التأثيرات المحتملة للحرب الأفغانية على أوروبا

ارتأت الولايات المتحدة وحلفاؤها بالناتو أن الانسحاب العسكري من أفغانستان سيحقق مصالحهم الأمنية والإستراتيجية في المنطقة، بيد أن الحروب على اختلافها تُخلف إشكاليات متفاوتة الخطورة.
يُعد ملف المحاربين الأفغان الذين قاتلوا لصالح قوات التحالف من أبرز الملفات الشائكة التي خلفتها الحرب، إذ تتداول وسائل الإعلام الغربية أخبارًا مختلفة حول احتمالات توظيف المقاتلين الأفغان الذين ساعدوا واشنطن وحلفاءها خلال الحرب ضد طالبان والقاعدة ضمن مجموعات مرتزقة مدربة عسكريًّا للقتال في المناطق المشتعلة بأوكرانيا وشبه جزيرة القرم.
إشكالية المقاتلين الأفغان والتحول نحو الارتزاق
نشرت صحيفة فورين بوليسي في 25 أكتوبر 2022 تقريرًا أحدث جدالًا أوسع في واشنطن وأوروبا حول توجهات الحكومة الروسية إزاء تجنيد المقاتلين الأفغان في حربها الدائرة ضد أوكرانيا، كما أشارت الصحيفة إلى تلقي أعضاء فيلق الكوماندوز بالجيش الوطني الأفغاني عروضًا للقتال لصالح موسكو.
فيما لفت تقرير فورين بوليسي إلى أن عناصر قوات المشاة التي دربتها الولايات المتحدة يُحتمل أن تحدث فارقًا عسكريًّا كبيرًا لصالح القوات الروسية إذا حاربت ضمن صفوفها في أوكرانيا، وذلك طبقًا لآراء الخبراء العسكريين الذين علقوا على الأمر.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الحكومتين الروسية والأمريكية لم يصدرا أي تعليقات حول هذه الأمور المتداولة ولكنها تبقى رائجة ضمن مخاوف الأوروبيين، فتلك الأزمة التي خلفتها الحرب الأفغانية لا تزال تلقي بظلالها على مناطق متفرقة من العالم.
ومنذ وصول طالبان للحكم وخروج الولايات المتحدة بعشوائية فر الكثير من المقاتلين الأفغان خارج البلاد ما يهدد باحتمالات استقطابهم لجهات مختلفة تحت وطأة العوز المادي وعدم الاستقرار.
طالبان وتحديات الأزمة الأفغانية
تواجه حركة طالبان الكثير من التحديات الداخلية والخارجية، منها ما فُرض عليها ومنها ما خلقته بأيديولوجياتها وطريقتها في الحكم، إذ تسببت قراراتها التقييدية ضد النساء في تصاعد الخلافات مع المنظمات الإنسانية الأوروبية التي تعمل في البلاد، ففي نهاية ديسمبر 2022، أعلنت خمس منظمات، منهم المجلس النرويجي للاجئين ومنظمة أنقذوا الأطفال ولجنة الإنقاذ الدولية تعليق عملهم في البلاد لأجل غير مسمى، اعتراضًا على القيود التي فرضتها حكومة طالبان ضد العاملات بمؤسسات المجتمع المدني، وذلك لأن الحركة قررت إيقاف عمل المنظمات لعدم التزام العاملات بها بقرار الحجاب.
إن الإشكاليات الاقتصادية المشتعلة بالبلاد أسهمت في مضاعفة الأزمات بالبلاد، فمع صعود حركة طالبان للحكم في أغسطس 2021 قررت الولايات المتحدة الأمريكية تجميد أرصدة البلاد بالخارج وامتنع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي عن التعامل مع الإدارة الاقتصادية للبلاد نظرًا للتقلبات السياسية الداخلية، وعدم الاعتراف الدولي بالحركة.
تفرض حكومة طالبان بأسلوبها في الحكم ضغوطًا على الإدارات الأوروبية والأمريكية وبالأخص أمام الشعوب، فحكومات أوروبا تعتمد على ملف حقوق الإنسان والخطاب الإعلامي لجذب ناخب حقيقي، وبالتالي فإن تقييد طالبان للحريات يقوض فرص الاعتراف الشرعي بها من قبل أوروبا بالأخص.
ومن جانبه، قال نائب رئيس البرنامج الآسيوي في مركز ويلسون الدولي للأبحاث في واشنطن والكاتب في مجلة السياسة الدولية، مايكل جوكلمان في تصريح سابق لـ«المرجع» إن ملف حقوق الإنسان سيعيق اعتراف الدول الأوروبية بحكومة طالبان.