يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

مستقبل العراق في ظل تصاعد الخلافات بين القوى السياسية الكردية والشيعية

الجمعة 24/مارس/2023 - 09:04 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة

احتدمت الخلافات بين القوى السياسية الشيعية والكردية في العراق، إذ أعلن الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل طالباني تعليق حضور وزرائه اجتماعات مجلس وزراء إقليم كردستان العراق.

يأتي هذا بالتوازي مع تهديد نوري المالكي زعيم ائتلاف دولة القانون، لرئيس الحكومة العراقية، محمد شيّاع السوداني، بسحب وزرائه من الحكومة، بسبب تدخلات وضغوط عصائب أهل الحق بقيادة قيس الخزعلي، ما يؤكد وجود انقسامات داخل الإطار التنسيقي الشيعي.

كما وجه الحزب الديمقراطي الكردستاني اتهامًا للاتحاد الوطني بالوقوف وراء عملية اغتيال العقيد في جهاز مكافحة الإرهاب، هاوكار الجاف، في أربيل مطلع أكتوبر 2022، وقدم عددًا من الأدلة على تورط عدد من القادة الأمنيين التابعين للاتحاد الوطني في عملية الاغتيال، غير أن الأخير نفى هذه الاتهامات، فضلًا عن قيام الاتحاد الوطني بمصادرة ممتلكات الرئيس السابق لجهاز المعلومات التابع له زانياري، أجي أمين، الذي انضم مؤخرًا إلى مجلس أمن الإقليم الذي يديره الديمقراطي الكردستاني، وهو ما يؤشر إلى تصاعد الخلافات بين الحزبين خلال الفترة القادمة، حال عدم التوصل لحلول توافقية بينهما.

احتكار القرار السياسي

كما وجه نائب رئيس إقليم كردستان العراق والقيادي في الاتحاد الوطني، جعفر شيخ مصطفى، اتهامات للديمقراطي الكردستاني بالتحكم في إيرادات الإقليم من النفط والمعابر، بالإضافة إلى احتكار الديمقراطي للقرار السياسي في الإقليم، لاسيما فيما يتعلق بالملفين الأمني والنفطي، فضلاً عن اتهامات أخرى تتعلق بحرمان محافظة السليمانية، مركز ثقل الاتحاد الوطني، من المشاريع الخدمية والموازنة المالية، وخاصة بعد مطالبة الاتحاد الوطني بتعديل القانون الانتخابي وتغيير مفوضية الانتخابات.

في الوقت الذي يرفض فيه "الديمقراطي الكردستاني" تلك المطالب خشية أن يقود ذلك إلى فقدان أغلبيته في برلمان الإقليم، وكان ذلك سببًا في تأجيل الانتخابات التشريعية التي كان من المقرر إجراؤها في أكتوبر 2022، والاتفاق على تمديد البرلمان الحالي للإقليم لعام إضافي.

كما أعلن الفريق الوزاري للاتحاد الوطني تعليق حضوره جلسات مجلس وزراء الإقليم في 11 ديسمبر 2022، وعدم المشاركة في الوفد الحكومي الذي توجه إلى بغداد لحلحلة الخلافات مع الحكومة الاتحادية، ووصل الأمر إلى درجة التلويح بإمكانية الانسحاب من حكومة الإقليم، فضلًا عن سعى التحالف الوطني إلى التقارب مع بعض الأحزاب الأخرى داخل الإقليم، لتشكيل جبهة مناوئة للحزب الديمقراطي.

اتساع مساحة الخلاف

اتسعت مساحة الخلاف داخل أجنحة الإطار التنسيقي حول كيفية التعامل مع التيار الصدري، حيث انقسمت كتل الإطار إلى فريقين الأول يضم نوري المالكي، وأمين عام ميليشيا عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي، وزعيم تيار الحكمة، عمار الحكيم.

بينما يضم الفريق الثاني رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، وزعيم تحالف الفتح هادي العامري، ورئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، فضلًا عن تصاعد الخلافات داخل الإطار التنسيقي حول الموقف من بقاء واستمرار "السوداني" رئيساً للوزراء في العراق، إذ لاقت خطواته، سواء المتعلقة بالموقف من الأوضاع الداخلية أو علاقات العراق الخارجية، اعتراضًا من قبل بعض الأطراف في التنسيقي، والتي اتهمته باتخاذ العديد من القرارات من دون الرجوع إليها.

ويقف خلف هذه الاتهامات للسوداني الصراع القائم بين قوى التنسيقي، خاصة تحالف دولة القانون وعصائب أهل الحق للحصول على امتيازات داخل حكومته، والمطالبة باستبداله بشخصية أخرى على أساس اتهامه بأنه يتجاوب مع أجندة بعض أطراف التنسيقي على حساب أخرى.

تحفظات على زيارات السفيرة الأمريكية

أبدت بعض قوى "التنسيقي"، خاصة من الفصائل المسلحة، تحفظها على الزيارات المتكررة للسفيرة الأمريكية في بغداد، إلينا رومانوسكي، لمكتب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، بهدف محاصرة وتحجيم النفوذ الإيراني في العراق، والذي يمثل "التنسيقي" أهم أذرعه، إذ أشارت مصادر إلى أن البيت الأبيض سبق وأبلغ رئيس الوزراء العراقي، رفض التعامل مع الوزراء وكبار المسؤولين في الحكومة المنتمين إلى الفصائل المسلحة والتي تصنفها واشنطن إرهابية، الأمر الذي أثار حفيظة قوى التنسيقي.

كل هذه الخلافات من المؤكد أن يكون لها انعكاس على الأوضاع السياسية في العراق، إذ تؤثر سلبًا على الأداء الحكومي، في الوقت الذي تعاني فيه إيران من أزمات داخلية تجعلها غير قادرة ضبط الصراع بين أطراف التنسيقي.

ومن المرجح استمرار الخلافات بين الحزبين الرئيسيين في إقليم كردستان العراق من دون حسم، ولكن من دون أن تخرج الأوضاع عن السيطرة، وذلك في ضوء الوساطات الدولية لاحتواء الأزمة، كما تهدد الأطراف الغربية، بقطع المساعدات لحكومة الإقليم، ما لم يتم حل المشاكل العالقة بينهما.

"