لهذه الأسباب.. زعماء العشائر الصومالية في مرمى إرهاب «الشباب»
الإثنين 29/أغسطس/2022 - 09:34 م
أحمد عادل
لزعماء العشائر في الصومال كلمة مسموعة وفاصلة في القضايا العالقة، ما يجعلهم بمثابة صمام أمان وقت السلم والحرب، وهذا ما يفسر استهدافهم.
ورغم ضعف ثقة الشعب الصومالي بمؤسسات الدولة، فإن الأخيرة تستمد شرعيتها من صميم فكر الزعماء التقليديين، وهم الذين يحركون ماكينتها في تسيير شؤون البلاد.
ولهذا السبب، دأبت حركة الشباب الإرهابية على استهداف زعماء العشائر بمنطلق أنهم قلب العملية السياسية وصانعوها الفعليون.
وعاش الصوماليون بنظام قبلي، فيه قبائل تمتهن مهنة الرعي والزراعة قبل دخول الاستعمار البلاد نهاية القرن التاسع عشر ميلادي.
فقاد
شيوخ العشائر ورجال الدين جهود النضال وتحرير البلاد منذ ستينيات القرن
العشرين، حيث نالت البلاد استقلالها السياسي من بريطانيا وإيطاليا.
حالة
فوضى ضربت الصومال منذ سقوط نظام الرئيس محمد سياد بري، عام 1991، والذي
أعقبته حرب بين زعماء العشائر وظهور حركة الشباب الإرهابية.
عقد
منصرم منذ طرد المتطرّفين الشباب المرتبطين بتنظيم "القاعدة" من العاصمة
في أغسطس 2011، على يد قوة الاتحاد الأفريقي (أميصوم) وفقدوا معاقلهم
تدريجيًّا.
وخلال العام التالي، فقدوا معاقلهم في
المناطق الريفية في جنوب الصومال، لكنهم ما زالوا يسيطرون على مناطق ريفية
عدة ويشنون هجمات على قواعد القوة الأفريقية وأهداف مدنية في مقديشو. وقد
تسببوا في مقتل الآلاف.
وبحلول الأول من أغسطس 2012، جرى اعتماد دستور جديد، ثم تم تنصيب البرلمان، وفي العاشر من سبتمبر2012، انتخب حسن شيخ محمود رئيسًا.
فترة
وجود الدولة في الصومال من ١٩٦٠-وحتى الآن، مرت بأربع مراحل، مرحلة الحكم
المدني (١٩٦٠-١٩٦٩)، والحكم العسكري (١٩٦٩-١٩٩١) ثم مرحلة الفوضى والحرب
الأهلية (١٩٩١-٢٠٠٠) والرابعة مرحلة إعادة تأسيس الجمهورية الثالثة من
٢٠٠٠- حتى الآن.
وفي كل تلك المراحل، كان رجال
القبائل في قلب صناعة الدولة، حيث ساهموا في جهود مكافحة الاستبداد، وإخماد
نار الحرب الأهلية وجهود تأسيس النظام الفيدرالي الحالي عبر مقاربة وتسوية
قبلية عرفت بأربع ونصف، أضحت عصب تقاسم السلطة السياسية في البلاد منذ
بداية الألفية الحالية.
وفي كل موسم انتخابي،
تصعد حركة الشباب الإرهابية مسارها العنيف ضد هذه الشريحة من المجتمع
الصومالي، كما تصدر قبل بداية أي استحقاق انتخابي سواء على المستوى
الاتحادي والإقليمي، تهديدات لزعماء العشائر.
ففي
يوليو2021، وتحديدًا قبل بداية الانتخابات التشريعية والرئاسية، أصدر زعيم
حركة الشباب الإرهابية تهديدات ضد شيوخ العشائر، ودعاهم إلى عدم المشاركة
في العملية السياسية، لكن وعيده لم يلق آذانا صاغية.
وخلال
الانتخابات التشريعية الأخيرة، ساهم نحو ٣٠ ألف ناخب بقيادة شيوخ العشائر
بانتخاب أعضاء البرلمان الصومالي، الذي بدوره انتخب حسن شيخ محمود رئيسًا
للبلاد.
وتنفيذًا لتهديداته، اغتال التنظيم المتطرف أكثر من ١٠ زعماء للعشائر بزعم المشاركة في العملية السياسية بالمرحلة الماضية.
ويعود
استهداف زعماء العشائر لعدة أسباب أبرزها أنهم صناع العملية السياسية على
مستوى الحكومة الفيدرالية والولايات، حيث يشاركون في اختيار النواب ويحتلون
المساحة الأبرز في تشكيل مجلس الوزراء وتعيين المسؤولين الحكوميين
الآخرين، ويمكلون سلطة معنوية حازمة في الملف السياسي.
ومن بين الأسباب أيضًا أنهم الشريحة التي تدعم الحكومة في التعامل مع الملفات الوطنية.
كما
تتمتع هذه الفئة بسلطة غير منتهية الصلاحية، وفي حال ترتيب صفوفها فهي
تشكل خطورة على أجندة التنظيم المتطرف، لذلك يتعمد إضعاف هذه المؤسسة
السياسية والاجتماعية عبر استهداف كوادرها حتى تبقى مشتتة وتفتقد للتركيز
في مواجهة الخطر.
واتسمت حركة
شباب الإرهابيين بشيوخ العشائر على فترات طويلة بالاضطراب والهدوء، فتارةً
كان هناك تعاون بين الجانبين، وذلك من أجل اتقاء شر الحركة المسلحة وعدم
تنفيذ عمليات إرهابية ضدهم، وتارة أخرى شهدت العلاقات بين الجانبين توترات
وحروبًا.
ويعد المجتمع الصومالي، مجتمعًا قبليًّا
من الأساس، فهو يتكون من عدة قبائل سواء في الوسط أو الشمال أو الجنوب،
وساهم البعد القبلي في إسقاط حكم محمد سياد بري في أوائل التسعينيات؛ نظرًا
لمناصرة «بري» بعض القبائل على البعض، ومع مرور الوقت تحول زعماء القبائل
إبان الحرب الأهلية الصومالية «1990- 2006» إلى أمراء حرب وكل أمير قبيلة
كان يفرض سلطاته العسكرية والاقتصادية على المنطقة الواقعة تحت سيطرته.





