اليمين المتطرف يؤرق ألمانيا وسط مخاوف من تحوله لميليشيات
بات ملف اليمين المتطرف مؤرقًا لحكومات أوروبا منذ المشاهد القاتمة التي أفرزتها اعتراضات جماهير التيار على نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية السابقة، وما خلفته من عنف ودماء، وارتداد واضح على القارة العجوز، إذ ألهمت التجربة عناصر اليمين المتطرف في أوروبا بقدرة كامنة تستطيع تحويل الأفكار المعادية للآخر لإجراءات واضحة تمكنهم من التخلص من الحكومات التي يعتقدون أنها تتآمر على عرقهم الأبيض.
تنامي المخاوف الألمانية من اليمين المتطرف
اختبرت ألمانيا ارتدادات خطيرة تتعلق بتصاعد أنشطة اليمين المتطرف على الأرض وتحوله من أيديولوجية إلكترونية تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي لتغذية الفكرة، إلى مجموعات يلامس خطرها المجتمعات الراسخة في المنطقة، ففي السابع من ديسمبر الماضي، أعلنت ألمانيا اعتقال عدد من الأشخاص المنتمين لحركة (مواطني الرايخ) لتورطهم في التخطيط للانقلاب على حكومة البلاد، وتولي الأمير هاينريش الثالث عشر الذي ينحدر من إحدى أسر النبلاء الألمانية القديمة والبالغ من العمر 71 عامًا منصب الزعيم الجديد للبلاد بدلًا من الحكومة المنتخبة.
ويعد ذلك تطبيقًا مباشرًا لنشاط النزعات الحركية التي أصبحت ترى وجود إمكانية للسيطرة على السلطة تتشابه مع تلك التي طُبقت في دول أوروبية أخرى كإيطاليا على سبيل المثال، ولكنها في النموذج الألماني استنسخت الشغب اليميني الأمريكي للحركات التي أرادت في السادس من يناير 2021 تغيير سلطة الحكم بالعنف قبل أن تفشل محاولاتها.
حركة الرايخ، لديها أيديولوجية خاصة تتلامس ومعتقدات اليمين المتطرف، ولا تعترف عناصرها بجمهورية ألمانيا الاتحادية القائمة عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، كما أنها لا تعترف بالحكومات المتعاقبة في البلاد منذ انتهاء الحقبة النازية، ويعتبرون حدود ألمانيا هي الحدود التي كانت قائمة وقت الإمبراطورية الألمانية عام 1871 وما دونها فهو استعمار للبلاد.
احتمالات تحول اليمين المتطرف لميليشيات
تطرح إشكاليات اليمين المتطرف في أوروبا تساؤلات مختلفة حول مستقبل تصاعد العنف في المنطقة، ففي منتصف مايو 2021 نشرت جماعة النازيين الجدد – وهي حركة يمينية متطرفة تستمد أفكارها من للنازية التي ظهرت في ألمانيا سابقًا، وتنتشر أيديولوجيتها في ألمانيا والنمسا وبعض دول أوروبا-، مقاطع مصورة لعناصرها من أجل تعليمهم كيفية صنع الفسفور الأبيض – وهي مادة خطرة تصيب الجلد بحروق مؤثرة-، ما يشير في حدِّ ذاته إلى تحركات واقعية قد تؤثر على مستقبل الأمن في المنطقة والتحولات التي يحتمل أن تهدده.
ومن جهتها كشفت السلطات الألمانية في مارس 2021 عن امتلاك بعض عناصر اليمين المتطرف التابعة للنازيين الجدد مخازن للأسلحة، كما اعتقلت منهم حوالي 11 يمينيًّا في ولايات سكسونيا وتورينج وهيسن، واتهمتهم بالضلوع في تجارة المخدرات وغسيل الأموال، فيما أعلنت الحكومة الألمانية في مايو 2018 أن حوالي 1900 شخص من المنضمين لمجموعات اليمين المتطرف لديهم ذخائر وأسلحة ويصعب التنبؤ بسلوكهم.
وحول خطورة التوازي بين انتشار اليمين المتطرف مجتمعيًّا وانتشاره بين منفذي القانون، فإن عرقلة تطبيق قانون البلاد ودستوره قد يفتح الباب لمزيد من التنامي في هذا الإطار، إذ قررت السلطات في السادس من أكتوبر 2020 إيقاف شرطي في مدينة دريسدن شرق البلاد عن العمل لتورطه في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لأفكار اليمين المتطرف، وفي العام نفسه أصدرت وزارة الداخلية تقريرًا حول المنتمين لليمين المتطرف بالوزارة والاستخبارات وبلغ عددهم حينها 319 شخصًا.





