ad a b
ad ad ad

مستقبل النشاط الإرهابي لحركة الشباب في منطقة القرن الأفريقي

الأحد 02/أكتوبر/2022 - 06:40 م
المرجع
أحمد عادل
طباعة
 ثمَّة تحوُّلات فارقة في المشهد الإقليمي الأمني في منطقة القرن الأفريقي، حيث تُصعد حركة الشباب الإرهابية، نشاطها وعملياتها في بعض دول المنطقة، مثل الصومال وإثيوبيا وكينيا، خلال الفترة الأخيرة؛ إذ تُكثف الحركة هجماتها في الداخل الصومالي منذ صعود الرئيس حسن شيخ محمود إلى السلطة في مايو 2022، ومن أبرزها الهجوم الذي جرى في شهر أغسطس الجاري، على فندق «الحياة» في العاصمة مقديشو؛ ما أسفر عن مقتل 21 شخصًا وإصابة آخرين.

تهديد واضح

كما استطاعت التسلل إلى العمق الإثيوبي عبر إقليم الصومال الإثيوبي في 20 يوليو 2022 في محاولة لإيجاد موطئ قدم جديد لها في البلاد، برغم إعلان السلطات الإثيوبية إجهاض هذا الهجوم في حين تُفيد تقارير أخرى باستمرار بعض عناصر الحركة في الداخل الإثيوبي؛ وذلك في محاولة لتعزيز نفوذ الحركة في الإقليم في مواجهة تحرُّكات تقودها الحكومة الصومالية بالتنسيق مع عدد من شركائها الإقليميين والدوليين لاحتواء عناصر الحركة التي تشكل تهديدًا واضحًا لأمن واستقرار منطقة القرن الأفريقي والمصالح الدولية الاستراتيجية هناك.

ثمَّة عدد من المؤشرات تعكس تنامي ظاهرة الإرهاب في القرن الأفريقي خلال الفترة الراهنة، ومن أبزرها ما يأتي:

 تصاعد هجمات حركة الشباب في الداخل الصومالي:

 فقد أضحت الصومال من أكثر الدول الأفريقية التي تواجه خطر الإرهاب وفقًا لمؤشر الإرهاب العالمي لعام 2022؛ إذ تورطت الحركة في سلسلة من الهجمات والتفجيرات الإرهابية التي نفذتها في عدد من الولايات والمدن في جنوب البلاد ووسطها، مثل جوهر وبلدوين ومركا وبيدوة، والتي أسفرت عن مقتل أعداد كبيرة من المدنيين والمسؤولين الحكوميين والأمنيين، مثل حسن إبراهيم لوغبور وزير العدل في حكومة ولاية جنوب غرب الصومال في يوليو 2022.

الاستهداف المتزايد للقوات الأفريقية في الصومال:

 تحاول حركة الشباب تهديد الدول الأفريقية المشتركة في بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال (أتميس)؛ حيث هاجمت عناصر الحركة بعض القوات الأفريقية، مثل هجومها على قاعدة للقوات البوروندية في مايو 2022 شمال العاصمة مقديشو؛ ما أسفر عن مقتل 10 جنود بورونديين وإصابة نحو 30 آخرين بحسب القوات البوروندية، كما هاجمت قاعدة للقوات الأوغندية في منطقة غلوين بإقليم شبيلي السفلى بولاية جنوب غرب الصومال. وتستهدف الحركة أيضًا القوات الكينية في عدد من المناطق الصومالية.

 التركيز على الأهداف الرخوة: 

لم تقتصر الهجمات الإرهابية لحركة الشباب على القوات الحكومية أو الأفريقية أو حتى المباني والمقرات التابعة للسلطة؛ إذ يعكس الهجوم الأخير على فندق «الحياة» في العاصمة مقديشو التوجُّه المتنامي من جانب الحركة لتنويع عملياتها وعدم الاقتصار على الأهداف الصلبة؛ حيث تقدم الأهداف الرخوة فرصة للتنظيم لتنفيذ عمليات بمعدلات أكبر، وخصوصًا أنها تمثل نموذجًا للتجمعات الكبيرة من الأفراد.

