تأثيرات الخلط بين الإرهاب والمقاومة المسلحة على تنامي العنف
يعد الإرهاب الدولي من الظواهر الحديثة نسبيًّا، ومن ثم فمكافحته تحتاج لتطويع قانوني عالمي قادر على معالجة التحديات الناشئة والمخاطر المستقبلية، ويبقى خلط المفاهيم وتحييدها أهم متغير في هذا الإطار.
ويؤثر الخلط في المفاهيم المتعلقة بالإرهاب والعمليات المتطرفة على سبل مكافحتها على الأرض، ويعطي فرصًا لأصحاب الإيدلوجيات العنيفة للتنامي دوليًا وتنفيذ هجمات عابرة للقارات دون ردع، كما يعطي فرصة لأصحاب الأجندات الخاصة للتربح من توظيفات الإرهاب المختلفة.
خلط الإرهاب بمعايير المقاومة المسلحة
شهدت الآونة الأخيرة خلطًا متعددًا للإرهاب، بالمقاومة المسلحة، وأهم مثال على ذلك كان تعامل المملكة المتحدة مع الجماعة الليبية المقاتلة، ففي نوفمبر 2019 أعلن البرلمان البريطاني رفع اسم الجماعة من قائمة التنظيمات الإرهابية مطلقة عليها معارضة مسلحة.
تعامل صناع القرار في البرلمان البريطاني مع الجماعة الليبية المقاتلة باعتبارها تيار مقاومة مسلح، يناضل ضد نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، متجاهلًا التقارير والوقائع التي تؤكد ضلوع الجماعة في هجمات إرهابية، ومتخطيًا الدمار الذي لحق بالأراضي الليبية جراء انتشار السلاح في البلاد.
ونظرًا للخلط الأوروبي الشديد في هذا المجال، نفذ أحد عناصر الجماعة ويُدعى خيري سعد الله في 20 يونيو 2020 عملية إرهابية بمنطقة ريودانج ببريطانيا، ما يؤكد على أن الجماعة ليست وطنية بقدر ما تحمل من دوافع عنيفة، فالجماعة الليبية المقاتلة ويقودها حاليًا عبد الحكيم بلحاج تأسست في عام 1982 على يد علي الشعيبي، وتعاونت مع تنظيم القاعدة وبرزت كإحدى الهيئات الخطيرة على الأمن القومي الليبي.
وهنا يبرز عامل السلطوية والعنف كمدخل للادعاءات المتطرفة، بمعنى أن العنف الذي تمارسه بعض التيارات السياسية ضد الشعوب أحيانًا ما يخلق فرصة للجماعات الإرهابية للتظاهر بتعرضها للانتهاكات، ومن ثم تتحصل على إمدادات للسلاح، سواء عبر ترويج صور مجتزأة من سياقها أو تضخيم الأحداث أو حتى كشف العلاقات غير الطبيعية بين السلطة والمواطنين.
وتبقى الأزمة السورية من أبرز الأمثلة على هذا الخلط، إذ اختلف المجتمع الدولي حول شرعية تسلم المعارضة في الداخل، أسلحة، ما زاد من تفاقم الأزمة وعرض البلاد للانهيار والانقسامات والحرب الأهلية.
تصنيفات الإرهاب والمصالح السياسية
تواجه جماعة الحوثي فى اليمن انقسامًا، حول ما إذا كانت إرهابية من عدمه، وهو الانقسام الذي تثيره الإدارة الأمريكية تجاه الملف، ففي فبراير 2021 قررت الحكومة برئاسة جو بايدن رفع الجماعة من قوائم الإرهاب مع إزالة العقوبات المفروضة ضدها، في قرار يعمق النزاع حول مفاهيم الإرهاب وعلاقته بالمصالح السياسية.
تمارس جماعة الحوثي إرهابًا خطيرًا على الأراضي اليمنية مهددة الدول الخليجية وأبرزها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، في الوقت الذي تقرر فيه واشنطن أن الجماعة ليست إرهابية، ما يزيد من تفاقم الأزمة حول إنتاج معايير دولية واضحة تجاه السلوكيات التي يجب أن تصنف إرهابية من عدمه بغض النظر عن المصالح.
وفي مثال آخر على المصالح وعلاقتها بالتصنيف الإرهابي تأتي حركة طالبان التي شنت من أجلها واشنطن حربًا طويلة في أفغانستان من أجل تعاونها مع تنظيم القاعدة الإرهابي في هجمات 11 سبتمبر 2001، ثم عادت للتعاون معها ضمن اتفاقية فبراير 2020 للخروج عسكريا من البلاد وتسليمها السلطة.
المزيد.. بالمحاكمة الدولية.. أوروبا تتجاوز إشكاليتها القانونية ضد «داعش»





