ad a b
ad ad ad

مربع المناوشات السياسية.. «طالبان» تضغط على «بايدن» بأوراق روسيا وإيران

الثلاثاء 02/فبراير/2021 - 07:56 م
المرجع
نهلة عبدالمنعم
طباعة

يبدو أن العلاقة بين واشنطن وحركة «طالبان» الأفغانية قد عادت إلى حيز المناوشات السياسية، هذا الحيز الذي تنسجه الحركة بعلاقات إقليمية مع أعداء الولايات المتحدة لاسيما إيران وروسيا والصين، بما في ذلك من معادلات تخوضها الأطراف الكبرى بالمنطقة للاستفادة من الحدث بغض النظر عن تصنيفات «طالبان» كجماعة إرهابية من عدمه بداخل قوانين تلك الدول.


وشهد الأسبوع الأخير من يناير 2021 والمرافق لبداية فترة ولاية الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، نشاطًا لوفود طالبان التي زارت روسيا وإيران بتتابع زمني رافقه لهجة حادة لخطابات موجهة من قادة الحركة نحو الإدارة الأمريكية الجديدة، حول جدية الالتزام باتفاق 29 فبراير 2020 المُوقع في قطر بين إدارة دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي السابق وحركة طالبان والمتضمن لانسحاب القوات الأمريكية من البلاد مقابل ضمانات بقطع علاقة طالبان بتنظيم القاعدة، وأي جماعة إرهابية أخرى، وعدم استخدام أراضي أفغانستان كمعسكر لتدريب الإرهابيين أو شن هجمات تهدد مصالح واشنطن، كما حدث في واقعة الحادي عشر من سبتمبر 2001، والتي كانت سببًا لاقتحام الولايات المتحدة لأفغانستان في 2001.

مربع المناوشات السياسية..

زيارات إقليمية وخطابات حادة

زار وفد من حركة طالبان بقيادة ممثل المكتب السياسي، محمد عباس ستانيكزاي العاصمة الروسية موسكو في 28 يناير 2021، وفقًا لموقع سبوتنيك الروسي، لبحث العلاقات بين الطرفين والمناقشة حول السلام في أفغانستان ومستقبل الاتفاق الأمريكي، في خطوة شبيهة لما كان يجري قبل توقيع هذا الاتفاق من زيارات لبلاد آسيوية ليست على وفاق مع الجانب الأمريكي، لمناوشة واشنطن وإظهار حجم الكروت الدولية التي تمتلكها الحركة إذا لم تستجب الإدارة السياسية لطلبات بينهما.


وعقد «ستانكيزاي» خلال وجوده بموسكو مؤتمرًا صحفيًّا موجهًا رسائل لواشنطن قائلا إن الموعد المحدد كحد أقصى لجلاء جميع القوات الأجنبية عن أفغانستان يأتي بعد ثلاثة أشهر من الآن، محذرًا الجانب الأمريكي من عدم الالتزام بهذا الشرط؛ لأن ذلك يعني من وجهة نظره عودة للصراع الدموي، مشددًا على أن روسيا لا تعطي منح للحركة من أجل استهداف الجنود الأمريكيين، كما نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» في يونيو 2020 وما أعقب ذلك من خلافات بين الأطراف المعنية وبالأخص الرافضة لاتفاق «طالبان».


ودعا ممثل طالبان، الرئيس جو بايدن للالتزام بكافة بنود الاتفاق، ناعتًا إياه بالفرصة المهمة التي يجب أن تقتنصها واشنطن للخروج من أفغانستان ووضع حد للخسائر، مضيفًا أن التصريحات الواردة من الإدارة الأمريكية حول مراجعة البنود لا تعني بالضرورة الانسحاب الكامل، ولكنها أمور داخلية يأمل بأن لا ثؤثر على سير المفاوضات.


وكان البيت الأبيض قد أصدر بيانًا في 22 يناير 2021، تضمن أن مستشار بايدن للأمن القومي، جيك سوليفان قرر مراجعة اتفاق طالبان، ما يعني أن الخطوات الأخيرة للحركة تأتي كإنذار للإدارة الجديدة المنتظر ردها حول البنود المقررة سلفًا ومدى الالتزام بها.


وذكر موقع «روسيا اليوم» في 11 يناير 2021 أن حركة طالبان مصنفة كتنظيم إرهابي منذ عام 2003 وفقًا للقانون الروسي، ولكنها تحافظ على علاقات دائمة مع الحكومة، إذ صرح المتحدث باسم «طالبان» ذبيح الله مجاهد بأن العلاقات بين موسكو وطالبان مهمة للغاية، وأن الحركة حريصة على تعزيز الثقة مع الحكومة الروسية، ويعطي هذا الوضع دلالات حول تشابك المصالح في المنطقة الآسيوية، وحرص جميع الأطراف على الاستفادة من الموقف الحالي.

