صراع مسلح على أبواب طرابلس.. دلالات فشل باشاغا في دخول العاصمة الليبية
الأحد 11/سبتمبر/2022 - 07:34 م
محمود البتاكوشي
يزداد الوضع في ليبيا سوءًا يومًا بعد يوم إذ تشهد مؤخرًا مواجهات مسلحة تُعَدّ الأعنف منذ عامين على أبواب طرابلس بين المقاتلين الداعمين لحكومة الوحدة الوطنية المقالة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وحكومة الاستقرار، برئاسة فتحي باشاغا.
فشل باشاغا
أسفرت الاشتباكات عن سقوط عشرات القتلى والمصابين، والتي انتهت بفشل باشاغا في دخول العاصمة الليبية، حيث بدأت لاشتباكات بين قوات جهاز دعم الاستقرار بقيادة عبد الغني الككلي غنيوة، والكتيبة 777 بقيادة هيثم التاجوري، وهما قوتان تابعتان لوزارة الداخلية بحكومة الدبيبة، حيث اقتحمت الأولى أحد مقرات الثانية بحي باب بن غشير، قبل أن تقوم الأخيرة باقتحام أحد مقرات جهاز دعم الاستقرار بشارع الجمهورية، وترجع هذه الاشتباكات إلى تخوفات حكومة الدبيبة من احتمالية تغيير تبعية ولاء كتيبة 777 إلى حكومة باشاغا، لاسيما أنها تتمركز في نقاط استراتيجية بوسط العاصمة، ولاسيما في ظل التعبئة العسكرية لميليشيات غرب ليبيا، التي كان فتحي باشاغا يقوم بها خلال الأسابيع الأخيرة على تخوم طرابلس وداخل بعض ضواحيها، الأمر الذي جعل حكومة الدبيبة محاصرة داخل العاصمة، فيما بدأت المجموعات المسلحة التابعة للأخير في التموضع داخل طرابلس ومحاولة إغلاق مختلف المداخل.
ولم تقتصر الاشتباكات فقط على الهجمات المتبادلة بين جهاز دعم الاستقرار وكتيبة 777، بل امتدت لتشمل أربع جبهات متوازية، حيث حاول باشاغا استغلال المواجهات بين المجموعات التابعة للدبيبة لدخول العاصمة، ولكنه فشل في ذلك.
دلالات مهمة
عكست اشتباكات طرابلس الأخيرة جملة من الدلالات المهمة، أولها أن هذه هي المحاولة الثالثة الفاشلة لباشاغا لدخول طرابلس والإطاحة بحكومة الدبيبة المقالة، وذلك لانحياز عدد من الميليشيات له، مثل قوة الردع، ومن المؤكد أن تؤثر هذه الاشتباكات على شرعية باشاغا، ويقوض بعض الدعم الداخلي له، فضلًا عن الضغوط الخارجية المحتملة خلال الفترة المقبلة لوقف هذه التحركات، ونتج عن ذلك تعزيز سيطرة حكومة الدبيبة على طرابلس.
تأجيج الصراع
وفق المعطيات الخاصة بليبيا من المتوقع استمرار تأجيج الصراع مرة أخرى، إذا ما تمت تعبئة ميليشيات جديدة للمشاركة في المواجهات، بما يدفع بليبيا نحو حرب شاملة جديدة.
وربما يعزز من هذا الطرح الإجراءات التصعيدية التي اتخذها الدبيبة في أعقاب توقف الاشتباكات، حيث وجه أوامره بالقبض على المشاركين كافة في محاولة دخول طرابلس، وكلّف الأجهزة المعنية كافة بتنفيذ أوامره، وعدم استثناء أي شخص، سواء كان مدنيًّا أو عسكريًّا، الأمر الذي ينذر باحتمالات حدوث تصعيد خلال الفترة المقبلة، كون أن هذه القرارات تطال ضمنيًّا باشاغا وأعضاء حكومته، بالإضافة إلى بعض المجموعات المسلحة التي دعمت باشاغا، حتى إن بعض التقديرات لم تعد تتحدث عن إمكانية اشتعال الصراع من عدمه، لكنها باتت تناقش البؤرة المرجحة لحدوث المواجهات والشرارة التي ستدفع نحو اشتعال الصراع، في ظل استمرار التعبئة العسكرية في طرابلس، بالتوازي مع حالة الركود التي تسيطر على المسارين الدستوري والسياسي.
عودة واشنطن
وتعكس الاشتباكات الأخيرة عودة واشنطن إلى المشهد الليبي بقوة إذ إنها نجحت في وقف اطلاق النار بين أنصار الدبيبة وباشاغا حول طرابلس، حيث دعا ريتشارد نورلاند السفير الأمريكي لدى ليبيا، الأطراف الليبية المتصارعة، إلى مباحثات برعاية وتهديدات أمريكية، ويؤكد ذلك التقارير التي أشارت إلى أن نائب رئيس المجلس الرئاسي، عبد اللافي، كان قد طلب في وقت سابق من أغسطس 2022 تدخل السفير الأمريكي لدى ليبيا، ريتشارد نوريلاند، للقيام بدور الوساطة بين أطراف الصراع.
يرجح أن تشهد الفترة المقبلة تحركات أكثر جدية من قبل القوى الدولية والإقليمية للتوصل إلى ترتيبات جديدة تحول دون تكرار الحرب الشاملة، وهو ما يعيد طرح البدائل كافة مرة أخرى على الطاولة، بما في ذلك إمكانية تشكيل حكومة ثالثة بديلة عن حكومتي باشاغا والدبيبة، إذ أعربت القوى الدولية والإقليمية عن تنديدها بالعنف الأخير في طرابلس، حيث أدانت الولايات المتحدة تصاعد العنف في طرابلس، وأصدرت كل من بريطانيا وإيطاليا وألمانيا وفرنسا بيانات منفصلة مماثلة، فيما أعربت البعثة الأممية في ليبيا عن قلقها إزاء الاشتباكات المسلحة في طرابلس، داعية إلى توقف الأطراف كافة عن استخدام العنف.





