إزاحة حجر من الطريق المسدود.. قطر تسعى لإحياء مفاوضات الاتفاق النووي
عادت الدوحة مجددًا للتدخل في ملف المفاوضات النووية التي توقفت مؤخرًا بين إيران والدول الأوروبية، جراء رفض كلا الطرفين الاستجابة لشروط الآخر، وذلك بتوجه وزير الخارجية القطري «محمد بن عبدالرحمن آل ثاني» إلى العاصمة الإيرانية طهران في 29 يناير 2023، وعقده مؤتمرًا صحفيًّا مشتركًا مع نظيره الإيراني «أمير عبداللهيان»، الذي أكد تسلمه «رسائل» من الوزير القطري بعثتها أمريكا والأطراف المشاركة في الاتفاق النووي عبر الدوحة تتعلق بمفاوضات فيينا النووية، مثمنًا مساعي الدوحة لإعادة أطراف الاتفاق النووي لطاولة المفاوضات.
جهود قطرية
وقال وزير الخارجية القطري خلال اجتماعه مع «عبداللهيان»،: «هناك الآن فرصة جيدة لحلّ المشاكل المتعلقة بالاتفاق النووي، والولايات المتحدة أعطتنا سلسلة من الرسائل بخصوص موضوع متصل بشكل غير مباشر بالمفاوضات النووية لإيصالها إلى إيران»، وأضاف، «الدوحة تسعى بشكل مستمر إلى خلق بيئة ملائمة لعقد جولات تفاوض إضافية بشأن الاتفاق النووي».
ورغم أنه لم يعلن مضمون تلك الرسائل،
فإن طهران التي أعلنت استعدادها للاستجابة لأية مبادرات قطرية بشأن هذا الملف،
يكشف عن رؤية نظام الملالي في إعادة النظر مجددًا في الشروط التي وضعتها أطراف
الاتفاق النووي بشأن العودة لمفاوضات فيينا، إذ سبق ودعت واشنطن على وجه الخصوص
إيران بالتوقف عن دعمها لوكلائها الإرهابيين في المنطقة، وفي المقابل ستقوم أمريكا
بالعودة للاتفاق النووي الذي انسحبت منه في
2018، والتفكير مرة أخرى في قرارها
بشأن وضع الحرس الثوري على قوائم الإرهاب.
وتأتي زيارة وزير الخارجية القطري في ظل احتدام الأزمات في الداخل الإيراني مع ارتفاع حدة الاحتجاجات التي تضرب جميع أرجاء الجمهورية الإيرانية وعودة الانفجارات التي تضرب المنشآت النووية والعسكرية، والتي كان آخرها في 29 يناير الماضي، إذ هاجمت ثلاث مسيرات مجهولة مصنعًا للذخيرة في مدينة أصفهان وسط إيران.
طريق مسدود
وتجدر الإشارة إلى أن مفاوضات الاتفاق
النووي التي انطلقت بالعاصمة النمساوية فيينا في أبريل 2021، وتم عقد تسع جولات،
كان آخرها مطلع أغسطس الماضي، وكالعادة لم تتوصل إلى اتفاق بين أطراف الاتفاق النووي، ورغم
المحاولات التي بذلتها بعض الدول والمنظمات الدولية المعنية لإقناع إيران وأطراف
الاتفاق للعودة مرة أخرى إلى المفاوضات، لكن جميعها باء بالفشل، لدرجة أن المدير
العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية «رافائيل غروسي» أكد خلال مقابله له بموقع «فاتيكان» الرسمي في 12 يناير 2023، توقف المفاوضات ووصولها لطريق
مسدود، قائلًا، «تم إيجاد طريق مسدود في المفاوضات لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة
(الاتفاق النووي) وتوقفت المحادثات النووية مع إيران».
يذكر، أن هذه ليست المرة
الأولى التي تقوم بها الدوحة بجهود لإحياء
الاتفاق النووي، ولطالما دعت قطر، الإدارة
الأمريكية لضرورة التوصل لأرضية مشتركة مع
إيران للعودة إلى مفاوضات فيينا، وكان ذلك خلال مباحثات لوزير الخارجية القطري مع نظيره الأمريكي «أنتوني بلينكن» في واشنطن
يونيو الماضي، ولم يمر سوي شهر على هذه المباحثات، حتى توجه الوزير القطري إلى
طهران مطلع يوليو الماضي، مؤكدًا خلالها أن بلده «يسعى إلى اتفاق نووي قوي
ودائم مع القوى العالمية»، ينهي حالة «الجمود السياسي» التي تشهدها
مفاوضات النووي.
تهدئة الأوضاع
وحول دلالات هذه الزيارة، أوضح الدكتور
«مسعود إبراهيم حسن» الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، أن هذه الزيارة تعد
محاولة قطرية لتهدئة الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، باعتبار أن قطر من الدول
الفاعلة في منطقة الخليج، ولديها علاقات جيدة مع إيران، وعليه فإن الأحداث وأعمال التفجيرات التي تحدث في المنطقة باستهداف إسرائيل -وبدعم أمريكي- لمنشآت حيوية في
إيران، والتي متوقع أن تُصعَّد خلال الفترة المقبلة، وهو أكثر ما يقلق دول الخليج من الآثار
السلبية للأعمال التصعيدية وتأثيرها على عدم استقرار المنطقة، واستمرار الصراع
الدائم بين إيران من ناحية، وأمريكا وإسرائيل من جهة أخرى.
ولفت «إبراهيم حسن» في تصريح خاص لـ«المرجع»، أن أكثر ما يهم الجانب القطري من جراء هذه الزيارة؛ هو تهدئة الأوضاع ومحاولة إرضاء الجانب الإيراني ومنع أي جهات أخرى من القيام بأية عمليات عسكرية تؤثر على تجارة النفط في منطقة الخليج، في ظل الأزمة التي يشهدها سوق الطاقة العالمي جراء الحرب الروسية الأوكرانية المندلعة منذ فبراير الماضي، ولذلك ربما تكون هذه الزيارة هي بداية العودة إلى الاتفاق وإعادة الأمن والاستقرار للمنطقة مرة أخرى.