مربع المناوشات السياسية..
المحاصصة ومستقبل الحرب الأهلية

أما عن زيارة إيران، كشف المتحدث باسم وزارة خارجية إيران، سعيد خطيب زاده أن وفدًا من المكتب السياسي لطالبان برئاسة الملا برادار التقى بمسؤولي البلاد في العاصمة طهران في 26 يناير 2021 للمناقشة حول السلام في أفغانستان، ومستقبل عملية التفاوض الداخلي والخارجي.

وأشارت الخارجية الإيرانية إلى دور المفاوضات الداخلية في استقرار البلاد وضرورة اتمامها بجدية، لافتة إلى موقف طهران من القضية واصفة إياه بالمستقل عن الولايات المتحدة، والهادف فقط لمصلحة أفغانستان، على حد وصفها، مضيفة بأن طهران تحث واشنطن على الالتزام بوضع حد لتدخلها في شؤون كابول، وما نتج عنه من معاناة لأهل المنطقة.

وفي حلقة من مسلسل الاستغلال الإيراني للأزمة الحالية، نشر موقع «روسيا اليوم» في 31 يناير 2021 أن وزير خارجية إيران، محمد جواد ظريف عرض مساهمة بلاده في المفاوضات الداخلية بين طالبان والحكومة الأفغانية.

واقترح ظريف تشكيل حكومة جديدة بأفغانستان تضم جميع التيارات السياسية والعرقية لوضع أسس لإنهاء معاناة الشعب الأفغاني المستمرة منذ عقود.

ويبدو أنه خطاب موحد حول دور الولايات المتحدة في تعميق المشكلات بالبلاد منذ دخولها العسكري إليها، كما أن تشكيل حكومة جديدة يعني الإطاحة بحكومة أشرف غنى وتأصيل نظام للمحاصصة بالبلاد؛ ما يعني احتراب أهلي يلوح في الأفق.

مربع المناوشات السياسية..
رؤى حول خيارات بايدن

في محاولة لفك التشابك حول المعادلات السياسية القائمة بالمنطقة الآسيوية وعلاقاتها بحركة طالبان باعتبارها أعتى الحركات الإرهابية في المنطقة يقول علي بكر، الباحث في شؤون الحركات المتطرفة في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: إن الحركة تعي أن هناك رغبة لا تزال موجودة داخل الإدارة الأمريكية خلال الوقت الحالي للخروج من أفغانستان لإنهاء الخسائر المادية والبشرية التي أصابت القوات، ووضع حد لموقف لا تتناسب خسائره مع أرباحه بالنسبة لواشنطن، ولذلك فالحركة تضغط بجميع ما تملك من أدوات خارجية وداخلية للحصول على أكبر قدر من الانتفاع السياسي، ولعدم تغيير البنود وتنفيذ الاتفاق كما هو.

ويشير الباحث في تصريح لـ«المرجع» إلى أن تصريح الحكومة الأفغانية بانشغال حركة طالبان بالجولات الخارجية عن المفاوضات الداخلية، يعني أنها تدرك ضعف الحكومة الحالية، وأنها هي من يسعى للتفاوض مع الحركة، كما أن هذا الموقف يفيد بأنها تريد إرسال رسائل للولايات المتحدة الأمريكية بأنها ليست وحيدة بل لديها علاقات إقليمية قوية ومهمة بالمنطقة مع الدول الكبرى، وأبرزهم الصين وروسيا، وبأنها أمر واقع ولا يمكن تسوية أوضاع أفغانستان أو المنطقة بأكملها بدون التوافق مع قادة طالبان، ولذلك يجب على واشنطن أن تقدم مزيدًا من المكاسب للحركة، وتضغط على الحكومة الداخلية لمزيد من التنازلات لطالبان، وهو ما يعني تصعيد لنفوذ طالبان في المستقبل.

ويضيف «علي بكر» بأن القوى الإقليمية بما فيها إيران والصين وروسيا وحتى الولايات المتحدة تدرك أن حركة طالبان هي الوحيدة القادرة على تحجيم نفوذ تنظيم داعش في المنطقة، والمتمثل في ولاية خراسان، والذي يشكل تهديدًا لأمن الجميع باعتباره ساعيًا لتصدير أيديولوجيته عالميًّا بعكس الحركة المشغولة بأوضاع الداخل فقط دون تصدير للمشهد.

وفيما يخص احتمالية اختلاف إدارة بايدن للأزمة بعكس سلفه دونالد ترامب من خلال معادلة مصالح الجميع حتى لا يتغلب طرف على آخر، وتظل واشنطن هي الأقوى، يرجح الباحث أن ذلك سيكون ضعيفًا في تحقيقه بسبب ضعف الحكومة الأفغانية، وتراجع سيطرتها على الأمن بعكس طالبان التي تتحكم في الكثير من الأراضي الأفغانية.

"