هل تنجح طالبان في إحياء مشروعات البنية الأساسية بأفغانستان؟

منذ استيلائها على السلطة في أغسطس عام 2021م، تسعى حركة طالبان إلى الظهور أمام المواطن الأفغاني في صورة الحكومة الشرعية، وتواجه الحركة الكثير من التحديات الكبرى أهمها الاقتصاد المنهار والبنية الأساسية المنعدمة في طول البلاد وعرضها نتيجة عقود طويلة من الحروب الأهلية والاحتلال الأجنبي والتي كانت الحركة نفسها جزءًا من هذه التحديات.
بنية
أساسية منهارة
وتعاني أفغانستان انهيارًا تامًا في البنية الأساسية، خاصة المستشفيات والمدارس والطرق،
والرعاية الصحية، والمؤسسات الاقتصادية، وبحسب بيانات صندوق النقد الدولي في 2021م،
تشير تقديرات إلى أن عدد السكان 39 مليون نسمة. ويعيش ثلثا سكان أفغانستان تحت خط
الفقر، فلا تتعدى حصة الفرد دولارًا ونصف الدولار الأمريكي يوميًّا، فيما تبلغ نسبة
البطالة في البلاد نحو 40%. في الوقت نفسه، تتربع أفغانستان على قمة الدول المنتجة
للأفيون، ويزيد إنتاجها على إنتاج الدول الأخرى مجتمعة، على الرغم من إنفاق الحكومة
ملايين الدولارات للقضاء على إنتاج المخدرات في البلاد.
ومن ثم تعد أفغانستان واحدة من أكثر دول العالم فقرًا،
وأقلها نموًا وتطورًا، وتعيش الدولة على القروض والمساعدات الدولية، في ظل ظروف حياة
قاسية وصعبة، لا تخلو من الصراعات الدامية، والاقتتال الداخلي، حيث يستشري الفساد والعنف.
مشكلات
صحية
كما تواجه
المستشفيات في أفغانستان العديد من المشكلات الخطيرة خاصة بعد التحولات السياسية الأخيرة
التي شهدتها البلاد.
وتؤكد
التقارير الأممية أن أهم هذه المشكلات: عدم القدرة على دفع أجور الأطقم الطبية في الكثير
من المناطق، وشحّ الأدوية والمعدات الطبية ونقص الكوادر الطبية. فمثلًا تعاني
الأطقم الطبية في إقليم فارياب غرب البلاد من عدم الحصول على رواتبهم منذ شهور، ويهدد
بعضهم باللجوء إلى الإضراب عن العمل.
وكان رئيس
اللجنة الدولية للصليب الأحمر (اللجنة الدولية)، بيتر ماورير، أطلق تحذيرًا في وقت
مبكر من المخاطرة بإهدار المكاسب التي تحققت في مجال صحة الأم والطفل إذا لم يتدخل
المجتمع الدولي لدعم البنية التحتية العامة المتعثرة في أفغانستان، وقال "ماورير": «إن المعدل المرتفع لوفيات الأمهات في أفغانستان يجعل الخدمات الصحية المتخصصة
في المستشفيات التي تدعمها اللجنة الدولية، لا سيما فيما يتعلق بصحة الأم ورعاية ما
قبل الولادة/حديثي الولادة، ذات أهمية أكبر للنساء الحوامل وحديثي الولادة».
أزمة
السيولة
ويؤدي
استمرار أزمة المصارف والسيولة المالية في أفغانستان إلى حرمان البنية التحتية للصحة
العامة من التمويل اللازم لدفع رواتب الموظفين وتكاليف التشغيل والأدوية والوقود اللازم
لتشغيل سيارات الإسعاف. ولتلبية هذا الاحتياج، دشنت اللجنة الدولية دعمًا ماليًّا وتقنيًّا
لمساعدة 33 مستشفى وموظفيها لكفالة الحصول على الرعاية الطبية مجانًا في تشرين الثاني/نوفمبر
2021.
محالولات
لإنقاذ الموقف
وفي مطلع أكتوبر
2022م، طلب رئيس المكتب السياسي في قطر، من
دولة الهند للاستثمار في مشاريع البنية التحتية في أفغانستان.
وصرح «سهيل شاهين» بهذا الطلب خلال
مقابلة تليفزيونية مع إحدى القنوات الهندية.
ومن مشاريع البنية التحتية التي يمكن أن تلعب الهند دورًا أساسيًّا فيها هي: إنشاء
المستشفيات، وتفعيل ميناء سلما في ولاية هرات، والمساهمة في مشروع نقل الكهرباء من
آسيا الوسطى إلى أفغانستان، وإنشاء المدن الصناعية في بلتشرخي، وغيرها من المشاريع.
كما طلب سهيل شاهين، تعاون الهند في تنفيذ ورعاية مشاريع البنية التحتية في
أفغانستان، مشيرًا إلى لقاء القائم بأعمال السفارة الهندية مع وزير التنمية العمرانية
الأفغانية.
وأكد رئيس المكتب السياسي في قطر، على أنه تم توفير فرص الاستثمار في أفغانستان.
وفي اللقاء الأخير لوزير التنمية العمرانية الأفغانية، مع القائم بأعمال السفارة
الهندية في أفغانستان، طلب الوزير من الهند لتشارك في مشاريع البنية التحتية في أفغانستان.
استجابة
هندية
وأعلنت وزارة الخارجية
الهندية في التاسع
والعشرين من ديسمبر، أنها ستكمل 500 من مشاريعها غير المكتملة في
34 ولاية بأفغانستان. وأضافت الوزارة
أن هناك خططًا مختلفة قيد التنفيذ لاستئناف تشغيل المشاريع.
يقول عبداللطيف نظري، ألوكيل الفني لوزير الاقتصاد يقول: يمكن أن يلعب استئناف
مشاريع التنمية في البلاد دورًا مهمًا
مساعدات إنسانية
وكانت الهند أرسلت في أكتوبر الماضي، شحنة جديدة من المساعدات الإنسانية إلى
أفغانستان؛ تشمل أدوية أساسية ومواد طبية.
وأوضحت وزارة الشؤون الخارجية الهندية، في بيان نقلته قناة «إن دي تي في»
الهندية، أن هذه المساعدة تأتي استمرارًا للعلاقة الخاصة التي تربط بين الهند وشعب أفغانستان،
وتلبية للنداءات العاجلة التي وجهتها الأمم المتحدة لمساعدة أفغانستان.
وأشار البيان إلى أن هذه الشحنة رقم 13 التي ترسلها الهند إلى أفغانستان؛ حيث
قامت خلال الأشهر القليلة الماضية بإرسال 45 طنًا من الأدوية الأساسية المنقذة للحياة،
وأدوية السل، و500 ألف جرعة من لقاحات فيروس كورونا المستجد، والمواد الطبية والجراحية،
فيما تم تسليم الشحنات إلى سلطات مستشفى «إنديرا غاندي» للأطفال في كابول.
وتسعى الهند إلى تقديم مساعدات إنسانية لأفغانستان لمواجهة الأزمة الإنسانية
المتفاقمة في البلاد.