تقدير الموقف خلال عملية الانسحاب وما تلاها من أحداث.
وأدت تلك الوثائق التي رفعت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الغطاء عن سريتها مؤخرًا إلى وقوع خلافات بين بايدن وبين الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة دونالد ترامب، وسط تبادل اتهامات بين الفريقين، فيلقي بايدن باللائمة على إدارة ترامب بأنها لم تخطط للانسحاب بشكل مناسب ولم تضع آلية واضحة للتنفيذ أو السيناريوهات اللاحقة.
فيما دافع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن نفسه مؤكدا أن تلك الاتهامات ما هي إلا افتراءات وتضليل من جانب الإدارة الحالية، وقال إن جو بايدن يتحمل وحده المسؤولية.
ساحة للإرهاب
تبع الوثائق التي أفرجت عنها الإدارة الأمريكية مؤخرًا، أخرى نشرتها صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية تؤكد أن أفغانستان تحولت في ظل حكومة طالبان إلى مركز تنسيق مهم لولاية خراسان التابعة لتنظيم داعش الإرهابي بعد أقل من عامين من انسحاب القوات الأمريكية من البلاد.
وأشارت الوثيقة - بحسب الصحيفة- إلى أن "داعش" كان يخطط لاستهداف مواقع معينة خلال انعقاد كأس العالم في قطر، وأن وزارة الدفاع الأمريكية "بنتاجون" رصدت حوالي 15 مؤامرة خلال الفترة ما بين ديسمبر وفبراير الماضيين، كان التنظيم يخطط خلالها لشن هجمات في جميع أنحاء أوروبا وآسيا والولايات المتحدة الأمريكية.
وتضمنت الوثائق- بحسب الصحيفة- التخطيط لهجمات في كل مواقع دبلوماسية في كل من هولندا وأذربيجان وطاجيكستان وروسيا وتركيا.
ردود فعل طالبان
فور نشر تلك الرسائل، اتهمت حركة طالبان، وزارة الدفاع الأمريكية بالتزييف، إذ قال ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم الحركة في سلسلة تغريدات نشرها على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "نرفض بشدة التقارير التي نشرتها بعض وسائل الإعلام الغربية، والتي تفيد بأن وثيقة سرية لوزارة الدفاع الأمريكية تظهر أن أفغانستان أضحت مركزًا للإرهاب".
وأضاف: "أصبحت أفغانستان دولة آمنة على المستوى الإقليمي، وعيد الفطر هذا العام هو خير مثال على ذلك حيث لم تقع أي حوادث أمنية في البلد بأكمله، كما نشهد أيضًا تقدمًا وتعاملًا مع دول مختلفة على الساحتين السياسية والدبلوماسية".
وتابع: "نشر الادعاءات غير المسؤولة والمصطنعة في مثل هذا الوقت من عمل دوائر استخباراتية لا تريد أن يعيش الأفغان بسلام"، مشيرًا إلى أن أفغانستان "تتمتع بسيطرة كاملة على البلاد، ولا يسمح لأحد باستخدام أراضي أفغانستان ضد أمن دولة أخرى، خاصة مجموعة الفتنة داعش التي هُزمت بشدة وفي طور القضاء".
اتهامات متوقعة
يشير محمد عبادي الباحث في الشؤون الدولية إلى أن تلك الاتهامات بين واشنطن وطالبان من الأمور المتوقعة من البداية، فمستوى الثقة بين طالبان والولايات المتحدة لم يتعد الصفر في كل الأحوال.
وأكد عبادي في تصريحات خاصة لـ"المرجع" أن طالبان تعتبر الولايات المتحدة عدوها الأول والتقليدي، وأن جلوسهما معًا على موائد المفاوضات في الدوحة لا يتنافى مع العداء التقليدي بينهما، كما أن الولايات المتحدة أيضًا لم تنس تاريخ طالبان معها بين عشية وضحاها ولم تنس أن عمليات الحركة ضد قواتها في أفغانستان كانت من أكبر عوامل خسائرها البشرية والمادية هناك.
وأوضح الباحث في الشؤون الدولية أنه من الطبيعي أن تظهر بين الحين والحين وثائق شبيهة من الإدارات المختلفة تكشف علاقات طالبان المتشابكة مع الجماعات المسلحة في المنطقة والعالم، مشيرًا إلى أنه لم يكن هناك شهر عسل من الأساس بين الطرفين ولن يكون.





