ad a b
ad ad ad

لماذا النيجر؟.. تنافس دولي على جوهرة الساحل الأفريقي بين المقدمات والنتائج

الأحد 22/يناير/2023 - 06:44 م
المرجع
دعاء إمام
طباعة

باتت النيجر مُطوقة بجماعات إرهابية على حدودها مع مالي وتشاد وبوركينافاسو، وساهمت مواردها الطبيعية من اليورانيوم والذهب في خلق حالة من التنافس المزدوج بين القوى الإقليمية من جهة والإرهابيون من جهة أخرى؛ إذ يسعى كل طرف لتعزيز وجوده في بيئة ساحلية تحدها مناطق قلق دائم، ودول لا يعرف الاستقرار السياسي إليها سبيلًا؛ نظرًا لكثرة الانقلابات والتحولات السياسية.

لماذا النيجر؟.. تنافس

بؤرة إرهابية دولية


وحذرت المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية ومقرها جنيف، في سبتمبر الماضي، من تحركات العصابات الدولية المتخصصة في الجريمة المنظمة لاستيطان دول بالقارة وضرب استقرارها تمهيدًا لإسقاطها، ومن بينها النيجر؛ حيث بيّن تقرير صادر عن المبادرة أن هناك عدة بؤر لتنظيمات تهريب السلاح والاتجار بالبشر تسيطر على ممر سلفادور الذي يربط غرب أفريقيا بالبحر الأبيض المتوسط، وموقع دجادو الذي يغذي الفوضى في تشاد والجزائر وليبيا.

لماذا النيجر؟.. تنافس

الوجود الدولي في النيجر


ويظل هناك تساؤل عن جدوى الوجود الدولي في النيجر، إذا كانت هذه البقعة لا تزال مبتلاه بالجماعات الإرهابية وعصابات التهريب؟

 

يقول أشيرو إبراهيم زورمي، الباحث النيجري، أستاذ التنمية الدولية والاقتصاد السياسي بجامعة أحمدو بيلو بنيجيريا، إن الحضور الدِولي في النيجر يشهد حالة من التنافسية بين عددِ من الدول الكبرى، إذ تسعى روسيا التي لا تملك تاريخًا استعماريًّا في إفريقيا إلى بسط نفوذها والاستفادة من مناجم اليورانيوم، فيما تتمسك فرنسا بما حققته على مدار عقود من الاحتلال العسكري، ومعها الولايات المتحدة الأمريكية، وجميعهم بحسب "زورمي" كيانات رأسمالية تتصارع على موارد بلد ساحلي فقير.

 

يُقابل هذا التنافس العالمي، صراع من نوع آخر بين جماعات إرهابية موالية لتنظيمي القاعدة وداعش، وهو ما يعززه أيضًا رغبة التنظيمات المتشددة في السيطرة على مناجم اليورانيوم، وفق تصريحات زورمي لـ«المرجع»، فإن الموارد الطبيعية هي الأساس في تلك المعادلة، والسر وراء محاولات الدول الكبرى والكيانات الإرهابية التموضع في النيجر وعدم التفريط فيه.

 

ولم يعد خفيًّا على أحد، المساعي الألمانية للانخراط في النيجر، خاصة بعد زيارة كرستين لامبرخت، وزيرة الدفاع الألمانية إلى العاصمة نايمي، منتصف الشهر الجاري، والتقت بكبار المسؤولين بما في ذلك الرئيس محمد بازوم؛ معلنة أن برلين ستلعب دورًا كبيرًا في المهمة العسكرية الجديدة التي يخطط الاتحاد الأوروبي لتشكيلها في النيجر مطلع 2023 بهدف دعم جهود مكافحة الإرهاب  وضبط تدفقات الهجرة غير الشرعية، وأنها «لن تترك المنظقة بمفردها» بحسب لامبرخت.

 

كما صدّق برلمان النيجر في 22 أبريل 2022، بالأغلبية (131 صوتًا مقابل 31) على نصٍ يسمح بنشر قوات أجنبية في البلاد ولا سيما فرنسية، لمحاربة الجهاديين وحفظ السلام في المنطقة، إبان سحب القوات الفرنسية من مالي، وزيادة خطر تسلل الإرهابيين إلى نيامي والمدن الحدودية.

 

لماذا النيجر؟.. تنافس

تنافس حاد على المنطقة


في هذا الإطار، يشير عبدالقادر كاوير، الباحث السوداني في الشؤون الإفريقية وتحليل النزاعات، إلى أن النيجر أصبحت مسرحًا جديدًا للحرب على الإرهاب، لا سيما بعد التنافس الحاد بين القوى الدولية عليها، وإنشاء عدد من القواعد العسكرية التابعة لفرنسا بعد سحب قوات برخان إلى داخل حدود النيجر، كذلك القاعدة الأمريكية هي الأخرى قاعدة متقدمه للحرب على الإرهاب ولألمانيا أيضًا قاعدة للدعم اللوجستى تعمل في هذه المنطقة.

 

ويضيف في تصريح خاص لـ«المرجع»: النيجر لديها جماعات إرهابيه فى الحدود الغربية مع مالى وبوركينافاسو، حيث يوجد تنظيما القاعدة وداعش، وهما الأنشط فى المنطقة، و كذلك الحدود الجنوبية والشرقية مع بحيرة تشاد، هناك أيضًا حركة بوكو حرام وفرعها المنشق المسمى بالدولة الإسلامية فى غرب أفريقيا، إلى جانب جماعات إرهابية أخرى فى حدودها مع دولة بنين، ولا يخفى علينا أن وجود اليورانيوم النيجري يُسيّل لعاب القوى الإقليمية والجماعات الإرهابية ويدفعهم للتمسك أكثر بالوجود في البلاد.

 

أدى هذا الزخم والتنافس الإرهابي، إلى الإعلان عن موقف رسمي من الرئيس بازوم من القوات الأجنبية والقواعد العسكرية الموجودة في بلاده، وهو الترحيب بهم كنوع من التحصين للنيجر، فيما تجلى موقف شعبي رافض لكثرة القواعد العسكرية التابعة لفرنسا وروسيا وألمانيا وغيرها، وخرجت تظاهرات في مايو2019 ترفض التدخل الأجنبي وتنادي بسيادة الدولة وعدم رجوعها لحقبة الاستعمار الفرنسي، خاصة أن هذا الكم من القوى الإقليمية لم يمنع الهجمات الإرهابية على الجيش النيجري أو المساجد والمدنيين.

 

وتعليقًا على ذلك، يؤكد الباحث النيجري أشيرو زورمي أن الدول الكبرى تنظر لهم باعتبارهم منطقة ساحلية فقيرة ترغب في السيطرة على مواردها، وإذا حدثت عمليات إرهابية استهدفت الجيش أو المواطنين يحسبونهم بمثابة كبش فداء، مشددًا على أن ما يحدث الآن لا يختلف كثيرًا عن الحقب الاستعمارية الماضية، مضيفًا: فرنسا لها الكلمة العليا وتعرف جيدًا إستراتيجية التعامل مع الشعوب الأفريقية، أما روسيا فلا تزال تبحث عن آلية لاستمالة الشعوب في موزمبيق، تنزانيا، غانا والنيجر.

 

"