أهمها مواجهة الدب الروسي.. أسباب تعاون الاتحاد الأوروبي مع موزمبيق
الثلاثاء 20/سبتمبر/2022 - 07:59 م
بوتين
محمود البتاكوشي
شهدت الأشهر الأخيرة محاولات أوروبية، للتعاون مع موزمبيق، إحدى دول جنوب شرق أفريقيا، التي تعد ثالث أفقر دولة في العالم، وذلك عبر زيادة حجم الدعم المالي المقدم من بروكسل إلى البعثة العسكرية الموجودة في مابوتو بنحو خمسة أضعاف الدعم الحالي، المقدر بنحو 2.9 مليون يورو ليصل إلى 15 مليون يورو.
وتتشكل البعثة العسكرية بالأساس من قوات من «إسبانيا والبرتغال وإستونيا والنمسا وبلجيكا وفرنسا واليونان ورومانيا»، في خطوة جديدة تعكس تنامي التوجه الأوروبي نحو القارة الأفريقية لاحتواء انتشار العناصر الإرهابية.
دعم مالي كبير
وتعهد الاتحاد الأوروبي أيضًا بتقديم دعم مالي إضافي للجيش الموزمبيقي بقيمة 45 مليون يورو تقريبًا، سيتم من خلاله توفير بعض المعدات للقوات العسكرية في مابوتو، بما في ذلك الرادارات وأجهزة الكشف عن الألغام والإمدادات الطبية.
وأرسلت جمهورية رواندا الواقعة فى شرق أفريقيا، قوات لمكافحة الإرهاب في موزمبيق بشكل منفرد، في يوليو 2021، كما يتوقع أن يقوم الاتحاد الأوروبي بتقديم دعم مالي إضافي للقوات الرواندية، استجابة لمطالبها بالحصول على هذا التمويل لبعثتها العسكرية الموجودة في كابو ديلجادو شمال موزمبيق.
ووافق مجلس الاتحاد الأوروبي، في أكتوبر 2021، على إرسال البعثة التابعة للاتحاد للتدريب في موزمبيق لمدة عامين، تعمل على دعم جهود بناء السلام والحوار، بالإضافة إلى تعزيز التعاون الإنمائي وتأمين وصول المساعدات الأمنية.
وضمت بعثة الاتحاد 140 ضابطًا تم توزيعهم على مركزين للتدريب، يقع الأول في شيمويو وسط موزمبيق وهو خاص بعناصر الكوماندوز، فيما يقع الثاني في العاصمة مابوتو ويضم عناصر مشاة البحرية.
أيضًا تستعد شركة «إيني» الإيطالية لبدء شحن الغاز المسال من سواحل موزمبيق عبر محطة كورال سول، خلال أكتوبر 2022، لتصدر بذلك أول شحنة من الغاز المسال من موزمبيق، عبر ناقلة الغاز المسال البريطانية بريتش مينتور والمملوكة لشركة بي بي.
دوافع التوجه الأوروبي
التحركات الأوروبية نحو موزمبيق يحركها العديد من الدوافع أولها وأهمها تقليل الاعتماد على الغاز الروسي في إطار المساعي الأوروبية الحالية للبحث عن بدائل للغاز، لاسيما مع اقتراب دخول فصل الشتاء، والذي يمثل تحديًا كبيرًا بالنسبة لغالبية الدول الأوروبية، في ظل النقص الحالي في إمدادات الغاز، فضلًا عن الارتفاع الحاد في الأسعار، حيث تمثل موزمبيق أهمية خاصة بالنسبة لأوروبا فيما يتعلق بإمدادات الطاقة، وتمتلك مابوتو ثالث أكبر احتياطات مؤكدة من الغاز في أفريقيا، بعد نيجيريا والجزائر.
كما تريد دول القارة العجوز جراء هذا التعاون مع موزمبيق، مواجهة النفوذين الروسي والصيني في الدولة الأفريقية، وتقليص اعتماد حكومتها على موسكو، أو بكين ماليًّا.
وترتبط موزمبيق بعلاقات تاريخية مع روسيا، تعود للحقبة السوفييتية عندما دعمت موسكو جبهة تحرير موزمبيق ضد المستعمر البرتغالي، واستمر الدعم العسكري الروسي منذ ذلك الوقت، حتى أن بعض التقارير أشارت إلى احتفاظ موسكو بوجود عسكري في الدولة الأفريقية، حتى مع مغادرة غالبية عناصر «فاجنر» الروسية في 2020.
وتمثل موزمبيق أهمية خاصة بالنسبة للصين، سواء لثرواتها الهائلة من المواد الهيدروكربونية، أو لموقعها الاستراتيجي، جنوب شرق أفريقيا ومنطقة المحيط الهندي، حيث تمثل قناة موزمبيق نقطة عبور رئيسي لبكين نحو زامبيا وزيمبابوي وبقية الدول الأفريقية غير الساحلية، لذا انخرطت الصين باستثمارات واسعة في البنية التحتية للسكك الحديدية والطرق في موزمبيق، لتعزيز انتشارها في المنطقة، فضلًا عن تسهيل عملية نقل معدن التيتانيوم الثمين من موزمبيق لبكين، كما تسعى الأخيرة لبناء قاعدة عسكرية لها في موزمبيق، لتوسيع حضورها في المحيط الهندي والقارة الأفريقية.
وتستهدف القوى الأوروبية من خلال التعاون مع موزمبيق، صد هجمات الجماعات الإرهابية، التي تهدد مشروعات الغاز هناك، والاستثمارات البالغة قيمتها نحو 60 مليار دولار، حيث تنشط مجموعات إرهابية مرتبطة بتنظيم «داعش» الإرهابي في إقليم كابو ديلجادو شمال البلاد، والذي يزخر بالغاز، وعطلت هجمات المجموعات الإرهابية بعض المشروعات، أبرزها مشروع توتال الفرنسي.





