ad a b
ad ad ad

تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية.. تغول الإرهاب في إفريقيا

السبت 04/فبراير/2023 - 07:05 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة

تعاني القارة الإفريقية على مدار تاريخها من تحديات متلاحقة، ومخاطر متزايدة، وفاقمت الحرب الروسية على أوكرانيا، من أوجاعها إذ ساهمت في توسع وزيادة نشاط التنظيمات الإرهابية التي تستمد قوتها من الأزمات والنكبات.

استغلت التنظيمات الإرهابية هذه الأزمة في تجنيد واستقطاب أجيال الشباب الأفريقي الناقم على الأوضاع الحياتية والأحداث الجارية، والذي وجد في العنف الوسيلة الأفضل للتخلص من الأوضاع الراهنة وتحقيق أهدافه.

فجوة عالمية عميقة

أفضت الحرب "الروسية – الأوكرانية" التي بدأت فبراير 2022، إلى فجوة عالمية عميقة أثرت سلبًا على الأوضاع الاقتصادية، والسياسية، والأمنية على حدِّ سواء، ولم تَكُنِ القارة الإفريقية بمنأًى عمَّا فرضته تلك الأزمة الدولية الخطيرة من تداعيات وخيمة شهدت -وستشهد دون شكّ- تصعيدا وتوترات عِدة على المدى القريب والبعيد، فعلى مستوى الاقتصاد والأمن الغذائي، كانت كلٌّ من روسيا وأوكرانيا من بين أكبر ثلاث دول مصدِّرة للقمح والذرة لإفريقيا، كما تعد روسيا أكبر منتِج للأسمدة.

أدى الصراع الروسي الأوكراني إلى عواقب وخيمة على ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وكذلك الوقود والأسمدة، ما تسبب في تفاقم أزمة الغذاء، لا سِيَّما في المناطق التي تعاني الجوع، وفي أمسِّ الحاجة للمساعدات الغذائية.

ووفق تقرير برنامج الغذاء العالمي، ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية في إفريقيا بشكل غير مسبوق، جراء تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، الأمر الذي يهدد حياة الملايين ويفاقم من أزمة الجوع.

بيئة ملائمة للتنظيمات الإرهابية

مما لا شك فيه أن تراكم الإحساس بالبؤس والفقر والجوع والظلم من أهم العوامل والأسباب الرئيسية التي تدفع الإنسان إلى اقتناء السلاح وتنفيذ أعمال عنف، ما يمهِّد الطريق أمام التطرف، وبروز جيل جديد من الإرهابيين، فالجوع والفقر بيئة ملائمة للتنظيمات الإرهابية، وفرصة سانحة لاقتناص الجَوعى والفقراء ليكونوا وقودًا للتطرف والغلو.

وإلى جانب تأثير زيادة أسعار المواد الغذائية، والارتفاع الهائل في تكاليف الوقود وغيرها؛ كانت هناك نتائج أمنية وخيمة أثَّرت بالسلب على جهود مكافحة تنظيمات التطرف والإرهاب؛ إذْ ظلت روسيا تقدم بثبات دعمًا عسكريًّا واستخباراتيًّا واسعًا للدول الإفريقية، ووقَّعت عدة اتفاقياتِ تعاونٍ عسكري مع دولٍ مختلفة، مثل جمهورية إفريقيا الوسطى، ومالي، وبوركينافاسو، لمواجهة تلك التنظيمات.

الحرب الروسية الأوكرانية، دفعت روسيا إلى سحب المزيد من خِدْماتها وقوَّاتِها العسكرية الخاصة من إفريقيا، كما حدث في جمهورية إفريقيا الوسطى ومالي للمشاركة إلى جانب قواتهم الروسية في الاقتتال الدائر في أوكرانيا.

كما استدعت أوكرانيا جميع قواتها العسكرية المشاركة في بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام، بهدف القتال في الحرب ضد روسيا.

فراغ أمني خطير

مع سحب القوات الروسية، والأوكرانية العاملة في بعض الدول الإفريقية خلال الفترة الماضية، من مواقعها، أحدث هذا فراغًا أمنيًّا خطيرًا، وتراجعًا واضحًا في جهود مكافحة الإرهاب فى القارة السمراء، نظرًا لعدم استعداد بعض جيوش تلك الدول الإفريقية لمواجهة التنظيمات الإرهابية بمفردها، ما يَعني سيطرة أكبرَ لتلك التنظيمات على بعض الدول الإفريقية، لتغلغلها بشكل يؤثر بالسلب على أمن تلك الدول واستقرارها، وهو ما يجعلها عرضة للاضطرابات السياسية التي توفر في مجملها البيئة المحفزة لتنامي الإرهاب، وانتعاش أنماط الجريمة المنظمة كافة.

وظهر ذلك جليا في بوركينافاسو، التي تواجه حصارًا شديدًا من التنظيمات الإرهابية النشطة في المنطقة الحدودية، خاصة جماعة "النصرة" التابعة لتنظيم القاعدة الإرهابي، وخلايا "داعش الصحراء الكبرى" التابعة إلى تنظيم داعش الإرهابي، فيما تشير التقديرات إلى أن 40% من الأراضي البوركينية تخضع لنفوذ التنظيمات الإرهابية، إذْ تعاني بلدات في محافظة ياغا شماليَّ البلاد، بالقرب من حدود النيجر من حصار مجموعة إرهابية منذ أكثر من ثلاثة أشهر وَفْقَ تقاريرَ محلية، حيث يعيش هناك نحو 30 ألف شخص معرضين للمجاعة.

وحد ذلك بسكان بلدات محافظة ياغا شماليَّ بوركينا فاسو إلى التغذي على أوراق الشجر، بسبب نفادِ مخزون الغِذاء، وباتت البلدات تُعاني توقف العملية التعليمية في مِئات المدارسِ الحكومية في ظلِّ تصاعد نشاط التنظيمات الإرهابية، وغيابِ الأمن، ما يهدِّد مستقبلَ آلافِ التلاميذِ في الحصول على حقهم في التعليم.

وتم على إثر ذلك إغلاق نحو 351 مدرسة خلال شهر أكتوبر 2022 ، بسبب تدهور الأمني، كما تصاعدت العمليات الإرهابية، ما يؤثر على 708.341 طالبًا في مراحل التعليم المختلفة، كما لجأت التنظيمات الإرهابية إلى استهداف القوافل الإغاثية التي تقوم بتوزيع المواد الغذائية على مدن شمال بوركينا فاسو، الواقعة تحت سيطرة التنظيمات الارهابية، وربما يكون السبب الرغبة في فرض السيطرة على المناطق، والاستيلاءُ على مقدَّرات تلك القوافل من الغذاء والدواء، وقطعُ سُبُل تعلُّق السكان بوصول إمدادات مِن قِبل السلطات، وبالتالي إجبار السكان على اللجوء لتلك التنظيمات، من أجل ضمان المطعم والمأوى، ليسهل استقطابِهم وتجنيدِهم.

"