ad a b
ad ad ad

تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على خريطة الجماعات الإرهابية

الإثنين 30/يناير/2023 - 06:58 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة

أثرت الحرب الروسية الأوكرانية، بشكل كبير على تمدد التنظيمات الإرهابية، إذ انتهز «داعش» الحرب فقام بهجوم فى سوريا هو الأكبر من نوعه خلال الشهور الأخيرة من عام 2022، مستغلًا عدم وجود غارات روسية، كما أن شركة «فاغنر» الروسية الموجودة في أفريقيا توجهت للقتال في أوكرانيا، ما يعزز احتمالية عودة النشاط الإرهابى بشراسة إلى القارة السمراء.


تصاعد حدة العمليات الإرهابية


وتصاعدت حدة العمليات الإرهابية في الصومال، فقامت حركة «الشباب» الإرهابية التي تنتمي لتنظيم «القاعدة» بعمليات متنوعة، امتدت إلى الحدود الإثيوبية.


كما فتحت الحرب الروسية الأوكرانية الباب على مصراعيه لانخراط الأجانب والمرتزقة في القتال إلى جانب طرفي الصراع، لا سيما أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رحب بهم، وأنشأت أوكرانيا بالفعل فيلقًا دوليًّا للمرتزقة القادمين من الخارج.


كما أن الجانب الروسي لم يتردد في استنفارهم أيضًا، فقد بدأ وسطاء في سوريا ومناطق أخرى، بدعوة شباب سوري للقتال إلى جانب الجيش الروسي في أوكرانيا مقابل المال.


في المقابل يعمل وسطاء من المعارضة السورية في تركيا لتجنيد سوريين للقتال إلى جانب الجيش الأوكراني.


أشهر كتائب اليمين المتطرف في أوكرانيا


ومن أشهر كتائب اليمين المتطرف في أوكرانيا «حركة القطاع الأيمن» التي نشأت عام 2013، وتحمل أفكارًا مُتطرّفة، وشاركت في الاحتجاجات والاشتباكات ضد شرطة مكافحة الشغب، وانخرط بعض أفرادها في العملية السياسية، وبلغ عدد أنصارها في عام 2014 نحو عشرة آلاف مقاتل، وأصبحت دعامة أساسية في القتال ضد الانفصاليين المدعومين من روسيا، فيما قدمت الحكومة الأوكرانية الدعم والاعتراف الرسمي بالحركة.


وهناك «كتيبة آزوف»، التي يبلغ قوامها نحو ثلاثة آلاف عضو، وتسمى الآن «فوج آزوف» ويتمركز الفوج في مدينة ماريوبول الأوكرانية الساحلية، وأنشئت عام 2014، لمواجهة الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا، ومنذ ذلك الحين تم دمجها في الحرس الوطني تحت قيادة وزارة الداخلية.


قديروف حليف موسكو


وبمجرد إعلان روسيا انطلاق عمليتها العسكرية في أوكرانيا، سارع القائد الشيشاني رمضان قديروف، حليف الرئيس الروسي فلاديميير بوتين الأساسي في المنطقة، إلى إرسال قوات خاصة إلى أوكرانيا.


ولم يكف الرئيس الشيشاني عن الحديث عن إنجازات رجاله، كما حدث حينما أعلن في الثالث من مارس عام 2022 احتلال قواته قاعدة عسكرية كبرى كانت تابعة لقوميين متطرفين أوكرانيين.


ويعني ذلك أنّ العالم سيواجه أزمة «عائدين» جدد، خصوصًا في ضوء الانخراط الكبير للمقاتلين الأجانب والمتطوعين والمرتزقة في الحرب، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول الجهة المقبلة لهؤلاء في مرحلة ما بعد الحرب، وحجم التهديد الذي يمثله هؤلاء، كذلك ستؤثر الحرب على جهود مكافحة الإرهاب، وذلك في ضوء انشغال القوى الدولية الرئيسية بالحرب وتداعياتها، الأمر الذي جاء على حساب ملفات دولية مهمة كالإرهاب.


ولعل التأثير الأهم للحرب حتى الآن ذو طابع اقتصادي، وذلك في ضوء الأزمات الكبيرة التي يعيشها الاقتصاد العالمي بفعلها، ما يعزز قدرات تنظيمات العنف على ممارسة عمليات التجنيد استغلالًا للأوضاع الاقتصادية المأزومة خصوصًا في الدول النامية.


الحرب بالوكالة


كما قد تدفع الحرب الروسية الأوكرانية باتجاه زيادة اعتماد القوى الدولية على فكرة الحرب بالوكالة، وهو ما يعني إمكانية لجوء بعض الدول لتوظيف جماعات إرهابية من أجل تحقيق أهداف بعينها أو ضرب مصالح الخصوم، خصوصًا مع تحول الحرب بالنسبة إلى المعسكر الغربي إلى حرب استنزاف يسعى فيها هذا المعسكر إلى تكبيد روسيا أكبر قدر ممكن من الخسائر، بعيدًا عن فكرة الانتصار أو الهزيمة.


كما أن الحرب الروسية الأوكرانية، وما صاحبها من موجات هجرة كبيرة خصوصًا للقارة الأوروبية، تطرح تحديًا كبيرًا يتمثل في إمكانية انتقال العديد من المجموعات والعناصر الإرهابية إلى القارة الأوروبية عبر التخفي بين المهاجرين، الأمر الذي يزيد من التحديات التي تواجهها منظومة الأمن الأوروبي.


وتعامل حكومات العالم، خصوصًا في الدول التي قد تكون وجهات محتملة للعائدين من أوكرانيا مع مصادر التهديد التي رتبتها الحرب، سيكون أحد المحددات الحاكمة لطبيعة الإرهاب في مرحلة ما بعد الحرب، خصوصًا فيما يتعلق بالوقوف على مصادر التهديد، وأوزانها النسبية، وسبل مواجهتها والتعاطي معها.

 

"