يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

كاظم ياور: نهاية الحرب الروسية الأوكرانية لن تكون قريبة.. وكييف تحولت لساحة تجارب للأسلحة بين موسكو وواشنطن

السبت 03/يونيو/2023 - 05:00 م
المرجع
محمود محمدي
طباعة

شكلت الحرب في أوكرانيا ذروة أزمات عام 2022؛ وما كان متوقعًا أن تستغرقَ شهرًا أو اثنين.. ولكن استمرَت اثني عشر شهرًا ولم تتضح نهايتها حتى الآن.

وحول الحرب التي يعيش بسببها العالم فترات من التوتر، كان لنا هذا الحوار مع كاظم ياور الباحث في السياسات الإستراتيجية في الشرق الأوسط.

في البداية.. ما أبرز ملامح الوضع على الأرض في الحرب الروسية الأوكرانية؟

الوضع على الأرض في الحرب الروسية الأوكرانية متغير بشكل كبير، والقوات الأوكرانية استطاعت أن تصمد بشكل كبير أمام الجيش أو الجيوش الروسية، بل والأكثر من ذلك أنها استطاعت تحرير بعض الأماكن من سيطرة الروس. 

وكل هذه المعطيات تجعلنا نعود إلى أصل الحرب وبدايتها، حيث إن الأهداف الروسية كانت تتلخص في السيطرة السريعة وتفكيك القدرات العسكرية والبنى التحتية العسكرية لأوكرانيا لكي لا تكون أرضية صالحة لمزيد من التمكين، وتمكين حلف الناتو على الأرض الأوكرانية مستقبلًا.

وروسيا في البداية كانت تطمح في أن دخول قواتها إلى أوكرانيا سيلقى تفاعلًا من بعض الشرائح الأوكرانية الذين بموالاة روسيا، وبناءً عليه سيتم تغيير النظام الحاكم في كييف لصالح روسيا، لكن هذا التقدير وهذه الخطة لم تحدث منذ بداية الحرب.

إذا.. ما الرؤية الروسية للحرب وحسم الأمور في أوكرانيا؟ 

روسيا انتقلت إلى رؤية أخرى عندما رأت أن هناك نظامًا متماسكًا ولديه سند وظهير غربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وهو الناتو.. وهذا الظهير هو سند قوي لهذا النظام في أوكرانيا، وهدف الناتو أن تكون هناك حربٌ استنزافية لروسيا في أوكرانيا.

ومن جانبها، روسيا قبلت في قرار نفسها هذه الحرب الاستنزافية وتعاملت معها بالمثل، أي أن روسيا أبطأت من عملية عدم سقوط النظام الأوكراني والجيش الأوكراني بشكل سريع على يد القوات الروسية، لكي تقوم هي بالمثل باستنزاف قوات الناتو وأمريكا.

هل هناك أهداف أخرى لقبول روسيا تلك الحرب الاستنزافية؟

روسيا تعمل على استكشاف قدرات الناتو وأمريكا، حيث يتضح يومًا بعد يوم إلى أي مدى ستواصل أمريكا دعم أوكرانيا.

وتلك النقاط لم تكن معلومة لدى روسيا، ولم يكشفها سوى الحرب، فنتائج المواجهات على أرض الواقع قد مكّنت روسيا من المعرفة والاطلاع على مدى المساندة من قبل الناتو إلى الجيش الأوكراني. 

صحيح أن روسيا تخسر وتستنزف، لكن في المقابل هناك مشاكل لدى الناتو ولدى أمريكا بشكل خاص، وهناك أحيانًا نرى في داخل الولايات المتحدة الأمريكية مشاكل حول استمرار الدعم المطلق واللامحدود لأوكرانيا ربما لأسباب سياسية وأسباب أمنية وأسباب اقتصادية.

