يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

التغيرات العسكرية التي يفرضها وصول المتطرفين للحكم.. نموذج طالبان

الأربعاء 01/فبراير/2023 - 07:33 م
المرجع
نهلة عبدالمنعم
طباعة

يفرض وصول الجماعات المتطرفة للحكم تغيرات عسكرية على شكل السلطة، نتيجة امتلاك هذه الجماعات لفصائل مسلحة بالفعل، كما أنها تحمل في عقيدتها العداء للقوات النظامية لجيوش الدول التي قد تكون دخلت معها في معارك على الحكم.

إن تغير شكل قوى الحكم يظهر بوضوح في النماذج التي اعتلت فيها جماعات متطرفة ذات مرجعية دينية سدة الحكم، كنظام الملالي بإيران على سبيل المثال، ما يطرح التساؤلات حول التغيرات المحتملة على النظام الأفغاني والدور المستقبلي للجيش والشرطة في المجتمع وكذلك مكانتهما.

رمزية الصور التي تنشرها طالبان عن الجيش

إن التساؤلات المطروحة في السطور السابقة حول التغيرات التي ستشكلها طالبان على القوات العسكرية لأفغانستان لا تخضع فقط لمقارنات متشابهة العقيدة، ولكنها تتأثر في طرحها بما يقدمه قادة طالبان من خطاب داخلي على مواقع التواصل الاجتماعي.

إذ نشر المتحدث الرسمي باسم الحركة، ذبيح الله مجاهد على حسابه في ١٥ أغسطس ٢٠٢٢ بمناسبة مرور عام على سيطرة طالبان على الحكم صورة لعنصر من الحركة يهزم فردًا من الجيش في سباق قتالي بالشارع وسط تجمع شعبي، وكتب على الصورة معلقًا ذكرى انتصار الصواب على الخطأ.

تحمل هذه الصورة بتعليقها المباشر دلالات عميقة حول توجهات طالبان نحو الجيش والشرطة، وتعاملها معهما كعدو، مع تصدير هذا التوجه للمواطنين بأن طالبان وعناصرها العسكرية لها الأفضلية على العناصر النظامية لقوات الجيش والشرطة.

إن الجيوش الأكثر رسوخًا تمثل عاملًا قويًَّا للحفاظ على مؤسسات الدول بشكلها المعروف، ما يجعلها قادرة على التعافي من الأزمات السياسية والاقتصادية دون تدهور حاد في وضع الدول، ولكن بالنسبة لأفغانستان فجيشها يعاني بالأساس من ضعف هيكلي، وتراجع نتيجة سنوات الحرب الطويلة التي مرَّت على البلاد، وتحيلنا هذه النقطة إلى سؤال مهم حوال الإضافة التي قدمتها القوات الأجنبية للجيش الوطني الأفغاني خلال المرحلة الماضية.

قضت الولايات المتحدة سنوات طويلة من العراك العسكري بداخل أفغانستان ضد طالبان، وذلك بالتعاون مع دول الناتو، فلماذا لم تهتم واشنطن ورفقاؤها بتطوير القدرات العسكرية للجيش الوطني للدولة كداعم لاستقراها، إذا أخذنا في الاعتبار أن التواجد الأمريكي لم يكن ليستمر للأبد مهما طالت فترة بقائه.

المستقبل الأمني لأفغانستان في ظل وجود طالبان

فرضت طالبان حكومة كاملة من عناصرها الرجل على رأس جميع مؤسسات الدولة بما فيها القطاع الأمني، إذ تولى وزارة الدفاع الملا يعقوب الذي ترأس اللجنة العسكرية لطالبان خلال سنوات من حربها ضد الولايات المتحدة وكذلك جيش بلاده النظامي.

وفي هذه الحالة يتضح التأثير الواسع على الجيوش النظامية عند اعتلاء تلك الجماعات لسدة الحكم، فالعداء يكون متوارثًا بين الطرفين نظرًا للثأر والألم الذي قد يكون تسببا فيه لبعضهما البعض في السابق، كما أن طبيعة المؤسسات العسكرية التي تحترم أوامر قادتها تجعل من الجماعات المتطرفة يهتمون بإعادة بناء وهيكلة أنظمة أمنية جديدة تضم عناصرهم كقادة مع تهميش القدامى لضمان الولاء، ثم التخلص شيئًا فشيئًا من العناصر القديمة في الجيش الأساسي.

فيما يتولى سراج الدين حقاني زعيم شبكة حقاني المتطرفة شريكة طالبان في الحكم رئاسة وزارة الداخلية، في إحكام واضح لسيطرة طالبان على شكل المنظومة الأمنية في البلاد، ولكن السؤال هو إلى أي مدى ستستمر طالبان في السيطرة على حكم البلاد، قبل أن تعود مجددًا كعدو للأنظمة الكبرى في حال مخالفة المصالح بينهم؟

"