الجنوب الليبي.. تحرك عسكري لدحر الإرهاب ومكافحة الهجرة غير الشرعية
الأحد 16/يناير/2022 - 07:41 م
أصبحت منطقة الجنوب الليبي قاعدة لحركات التمرد الأفريقية، والهجرة غير الشرعية، الأمر الذي دعا إلى تحرك قوات الجيش الوطني الليبي لتحرير الجنوب وتطهيره وضبط النظام وإنهاء حالة الفوضى والتهريب والابتزاز، التي تمارسها الميليشيات والمرتزقة المتسللة عبر الحدود الليبية.
في هذا السياق، أصدرت قوات الجيش الوطني الليبي، تعليماتها بشن عملية عسكرية واسعة جنوبي البلاد، هي الأولى لها عام 2022، مستهدفة طرد التنظيمات الإرهابية وعصابات المخدرات والتهريب والهجرة السرية، التي تتخذ من المنطقة ملاذًا تنشر منه التطرف والإجرام في بقية ليبيا.
وقال آمر عمليات الجنوب ومنطقة «سبها» العسكرية اللواء المبروك سحبان في تصريحات صحفية، إن قوات الجيش الوطني بدأت حملة عسكرية واسعة وشاملة في الجنوب لفرض الأمن، وإنها «تستهدف عصابات تمارس تجارة المخدرات والتهريب والهجرة غير الشرعية، فضلًا عن مجموعات مسلحة تشن عمليات إرهابية على قوات الجيش».
وبحسب «سحبان»، فإن المرحلة الثانية من الحملة ستتضمن محطات الوقود غير الشرعية، التي توزع الوقود المهرب بأسعار مرتفعة، خاصة أن عملية التوزيع في مستودع «سبها» النفطي للوقود غير عادلة لغياب الرقابة، و«هناك تلاعب كبير تشترك فيه محطات التوزيع وأطراف أخرى».
ولاقت العملية العسكرية دعمًا شعبيًّا من القبائل والأعيان في الجنوب الليبي، للتخلص من مظاهر الفوضى والانفلات الأمني، وبالأخص ما يسمى بـ«ميليشيا 116» التي تعد رأس الحربة في غالبية مشكلات الجنوب.
بدأت تلك الميليشيا، التي تحمل اسم 116، في الظهور عام 2014، وبعد أن قاتل رأس تلك الميليشيا المدعو مسعود جدي مع تحالف ميليشيات «فجر ليبيا» الإرهابية ضد قوات الجيش الوطني، قام بتدمير وحصار العاصمة الليبية في ذلك العام.
ويمتلك مسعود جدي سجلًا إجراميًّا في الجنوب؛ من عمليات خطف وابتزاز وطلب فدية وإيواء عناصر متطرفة، وتربطه علاقات وثيقة بعدد من الميليشيات في العاصمة طرابلس، وبالأخص ما تسمى بميليشيا الردع الأكثر ضراوة، ويقودها عبد الرؤوف كارة.
يصل تعداد تلك الميليشيا، التي تعد المسيطرة على الجنوب الليبي، ما يقرب من 1200 من المسلحين والمرتزقة، حيث تنشط في تلك المنطقة عمليات التهريب، بخلاف وجود عدد من عناصر تنظيمي القاعدة وداعش الإرهابيين.
تعتمد تلك الميليشيا في تمويلها، على عمليات تهريب المخدرات والهجرة غير الشرعية، ويمثل المرتزقة الأفارقة جزءًا كبيرًا من ميليشيا 116، التي أطلق عليها فيما بعد قوة ما يسمى بـ«مكافحة الإرهاب»، في محاولة للسيطرة بشكل رسمي على مقدرات الجنوب.
يعاني الجنوب الليبي من وجود تلك الميليشيا التي تسببت في تردي الأوضاع وانعدام الخدمات، وتواصل الأزمات، وعلى رأسها أزمة الوقود والغاز وانهيار البنية التحتية.
كما يعيش سكان المنطقة الجنوبية حالة من القلق الأمني المستمر، ففي بداية ديسمبر المنصرم، أحبط الجيش محاولة تلك الميليشيا اقتحام مقر الاستخبارات العسكرية والمواقع والتمركزات الأخرى التابعة للجيش، من أجل طردهم منها والسيطرة عليها، واستخدمت في الاشتباكات التي هزت أرجاء مدينة «سبها» وامتدت لعدة ساعات، أسلحة ثقيلة.
ويشهد الجنوب الليبي منذ عام 2011 أوضاعًا أمنية واجتماعية واقتصادية متردية، ونشطت هناك عصابات الهجرة غير الشرعية والمخدرات وخلايا تنظيم «داعش» النائمة، التي اتخذته ملاذًا آمنًا لمساحته الشاسعة وبعده عن أعين السلطات، كما تقوم العصابات بتهريب السلاح منه إلى ميليشيات داخل ليبيا.
وكانت دراسة أعدها مركز «كارنيغي» للأبحاث بعنوان «فوضى خطوط الحدود» بعد سقوط حكم الزعيم معمر القذافي في 2011، أشارت إلى أن جنوب ليبيا يتسبب في مشكلات كبيرة لجيرانه، فـ«تهريب السلاح والبشر يتدفق بحرية تامة من جميع أنحاء المغرب العربي بسبب الجماعات العرقية، وعلاقاتها الوثيقة بشبكات الإجرام المنظم التي تعمل على ربط المنطقة ببعضها البعض».
وقاد الجيش الليبي معارك تطهير جنوب البلاد من هذه العصابات الإجرامية والتنظيمات الإرهابية في حربًا شرسة ضد جهات عديدة، أبرزها تنظيم الإخوان والمتمردين والمرتزقة التشاديين، وآخر هذه المعارك ضربات عسكرية موجعة لأوكار تابعة لتنظيمي «داعش» والقاعدة في نوفمبر الماضي.
ورغم تعرض تنظيم القاعدة إلى ضربات قوية ومتتالية من طرف الجيش الليبي، فإن التنظيم يصر على إيجاد موطئ قدم في المنطقة، لكون ليبيا آخر أمل لوجوده في منطقة شمال إفريقيا.
وعلق عضو مجلس النواب جبريل أوحيدة، على تجمع ميليشيات المرتزقة عند المثلث الحدودي جنوب شرقي ليبيا، قرب حدود تشاد والسودان، قائلًا في منشور له على موقع «فيسبوك» إن «تلك الميليشيات تشكل خطرًا محدقًا إذا لم يتم استيعابها داخل دولها»، في إشارة إلى تشاد والسودان.





