ليست مصادفة.. عودة «بلحاج» إلى ليبيا تثير جدلًا والماضي الإرهابي يطارده
أثارت عودة «عبدالحكيم بلحاج» زعيم ما تسمى «الجماعة الليبية المقاتلة» المصنّفة تنظيمًا إرهابيًّا، إلى ليبيا، بعد غياب 5 سنوات قضاها بين تركيا وقطر، جدلًا واسعًا وتساؤلات بشأن الدور الذي يمكن أن يلعبه في هذه المرحلة المفصلية التي تعيشها البلاد، على وقع انقسام سياسي ومؤسساتي واتهامات وتهديدات متبادلة بين المعسكرات المتنافسة، حيث تتزامن عودة بلحاج الذي يتزعم حزب «الوطن» اللييي، الذي يقول منتقدوه إن له سجلًا إجراميًّا، مع صراع محتدم بين حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها برئاسة «عبدالحميد الدبيبة»، وحكومة الاستقرار الوطني الجديدة برئاسة «فتحي باشاغا».
عودة مرتقبة
أظهرت مقاطع مصورة، نشرها «بلحاج» عبر مواقع التواصل الإجتماعي، لحظة
وصوله إلى منزله في منطقة زناتة بالعاصمة طرابلس، حيث وصل بلحاج إلى العاصمة
طرابلس قادمًا من الدوحة، الخميس 21 أبريل 2022، وكان في استقباله عدد من أنصاره
وأقاربه ورفاقه بالجماعة الليبية المقاتلة، كما ظهر وهو في حماية مسلحين، قبل أن
يتحدث في جلسة أمام عدد من أهالي المنطقة.
وفور وصوله، دعا «بلحاج» في بيان إلى الحوار ودعم المسار السلمي للخروج من الأزمة الراهنة، وقال إنه سيواصل عقد لقاءات مع كل الفاعلين بالقضية الليبية بعيدًا عن أي مصالح سياسية متعلقة بتقاسم السلطة، أو تهديد وحدة الليبيين، وهو بمثابة إعلان العودة المرتقبة لهذه الشخصية الجدلية للمشهد والنشاط السياسي.
مطلوب للاعتقال
ويعد «بلحاج»، أحد أبرز القيادات الليبية المطلوب اعتقالها من قبل
مكتب النائب العام الليبي، بشبهة ارتكابه جرائم وزعزعة أمن واستقرار البلاد، وهو
مدرج منذ 2017 على قائمة الإرهاب للدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب، وكذلك على
قائمة البرلمان الليبي، إذ كان سجينًا قبل سقوط نظام معمر القذافي بتهمة محاولة
إعادة ترتيب الجماعة المقاتلة للجهاد ضد نظام القذافي، وتحوّل بعد الثورة إلى واحد
من أكبر أثرياء ليبيا، وأصبح يمتلك شركة طيران وقناة تلفزيونية، كما لعب دورًا
سياسيًّا وأمنيًّا عندما ترأس حزب «الوطن» الليبي، وأصبح قائد المجلس العسكري في
طرابلس.
ورغم محاولة إظهار نفسه على أنه شخصية سياسيًّة سلمية، فإن الماضي لا
يزال يطارد عبدالحكيم بلحاج، حيث لم ينس الليبيون تاريخه الإرهابي، وكيف قاتل
بجانب أسامة بن لادن في أفغانستان، وقاد الجماعة الليبية المقاتلة المرتبطة بتنظيم
القاعدة والمصنفة تنظيمًا إرهابيًّا.
