يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

الحرب «الروسية ــ الأوكرانية».. هل ينجح حلف الناتو في إيجاد شركاء بآسيا الوسطى؟

الأربعاء 15/مارس/2023 - 11:56 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة

باتت آسيا الوسطى ساحة جديدة للصراع بين روسيا وبين الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، التي تحاول سحب البساط من تحت أقدام موسكو في آسيا.


وظهر ذلك جليًّا في جولة أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي، التي بدأها منذ أيام بمنطقة آسيا الوسطى، والتقى خلالها وزراء خارجية الجمهوريات السوفيتية الخمس السابقة كازاخستان وأوزبكستان وقرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان، وذلك في العاصمة الكازاخية أستانا التي شارك فيها في قمَّة C5+1، قبل أن يزور طشقند عاصمة أوزبكستان، وذلك ضمن الصراع الغربي - الروسي الذي بلغ أقصى مستويات توتُّره إثر الحرب الجارية منذ عام في أوكرانيا.


إخراج آسيا الوسطى من عباءة النفوذ الروسي


التحركات الغربية تهدف لإخراج دول آسيا الوسطى من عباءة النفوذ الروسي، وعرقلة إمكانية أن تكون نافذة لموسكو من أجل الالتفاف على العقوبات الغربية، ولاسيما أن هذه الجمهوريات الخمس في آسيا الوسطى امتنعت عن تأييد أي من قرارات الأمم المتحدة التي تدين الغزو الروسي لأوكرانيا، واستمرت بعلاقتها مع موسكو في إطار المنظمات المشتركة، وعلى رأسها مجموعة شنغهاي.


وخلال عام 2022 مثَّلت روسيا الشريك الاقتصادي الأول لكازاخستان، إذ بلغت الصادرات الكازاخية نحوها نحو 5.9 مليار دولار خلال الشهور الأولى من تلك السنة، أي ما يمثل زيادة مهمة قدرها 16% عما كانت عليه في نفس الفترة من عام 2021، وينطبق الأمر على دول آسيا الوسطى الأخرى، بالإضافة إلى العلاقات العسكرية التي تجمع تلك البلدان بروسيا، إذ تحافظ موسكو على وجودها العسكري بالمنطقة عبر ثلاث قواعد عسكرية بكل من كازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان.


هذه الأخيرة التي تضم أكبر قاعدة روسية بالخارج بتعداد يبلغ 7 آلاف جندي روسي، وتسعى لزيادة جاهزيتها القتالية في آسيا الوسطى، مما يجعل نجاح الناتو في كسب ولائها تحولًا خطيرًا في مسار الصراع الغربي الروسي.


تقليل الاعتماد على روسيا


أهداف وزير الخارجية الأمريكي من الزيارة لم تكن سرية، إذ أكد على دعم واشنطن لهذه الدول لتقليل الاعتماد على روسيا، وفك ارتباطهم الاقتصادي بها، معلنًا عن حزمة مساعدات اقتصادية تبلغ نحو 25 مليون دولار، بخلاف مثيلتها التي جرى الإعلان عنها في سبتمبر 2022 لمساعدة آسيا الوسطى على تنويع شركائها التجاريين وتشمل أهداف هذا التمويل تعليم الإنجليزية وتطوير أنظمة الدفع الإلكترونية وتدريب العمال المهاجرين العائدين.


كما تلعب الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي "الناتو" على وتر مخاوف آسيا الوسطى ولاسيما الجمهوريات السوفيتية السابقة من سيادتها على أراضيها وقلقها من أن تشهد نفس المصير الأوكراني، وهذا ما أعلنه أنتوني بلينكن صراحة، قائلا: خلال وجوده في كازاخستان: «إذا فشلنا في الوقوف لدعم المبادئ التي انتهكتها روسيا بهجومها على أوكرانيا فقد يخلق ذلك على ما أعتقد احتمالية أكبر بأن يمس العدوان الروسي دولًا أخرى».


ويعزز ذلك خطة حلف شمال الأطلسي "ناتو" لإصدار إعلان مشترك مع أربع دول مراقبة من منطقة آسيا والمحيط الهادئ في اجتماع قمته المقبل، في ضوء التوترات مع روسيا والصين، وذلك بحسب صحيفة "نيكي" آسيا اليابانية، بهدف ردع التحركات الروسية الصينية، وذلك خلال قمة الناتو المقبلة في ليتوانيا في يونيو 2023، كما أعرب مفوض السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، عن تأييد الاتحاد لتوسيع التعاون مع دول آسيا الوسطى، بما في ذلك بناء ممرات نقل جديدة.


وقال بوريل: «من الواضح أن روسيا والصين قد لعبتا وما زالتا تلعبان دورًا رائدًا في هذه المنطقة، ومن الواضح أيضا أن المنطقة تسعى إلى تنويع علاقاتها وتنظر للاتحاد الأوروبي كشريك مناسب».


وأضاف أن قادة دول آسيا الوسطى يقومون بتنفيذ مختلف برامج الإصلاح، مشيرًا إلى تحسن العلاقات بين دول المنطقة والاتحاد الأوروبي، مشددًا على ضرورة تعزيز العلاقات مع دول المنطقة، والاستفادة من إمكاناتها الهائلة، وخاصة في مجال الطاقة والمواد الأولية، وكذلك إنشاء ممرات نقل جديدة تكون غير مرتبطة بروسيا، وخاصة عبر بحر قزوين.


محاولات ضعيفة


وبحسب الدكتور أحمد جلال، أستاذ العلوم السياسية في کلية السياسة والاقتصاد بجامعة السويس، تبقى استجابة دول آسيا الوسطى لمحاولات التقارب مع حلف الناتو ضعيفة، لتشككهم في قدرة الغرب على الوقوف بجانبهم؛ إذا ما استعملت روسيا حجة الأقليات للتدخل في كازاخستان، فالغرب لن يدعمها بنفس الشكل الذي يدعم به الآن أوكرانيا، لعدة أسباب عدة، منها ارتفاع التكاليف والصعوبات اللوجستية، وكذلك لأن الغرب لا يعتبر تلك الدول مهمة له من الناحية الجيوسياسية.


واستبعد في تصريح لـ"المرجع" حدوث تحول في السياسة الخارجية لدول آسيا الوسطى إزاء روسيا، رغم وجود تقارير غربية كثيرة بخصوص أن تبتعد دول المنطقة عن روسيا وتبحث في إنشاء علاقات جديدة مع الغرب، وأكبر دليل على ذلك أن علاقاتها التجارية مع موسكو سارية ولم تتأثر بالحرب الروسية الأوكرانية وما صاحبها من ضغوط غربية.

"