وما سرّ صمود الجيش الأوكراني في مواجهة الدب الروسي؟ 

بطبيعة الحال الحرب في أوكرانيا انتقلت من الحرب المحلية ما بين أوكرانيا وروسيا إلى أن تكون حربًا محورية، فصمود الجيش الأوكراني أمام روسيا ربما يكون لوطنية وشجاعة الجنود الأوكران، ولكن بنسبة مئوية معينة، ولكن لا يعني أن هذا الإقدام هو الأمر الحاسم في هذا الصمود، ولابد أن نحسب حساب أن روسيا استخدمت تكتيك الاستنتزاف الأوكراني والسند الأوكراني المتمثل في الناتو.

وأوكرانيا صحيح تقدمت في بعض الولايات والمدن الأوكرانية، ولكن لا ننسَى أن الحرب دائرة في داخل أوكرانيا، وتحطيم البنى التحتية هي على حساب الدولة الأوكرانية، وكل العمليات دائرة في أوكرانيا، وإن كان هناك نوعٌ من التقدم ولكن على حساب هدم البُنى التحتية ومدن بأكملها.

ولا بد أن نكون دقيقين لكي نصف الحرب الأوكرانية، ولا يوجد في الأفق أننا ندعو بأنه بانتهاء السنة الأولى للحرب بأن السنة الثانية أو حتى الثالثة ستشهد نهاية الحرب، ولا يوجد أي دليل أو ملامح لنهاية الحرب في المستقبل القريب.

هل ترى أن التقدم الأوكراني في بعض المناطق قد يفتح الباب أمام مطالبة كييف باستعادة جزيرة القرم التي تسيطر عليها موسكو؟

فيما يتعلق بمسألة هل أن روسيا سوف تخسر أو تنسحب من جزيرة القرم، من الناحية العسكرية لابد أن يتم قطع الإمدادات والطرق المؤدية إلى جزيرة القرم من قبل القوات الأوكرانية، وهذا يتطلب عملًا كبيرًا من القوات الأوكرانية، مع العلم أن هناك مدنًا إستراتيجية كبيرة في يد القوات الروسية، ولم تتقدم القوات الأوكرانية لتحريرها. 

وبطبيعة الحال إذا كان هناك انسحابات أو انكسار روسي بشكل عام، سيكون هناك تفكير في البعد الدبلوماسي، ولكن الآن لا نستطيع تقييم الوضع بالشكل الميداني الصحيح، ولا تزال هناك طرق إستراتيجية، حيث تسيطر روسيا على مساحات شاسعة في الأراضي الأوكرانية.

وكيف سيكون الرد الروسي إذا تم الضغط عليها دوليًّا في مسألة جزيرة القرم؟

مع التفكير في هذه المرحلة بانتزاع جزيرة القرم من روسيا، لا أستبعد أن يكون هناك خيار استعمال النووي الروسي إذا وصلت الأمور لهذا الحد.

وجزيرة القرم تعني الكثير لروسيا في هذه المرحلة، فلن تدخل مفاوضات دبلوماسية أو عسكرية، وإذا كان هناك تهديد عسكري مباشر لقوات روسيا في جزيرة القرم، لن نستبعد أن تلجأ روسيا لاستعمال الخيار النووي، وإن كان على نطاق محدود وليس على نطاق واسع.

والسلاح النووي يبقى سلاح دمار شامل لا يتمنى أي مراقب أو إنسان أن يستعمل هذا السلاح، ولكن التمنيات شيء وحرب الدول وتعامل الدول مع بعضها في حروب -خاصة الأقطاب- لا يقاس بتعامل الأشخاص العاديين في المجتمعات الإنسانية العادية.

وبما أنه رأينا استعمال السلاح النووي من قبل الولايات المتحدة في اليابان خلال الحرب، فلا نستبعد أن يكون كذلك استعمال روسيا لهذا السلاح من أجل أن يشعر الناتو بأن روسيا لن تستسلم، وروسيا تبقى دولة قطبية، فإذا فقدت آمالها في هذه القطبية سوف تستخدم هذا السلاح.

"