ليست مصادفة
ويرى مراقبون في الشأن الليبي، أن توقيت
العودة لـ«عبدالحكيم بلحاج» مثير للجدل لأنه لم يتم إعلانها من قبله فقط بل
أيضًا من قبل بقية أعضاء الجماعة الليبية المقاتلة على غرار المتشدد محمد بوسدرة،
وكذلك سامي الساعدي، ثم ما يثير الحيرة هو سبب قدومهم إلى طرابلس في هذا التوقيت
الحرج الذي تعيشه ليبيا، متسائلين هل الغرض تهدئة الجماعات المتطرفة التي ما زال «بالحاج»
لديه تأثير عليها أم أن الأمر فيه نوع من استعراض القوة بأنهم ما زالوا موجودين في
المشهد، مؤكدين أن هذا المشهد في طرابلس يبعث بعدة مؤشرات، كما يثير أيضًا عدة
تساؤلات، خاصة حول ما إذا كانت هذه التطورات الغرض منها القول: إن أي تسوية مقبلة
يجب أن يكون فيها للإسلام السياسي دور أساسي وألا يسمح لباشاغا بالدخول لطرابلس
إلا بعد ترتيب الوضع مع هذه الجماعات.
وأكد المراقبون، أن عودة زعيم المجموعة الليبية المقاتلة «عبدالحكيم
بلحاج» وثلاثة آخرين من قيادات المجموعة المصنفة كتنظيم متشدد من قبل البرلمان
الليبي، ليست مصادفة وإنما جاءت بعد ضمانات أعطاها له «عبدالحميد الدبيبة» بعدم
التعرض له بناء على ضغوط بريطانية، ولحاجته لخدمات هذا التنظيم في السيطرة على
العاصمة ونشر العناصر المتشددة في طرابلس لحماية حكومة «الدبيبة» المنتهية ولايتها
من تهديد يأتي من الحكومة التي يقودها فتحي باشاغا، منوهين إلى أن حكومة الدبيبة حسمت
أمرها وقررت التحالف مع التنظيمات المتشددة التي كانت قد تخلصت منها ليبيا بعد أن
شن عليها الجيش الوطني الليبي سابقًا حربًا لا هوادة فيها واقتلع جذورها من شرق
ليبيا ثم كانت الحرب على داعش التي شاركت فيها مجموعات مسلحة من مصراتة تحت قيادة
فتحي باشاغا خلال العام 2017، وتم دحرها من سرت بمساعدة مباشرة من قوة أفريكوم
الأمريكية.
دفاعا عن الدبيبة
وعن إعادة تنظيم صفوف الجماعات الإرهابية في ليبيا للدفاع عن حكومة
الدبيبة، أشار المراقبون، إلى أن القصد من هذه العودة هو إعادة تنظيم صفوف هذه
الجماعات للدفاع عن حكومة الدبيبة في طرابلس ثم التنسيق مع ميليشيا إبراهيم
الجضران، وذلك في إطار التحضير للهجوم على الهلال النفطي الليبي، مؤكدين أن حكومة الدبيبة
مسؤولة عن إرجاع ثلاثة تنظيمات متشددة، هي: المجموعة الليبية المقاتلة وتنظيم أنصار
الشريعة وتنظيم المغرب الإسلامي، التي عادت بكل قوة بعد أن قبل شروطها للعودة بدفع
500 مليون دينار ليبي (نحو 105 ملايين دولار).
وبلحاج واحد من الأسماء المثيرة للجدل في المشهد السياسي الليبي منذ
سنوات، رصدت جريدة «واشنطن بوست» في العام 2017، جانبًا من تحول شخصيته، حين قالت إن
بلحاج الذي كان فيما مضى «جهاديًّا وقائدًا ثوريًّا» أصبح الآن سياسيًّا ورجل أعمال
إسلامي، إلا أن الليبيين لم ينسوا بعد هوية بلحاج السابقة.
وغادر بلحاج ليبيا في أعقاب العام 2017 بعد اشتباكات طرابلس، وظل
متنقلًا بين قطر وتركيا، حيث يدير شركة «الأجنحة للطيران» وقناة تلفزيونية.
للمزيد: الجيش
الوطني الليبي يطلق عملية كبرى لتطهير الجنوب من فلول «داعش»





