ad a b
ad ad ad

دلالات تعليق حركات الأزواد التزاماتها باتفاق السلام في مالي

الأربعاء 04/يناير/2023 - 05:36 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة

يعكس قرار تنسيقية حركات الأزواد وعدد من المجموعات المسلحة بشمال مالي، تعليق مشاركتها في المراقبة وآليات تنفيذ اتفاق الجزائر للسلام في عام 2015، بسبب تقاعس المجلس العسكري الحاكم بعدم الالتزام ببنود الاتفاق، إذ يهدد بنسف اتفاق السلام الهش الذي كان يضمن نسبيًّا الاستقرار خلال السنوات الماضية، خاصة بعد القضاء على تمرد الطوارق الساعين للحصول على الاستقلال أو على الأقل الحكم الذاتي، فضلًا عن اعتبار هذا الاتفاق بمنزلة الركيزة التي يمكن البناء عليها في أي توافقات لاحقة.

كما شهدت الأشهر الأخيرة عودة الزخم بشأن تنفيذ اتفاق الجزائر للسلام، حيث أجرت الوساطة الدولية بقيادة الجزائر عدة مباحثات في الفترة الأخيرة، لعل أبرزها اجتماع وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، ونظيره المالي، عبدالله ديوب، مطلع سبتمبر الماضي، وذلك على هامش اجتماعات الدورة الـ18 من اللجنة الإستراتيجية الثنائية الجزائرية – المالية.

وطالبت تقارير غربية، خلال الآونة الأخيرة، بضرورة تنفيذ اتفاق السلام لعام 2015، للحيلولة دون تفاقم الأوضاع في شمال مالي. كما عقد قائد قوات البعثة الأممية في مالي مينوسما، كيس ماتيسين، لقاءً مع رئيس تنسيقية حركات الأزواد، العباس أغ انتالا، في 16 ديسمبر 2022، لبحث مستقبل اتفاق السلام لعام 2015.

كان المجلس العسكري الحاكم في مالي ألمح إلى أن أولويته الحالية تتمثل في محاربة المنظمات الإرهابية المنتشرة في شمال البلاد، لاسيما تنظيمي داعش والقاعدة، وذلك لتبرير عدم التزامه باتفاق الجزائر، فيما أشارت تقديرات أخرى إلى أن هناك عناصر من النخبة الحاكمة الحالية في مالي رافضة لفكرة توسيع الحكم الذاتي لإقليم الأزواد.

وعمدت حركات الأزواد خلال الفترة الأخيرة إلى محاولة توحيد صفوفها وتجاوز الخلافات البينية لمواجهة التهديدات الإرهابية المتزايدة، كما أن هذه الحركات ربما تستهدف من ذلك الضغط على المجلس العسكري في «باماكو» لتنفيذ اتفاق السلام والحصول على مزيد من المكتسبات، لا سيما فيما يتعلق بالحصول على الحكم الذاتي.

عكست تحركات حركات الأزواد تراجع سيطرة الحكومة المركزية على معظم مناطق شمال مالي، وبالتالي باتت الحركات المسلحة الموجودة هناك تحظى بنفوذ أقوى في مواجهة الحكومة المركزية، وأكدت تقارير صحفية أن «باماكو» أفسحت المجال أمام عناصر فاجنر الروسية للتغلغل بدرجة أكبر في شمال البلاد، لكنها لم تتمكن، حتى الآن، من تحقيق تقدم حقيقي على الأرض أو فرض سيطرتها على المنطقة.

كما يعكس قرار حركات الأزواد إعادة طرح سيناريو انفصال، إقليم أزواد في ظل التطورات الأخيرة في مالي، والتصعيد الذي تتبناه حركات الأزواد ضد المجلس العسكري الحاكم في مالي، حيث لوحت هذه الحركات خلال الأيام الأخيرة إلى نيتها الاستمرار في اتخاذ مزيد من الخطوات التصعيدية، بما في ذلك الإعلان عن استقلال إقليم أزواد من جانب واحد.

واعتبرت تقديرات أخرى أن خطاب حركات الأزواد التصعيدي لا يعكس نية حقيقة من قبل الأخيرة لإعادة المواجهات المسلحة مع «باماكو»، نظرًا لارتفاع تكلفة أي صراع مسلح، ولكنها ربما تستهدف تدخل الشركاء الدوليين للضغط على المجلس العسكري في مالي لتنفيذ بنود اتفاق السلام.

وربما يدفع التصعيد الراهن من قبل حركات الأزواد لانخراط الجزائر بدرجة أكبر لمحاولة تجنب انهيار اتفاق السلام، خاصةً مع تلويح هذه الحركات بضرورة قيام الجزائر بمزيد من الجهود، كونها مسؤولة عن قيادة الوساطة الدولية المرتبطة بأزمة إقليم الأزواد، وإلا سيتم اتخاذ خيارات أخرى، بما في ذلك البحث عن وسيط محايد آخر، ورفض الوساطة الجزائرية.
"