فوز «بايدن».. قراءة حول تأثير الديمقراطيين على مستقبل «طالبان» والسلام الأفغاني
أدى فوز المرشح الرئاسي عن الحزب
الديمقراطي «جو بايدن» لمنصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وهزيمة الرئيس السابق
دونالد ترامب، إلى فتح الحديث عن مستقبل الاتفاق التاريخي الموقع في عهد الأخير مع
حركة «طالبان» المتشددة في أفغانستان، وما إذا كانت النتيجة ستؤثر على بنود الاتفاق
من عدمه.
يُتبع الحديث عن مستقبل الاتفاق المبرم
بين واشنطن و«طالبان» في 29 فبراير 2020، وفوز «بايدن» بكرسي الرئاسة برؤية
الديمقراطي حول الالتزام بالتعهدات الدولية من عدمه، فما فعله «دونالد ترامب» بإلغاء
الاتفاق النووي مع إيران، وتعقيد اتفاقيات المناخ، قد يدفع البعض للحديث عن
الالتزامات القانونية للولايات المتحدة تجاه الخارج، ولكن التجربة الأخيرة للمرشح
المهزوم قد لا تكون ذاتها مع الرئيس الديمقراطي، وبالأخص أن «بايدن» كان قد أكد أن
فترة ولايته سيجري خلالها إعادة النظر فيما تخلى عنه «ترامب» من تعهدات دولية.
ينقلنا ذلك إلى استشراف عام بشأن المرحلة المقبلة من التعامل مع ملف «طالبان»، فيما يعني بأن «بايدن» يُحتمل ألا يلغي الاتفاق برمته أو يتغاضى عن وجوده ولكنه بشكل أو بآخر سيتعامل معه وفقًا للمصالح الأمريكية.
رؤية طالبان نحو بايدن
سارعت حركة «طالبان» إلى تواصل بعض المتحدثين الرسميين عنها مع وسائل الإعلام الأمريكية، للحديث عن مستقبل الاتفاق في ظل رئاسة «جو بايدن»، إذ نشر موقع «صوت أمريكا» في 8 نوفمبر 2020 حوارًا مع المتحدث باسم الحركة «محمد نعيم»، الذي قال إن الحركة تتوقع التزام «بايدن» بالاتفاق.
وأكد «نعيم» أن «بايدن» عليه أن يحترم الاتفاق بشكل كامل، ولا يُخضع أيًّا من بنوده للتعديل، متطلعًا إلى استمرار السلام مع الحكومة الأمريكية، ومرور العملية السياسية بينهما بالمسار الصحيح.
وبينما حرصت المواقع الإعلامية على التواصل مع بعض المتحدثين، فإن الجهات الرسمية للحركة كالمفاوضين أو المنصات الإعلامية لم تطلق أي بيان للحديث عن الرئيس الجديد للولايات المتحدة مكتفية بتصريحات البعض لوسائل الإعلام.
المتغيرات الجدلية.. هل يحدث بايدن تغييرًا؟
وقعت الولايات المتحدة اتفاقها مع «طالبان» على انسحاب القوات الأمريكية العسكرية وحلف الناتو من البلاد مع ضمان عدم تعاون بين الحركة وجماعات الإرهاب في المستقبل، وعدم تحول أراضي البلاد لمعسكر إرهابي لمهاجمة مصالح واشنطن، والإفراج عن معتقلي الحركة، وخوض مفاوضات داخلية بين الأطراف الأفغانية.
وانحصرت أبرز المتغيرات التي حدث الجدل بشأنها خلال التفاوض، والتي يتوقع أن يحدث بايدن فارق في التعامل معها نظرًا لخلفيته السياسية، في ملفي المرأة وحقوق الإنسان بشكل عام، والتي لم يعرها «ترامب» أي اهتمام خلال إبرامه الاتفاق المُرجح لكافة «طالبان» في العودة للسيطرة على حكم البلاد مجددًا.
أما المتغير الثاني فيرتبط بالتعامل مع الحكومة الأفغانية، فلطالما كانت الإدارة الأمريكية حليفًا للحكومة التي تعتبرها ممثلا عنها بالبلاد، ولكن تعامل إدارة «ترامب» مع المفاوضات أظهرت تجنيبًا كبيرًا للرئيس الأفغاني «أشرف غنى» ومن ثم الانصياع لرغبة الحركة بالتفرد بطاولة المفاوضات مع واشنطن دون وجود أي شريك داخلي، لاسيما الحكومة وهو ما وافقت عليه واشنطن حينها.
كما ضغطت واشنطن عن طريق وزير خارجيتها «مايك بومبيو» على الحكومة الأفغانية للإفراج الفوري عن معتقلي «طالبان» لبدء المحادثات الداخلية، فيما كانت الحكومة تطمع في المماطلة من أجل بعض الامتيازات أو الضمانات، في موقف وصف بالتخلي عن الشركاء.
ويعتقد البعض أن فوز «بايدن» قد يحدث فارقًا في الأمرين، فعلى مستوى حقوق الإنسان يدعي الديمقراطيون أن هذا الملف له أولوية في تعاملهم مع القضايا، وأما من جهة الحكومة الأفغانية فهي تمني نفسها في بعضًا من التغيير ظهر في تغريدة نشرها «أشرف غني» على حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر» عن فوز بايدن مهنئًا إياه ومتطلعًا لتعاون أكبر بينهما للقضاء على الإرهاب.
المفاوضات ستُحكم بالتوجه الأمريكي
حول مستجدات الملف وما طرأ عليه من متغيرات حول وصول جو بايدن للحكم فى الولايات المتحدة، تواصل «المرجع» مع أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة والمختصة في الشأن الآسيوي، «نورهان الشيخ» التي قالت: إن المفاوضات مع «طالبان» ستُحكم بالتوجه الأمريكي، فواشنطن دولة مؤسسات.
وتوقعت «الشيخ» أن يلتزم «بايدن» بالاتفاق بل إنه سيكون أكثر سلاسة في التعامل مع الحركة والملف بشكل عام، وسيعينه على ذلك نجاح الديمقراطيين في السيطرة على الكونجرس، ما يعني أريحية أكبر في اتخاذ القرارات.
وفيما يخص حقوق الإنسان والمرأة التي همشت خلال الاتفاق الأخير، أفادت «نورهان الشيخ» بأن الخطاب الديمقراطي يعتمد على الترويج للحفاظ على الحقوق الإنسانية بشكل عام، ولكن الخبرة في التعاطي مع الإدارة الأمريكية في هذا النحو ترجح أن يحافظ «بايدن» على السياسة البراجماتية لواشنطن بغض النظر عما يروج إليه.
وعن الحكومة الأفغانية وتراجع دورها ومستقبل وجودها أشارت أستاذة العلوم السياسية إلى أن «دونالد ترامب» لم يكن مهتمًا بهذا الملف، ولكن «جو بايدن» باعتباره سياسيًّا مخضرمًا، سيحافظ على التوازن بين الأطراف الأفغانية، وسيفتح قنوات تواصل مع الجميع وهو في النهاية يصب في مصلحة الولايات المتحدة التي تعتمد على خلق صراعات بين الفاعلين بالملف وليس تغليب طرف على آخر لحفاظ وجودها ومصلحتها.





