ad a b
ad ad ad

مستقبل ليبيا في ظل الاحتجاجات المتصاعدة وحالة الانسداد السياسي

الخميس 28/يوليو/2022 - 11:08 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة
ليبيا على صفيح ساخن بسبب الاحتجاجات الواسعة التي تشهدها البلاد منذ مطلع يوليو الجاري، والتي تُعد الأعنف منذ الإطاحة بنظام الرئيس الراحل معمر القذافي، إذ تضمنت الأقاليم الليبية الثلاثة "برقة وطرابلس وفزان"، ووصلت إلى حد اقتحام مقر البرلمان في طبرق، وإلحاق بعض الأضرار به.

دور بالتريس

الاحتجاجات الليبية تعكس امتلاك حركة بالتريس، أكبر تجمع شبابي في البلاد، قاعدة شعبية واسعة على الأرض، حيث تروج لنفسها باعتبارها حركة شبابية لا ترتبط بأي من الأحزاب السياسية الحالية، وتطالب بسقوط العملاء والخونة والقوات الأجنبية، وإن كان من المستبعد نجاح الحركة في إبعاد الكيانات السياسية الموجودة على الساحة، ولاسيما أن لها أجهزة أمنية وعسكرية وميليشيات مسلحة داعمة لها.

تردي الأوضاع المعيشية كان شرارة انطلاق الاحتجاجات في ليبيا، خاصةً بسبب أزمة انقطاع الكهرباء المزمنة، وإخفاق الحكومات المتعاقبة في توفير الخدمات الأساسية لليبيين، خاصة بعد ارتفاع أسعار رغيف الخبز بصورة كبيرة.

فضلًا عن رفض الجمود السياسي، لاسيما عقب تعثر اجتماعات جنيف بين قادة مجلسي النواب والدولة في التوصل إلى توافقات بشأن القاعدة الدستورية، ما أدى إلى تصاعد حدة السخط الداخلي، وعودة حالة الانقسام بين الشرق والغرب، مع بروز توجهات لتشكيل حكومة ثالثة في الجنوب الليبي، واستمرار هيمنة الميليشيات المسلحة على غرب ليبيا، وتصاعد حدة المواجهات العنيفة بينها.

ولذا، نادي المحتجون بإسقاط الكيانات السياسية الراهنة، وإجراء الانتخابات، فضلاً عن المطالبة بخروج المرتزقة والقوات الأجنبية، كما وجهوا انتقادات حادة لحكومتي عبد الحميد الدبيبة وفتحي باشاغا المتنافستين، غير أن حكومة باشاغا المدعومة من مجلس النواب، التزمت الصمت، بينما سعى رئيس حكومة الوحدة الوطنية المقالة، عبدالحميد الدبيبة، لإظهار دعمه للمحتجين، خاصة مطلبهم المتعلق برحيل الكيانات والأجسام السياسية كافة، بل واعتبره شرطًا لقبول الاستقالة من منصبه.

كما أعلن مجلس النواب الليبي أن الاجتماعات مع مجلس الدولة ستنطلق مجددًا خلال الأيام المقبلة، في محاولة لاستكمال القاعدة الدستورية، فيما حذر رئيس البرلمان الليبي، عقيلة صالح، بملاحقة المحتجين الذين اقتحموا مقر البرلمان ومعاقبتهم وفقًا للقانون.

كما حمّل "صالح" حكومة الدبيبة نتائج الاحتجاجات الراهنة في البلاد، بسبب فشلها في توفير الخدمات الرئيسة للشعب، وكذا تعطليها للانتخابات البرلمانية والرئاسية.

وهدد الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، باتخاذ إجراءات صارمة للحيلولة دون انفراد أي طرف بالقرار الليبي بالتنسيق مع أطراف خارجية تستهدف فرض أجندتها على المشهد الليبي، في إشارة لمساعي المجلس الرئاسي طرح مبادرة تستهدف إسقاط الكيانات السياسية، بما يعني التحذير من أي خطوة منفردة لحل البرلمان.

حل الأجسام السياسية 

المظاهرات والاحتجاجات الليبية تفتح الباب أمام ثلاث سيناريوهات لمستقبل ليبيا، أولها حل الكيانات السياسية القائمة، إذ أعلن المجلس الرئاسي عقب اندلاع الاحتجاجات أنه سيظل في حالة انعقاد دائمة لحين تحقيق مطالب الليبيين في التغيير، وتشكيل سلطة جديدة منتخبة تحقق قبول المواطنين، وهو ما يعني إمكانية قيامه بإعلان حالة الطوارئ، وحل الأجسام السياسية كافة، وتشكيل حكومة مصغرة.

ورغم أن احتمالات تحقق هذا السيناريو محدودة، خاصة في ظل الموقف الأمريكي والأممي الرافضين لحل مجلسي النواب والدولة، فضلًا عن معارضة الجيش الوطني الليبي والدبيبة لذلك، إلا أنه يعد خيارًا قائمًا بالفعل.

ومن الممكن أن يتم الاستفادة من هذه الاحتجاجات بطرح خريطة أممية جديدة بالضغط على مجلسي النواب والدولة للتوصل إلى توافقات بشأن القاعدة الدستورية، وتحديد موعد جديد للانتخابات البرلمانية والرئاسية في إطار خريطة طريق جديدة برعاية أممية، الأمر الذي يلقى دعمًا دوليًّا وإقليميًّا واسعًا.

وأخيرًا من الممكن أن تسعى مؤسسات الدولة الليبية إلى استيعاب الاحتجاجات حتى تهدأ وطأتها، من خلال الاعتماد على خطاب دبلوماسي وتجنب التصعيد، وذلك لضمان استمرار الوضع الراهن على ما هو عليه.

الكلمات المفتاحية

"