أسباب ونتائج تحول التيار الصدري إلى المعارضة العراقية
الخميس 02/يونيو/2022 - 07:11 م
محمود البتاكوشي
كشف إعلان مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، مؤخرًا تضامنه ودعمه وتحوله إلى المعارضة الوطنية، عن استمرار أزمة تشكيل الحكومة العراقية، ارتباطًا برفضه الخضوع لطلبات «الإطار التنسيقي» وهو تجمع لأحزاب شيعية، بتشكيل حكومة توافقية، فضلًا عن صعوبة استقطاب المستقلين للانضمام إلى تحالف السيادة، إلى جانب الخلاف بين القوى الكردية.
تطورات متسارعة
قرار التيار الصدري يأتي متزامنًا مع عدد من التطورات السياسية التي شهدتها الساحة العراقية على مدار الفترة القليلة الماضية، وأبرزها تداول المحكمة الاتحادية العليا في 15 مايو الجاري، مشروع قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية الذي قدمته حكومة مصطفي الكاظمي الحالية إلى البرلمان، وأقره الأخير، ولكن المحكمة رأت أن حكومة «الكاظمي» هي حكومة تصريف أعمال ولا يحق لها تقديم أي قوانين من هذا النوع.
وشددت المحكمة على أن قرارها أصبح ملزمًا لكل السلطات، ما يعد ضربة لتحالف إنقاذ وطن، ويصب في صالح «التنسيقي» المعارض له، بالإضافة إلى فشل المبادرات المطروحة من جميع الأطياف السياسية لحلحلة أزمة تشكيل الحكومة، فضلًا عن قيام البرلمان بمحاولة تصفية نفوذ التيار التنسيقي في حكومة مصطفى الكاظمي، ما أثار مخاوفه وخاصة في ظل استمرار تعثر القوى السياسية في تشكيل حكومة جديدة.
رفض ضغوط التنسيقي
يهدف التيار الصدري من قراره التحول إلى صفوف المعارضة الوطنية، رفض ضغوط «التنسيقي»، إذ يصر مقتدى الصدر على رفض المحاولات المكثفة التي يبذلها الإطار لتعطيل تشكيل الحكومة العراقية، حتى يذعن الصدر لمطالبه، والتي تتمثل في تشكيل حكومة توافقية تضم القوى الشيعية كافة.
وأكد مقتدي الصدر، في 16 مايو الجاري، أي بعد يوم واحد من تحوّله إلى المعارضة، تمسكه بمشروع حكومة الأغلبية الوطنية، كما يكشف القرار امتلاك الصدر العديد من الخيارات للتعامل مع أزمة تشكيل الحكومة، وهو ما عبّر عنه من خلال تأكيده أنه في حالة فشلت القوى السياسية في تشكيل الحكومة خلال مدة الشهر، يقوم بطرح حل جديد، من دون توضيح ماهيته.
خطوات تصعيدية
ومن الممكن أن يلجأ التيار الصدري، حال فشل العملية السياسية، إلى خطوات تصعيدية، في حال إخفاقه في تشكيل حكومة أغلبية، ويتمثل ذلك في إجراء انتخابات مبكرة، عبر دعوة البرلمان إلى حل نفسه وإعادة الانتخابات، لاسيما في حال الفشل في عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية لتشكيل الحكومة، ولكن خطوة حل البرلمان ستواجه برفض من قبل التنسيقي، وهو ما أكده رئيس كتلة دولة القانون النيابية النائب عطوان العطواني، بأن الإطار التنسيقي ليس مع حل البرلمان، غير أنه في المقابل لا يستطيع منعه.
ومن الممكن أن يبقى مقتدى الصدر على حكومة مصطفى الكاظمي بالنظر إلى كونه مقربًا منه، ومرشحه السابق لرئاسة الوزراء، مع محاولة إقصاء بعض الوزراء الفاسدين، أو المرتبطين بالتنسيقي، ومن ثم إدخال تعديلات محدودة عليها من فترة لأخرى.
وقد يدعو التيار الصدري أنصاره إلى الخروج في احتجاجات واسعة ومنظمة، وصولًا إلى اعتصام مفتوح أمام المؤسسات الاستراتيجية في الدولة كالبرلمان للضغط على باقي القوى السياسية من أجل تشكيل الحكومة.
غير أن هذا الخيار غير عملي، لأنه سيدفع خصومه إلى حشد أنصارهم، ومن ثم فتح الباب أمام مزيد من الاضطرابات السياسية، وهو أمر يسعى الصدر لتفاديه، لذا من الممكن أن يقبل في النهاية بالحكومة التوافقية، التي يسعى إليها الإطار التنسيقي وإيران، إذ يرى الحرس الثوري الإيراني أن تشكيل الصدر لحكومة أغلبية تستبعد الإطار التنسيقي أو بعض مكوناته، ما هو إلا انتكاسة مؤكدة لنفوذه على العراق.