 تمدُّد نشاط حركة الشباب في الجوار الإقليمي:

 شنت الحركة هجومًا ضد إثيوبيا في 20 يوليو 2022 عندما تسلل نحو 400 عنصر إلى العمق الإثيوبي عبر بوابة إقليم الصومال الإثيوبي بهدف فتح جبهة قتال جديدة للحركة في إثيوبيا وإيجاد موطئ قدم لها هناك، برغم إعلان السلطات الإثيوبية القضاء على مقاتلي الحركة في الداخل الإثيوبي.

 تحذيرات أمريكية من تزايد نفوذ حركة الشباب: 

في مؤشر واضح على تصاعد العمليات الإرهابية في القرن الأفريقي، حذَّرت القيادة الأمريكية الجديدة في أفريقيا (أفريكوم) من تصاعد نشاط حركة الشباب وتزايد هجماتها الإرهابية في المنطقة خلال الفترة المقبلة، لا سيما في الصومال وإثيوبيا. وأعلن الجنرال «مايكل إي لانجلي» قائد أفريكوم الجديد، في 21 يوليو 2022، تركيز القوات الأمريكية على محاربة حركة الشباب، وطالب بزيادة الإمدادات الجوية لمضاعفة القتال ضد الحركة، خاصةً بعد قرار الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن في مايو 2022 إعادة القوات الأمريكية إلى الصومال لمواجهة تهديدات حركة الشباب.


دوافع التصعيد:

 تعزيز نفوذ الحركة في القرن الأفريقي:

 تسعى الحركة إلى توسيع نشاطها بالتمدُّد إلى بعض دول القرن الأفريقي، لا سيما إثيوبيا، وفتح جبهات جديدة للقتال؛ ما يمنحها مكتسبات استراتيجية.

 استنزاف قدرات الجيش الصومالي: 

وذلك بهدف تخفيف حدة العمليات العسكرية التي ينفذها الجيش الصومالي ضد عناصر الحركة في مناطق سيطرته في جنوب البلاد ووسطها.

خروج القوات الأفريقية من الصومال:

 حيث توعد أحمد عمر (أبوعبيدة) زعيم حركة الشباب، قوات أتميس في البلاد بالهزيمة، في رسالة تحذيرية واضحة إلى الدول المشاركة في البعثة لإجبارها على الانسحاب من الصومال قبل موعدها المقرر في عام 2024.

تنويع موارد تمويل الحركة:

 إذ تسعى حركة الشباب إلى الاستحواذ على معظم الموارد في دول المنطقة، مثل النفط والغاز في شرق إثيوبيا، بالإضافة إلى التورط في عمليات تهريب الفحم الصومالي، وتهريب الأسلحة من اليمن عبر البحر الأحمر إلى العمق الأفريقي؛ ما يعزز قدراتها المالية التي تنعكس على تفوُّقها العسكري .

يبدو مستقبل الإرهاب في منطقة القرن الأفريقي، على خلفية النشاط المتصاعد لحركة الشباب، مرهونًا بسيناريوهَيْن رئيسيَّيْن؛ أولهما أن تتمكَّن الحركة من تعزيز نشاطها ونفوذها خلال الفترة المقبلة. ويستند هذا السيناريو إلى عدد من المعطيات؛ قد يكون أهمها التنوُّع في التكتيكات التي تتبنَّاها الحركة، وتنويع أهدافها، علاوةً على قدرة الحركة على توسيع دائرة نشاطها بعيدًا في الجوار الجغرافي للصومال.

أما السيناريو الثاني فينصرف إلى تزايد الضغوط على حركة الشباب وتحجيم نشاطها الإرهابي. ويرتبط هذا السيناريو بعدد من الأبعاد، في مقدِّمتها الأهمية الاستراتيجية لمنطقة القرن الأفريقي للعديد من الدول من الوجهتَيْن الأمنية والتجارية. 

"