ما بعد الانتخابات.. الرئيس الجديد ومستقبل إخوان الصومال

عقب فوز حسن شيخ محمود، في الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي شهدتها الصومال، تناولت تقارير محلية علاقة الرئيس بحركة الإصلاح المحسوبة على جماعة الإخوان، إذ سبق أن تعاون معهم حين كان يشغل منصب رئيس حزب السلام والتنمية، في عدة أنشطة كبناء مدارس التعليم الأساسي والثانوي، ومرافق بالجامعات.
ويعمل الحزب المنتمي لجماعة الإخوان وفق قاعدة «التعاون والمعذرة» التي تعني «نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه».
وهي التى طالما رددها مؤسس الجماعة حسن البنا (تأسست عام 1928)، وطالب الإخوان باتخاذها دستورًا؛ بهدف تجميع أكبر عدد من الناس حولهم؛ لتحصيل مكاسب سياسية، وتحقيق أطماع الجماعة، وبالتالي فإن «الإصلاح» سيتوافق مع أي شخص يأتي على رأس السلطة وفقًا لمصلحة الجماعة، حتى لو لم تكن تربطهم به علاقات وطيدة.
وهذه القاعدة التي وضعها رشيد رضا زعيم المدرسة السلفية الحديثة، وأطلق عليها «قاعدة المنار الذهبية»، تطبقها أفرع الجماعة في عدد من الأقطار، واستند إليها الإخوان أيضًا في تبرير تعاونهم مع إيران، والتقارب مع الشيعة، وغيرهم ممن يحققون مصالح الجماعة ويضمنون بقاءها.
وشهدت السنوات الماضية ظهور الكثير من الأصوات المطالبة بإصلاح الإخوان في الصومال، وبعدها عن التناحر، لاسيما في ظل خروج تسريبات تدين الجماعة، وتثبت تورطها في دعم الجماعات الإرهابية بمقديشو.
الإصلاح وتغيير الجلد
وكشفت دراسة أجراها الباحث الصومالي، محمد عمر أحمد، بمركز مقديشو للبحوث والدراسات، أن الخطاب الإخواني في الصومال لا يخرج عن ثوابت الخطاب الإخواني بشكل عام، إذ ركزت حركة الإصلاح على تغيير نظرتها إلى التراث والجماعات الصوفية والفكر الأشعري والفقه الشافعي، باعتباره إرثًا مميزًا للشعب الصومالي، وحاولت التعاطي معه؛ بهدف إكسابها تقاربًا مع مكونات كبيرة من الشعب، بعد أن شعرت الإقصاء من جانب حركة الاتحاد الإسلامي.
وبحسب الباحث، أدى خطاب الحركة ذي الصبغة السياسية -مع عوامل أخرى- إلى حدوث انشقاقات داخل الإصلاح نتيجة الامتعاض الذي ساد لدى الشباب التواق إلى الأجواء الروحانية والعلمية، حين اختلط حديث الإصلاح بخطاب الجمعيات التطوعية التي تدافع عن حقوق المرأة ودورها السياسي، وسن الزواج بها؛ وتسبب ذلك في حالة من الاستياء والسخط من كل أصناف المتدينين.
وبيّن الباحث أنه بعد سقوط الإخوان بمصر في ثورة 30 يونيو 2013 الشعبية، شهد خطاب الجماعة في الصومال تطورًا بتأثير الأحداث العالمية والعربية والمحلية منذ نشأة الحركة، ولكن الذي ظهر هو أن التغيرات تم بلورتها بعقليات سياسية، ووفق ضرورات المرحلة، وليس بتأصيلات شرعية أو نتيجة للتعمق المعرفي؛ ما يكرس الطابع الحزبي السياسي للحركة.
يُشار إلى أن مجموعة من المنتمين للإصلاح رفعوا شعارًا تجديديًّا يطالب بإصلاح الحركة، معلنًا رفضه التسلح ونيل الحكم عبر فوهة البنادق، وطالب التعامل مع العالم بمنطلق إنساني لا بمنطلق ديني، وتغيير نظرته إلى المجتمع الصومالي كوحدة اجتماعية تتساوى فيها الحقوق والواجبات دون تمييزهم على مستوى الالتزام الديني، وتغيير منظومته السياسية التي تنطلق من رؤية قبول الآخر بفكره مهما كانت مرجعيته كمواطن صومالي.