لحصد مزيد من المكاسب طهران تتلكأ أمام إدارة بايدن
تعد استراتيجية النظام الإيراني للتعاطي مع إدارة جو بايدن جديرة بالدراسة، فهي تسعى للاستفادة من قرار واشنطن العودة إلى الاتفاق النووي، لتمرر أهدافها كجلب السيولة المالية، وتسريع التسلح، ورفع العقوبات، وبالتالي تتأخر في العودة إلى الاتفاق؛ لضمان تحقيق أكبر ضغط، وبالتالي الحصول على أكبر تنازلات أمريكية.
وقد بات واضحًا، أن القيادة الإيرانية تضع مصلحة النظام أولًا قبل المصلحة الحياتية
والاقتصادية للمواطنين، وبالتالي لا ننتظر أن تقوم طهران بتنازلات كبرى حيال المطالب
الغربية لتستفيد من المداخيل المالية لتحسين الاقتصاد والوضع المعيشي، بل ستستفيد من
مداخيل الاتفاق النووي لتدعيم النظام داخليًّا، وتصليب سيطرتها على مستعمراتها العربية، ومحاولة الاستفادة من عودة واشنطن إلى الاتفاق بكل الوسائل.
من الصعب أن تتخلى طهران عن الدول أو المناطق التي تسيطر عليها تحت أي ظرف
كان، إلا تحت ضغط هائل، وهو بعيد الاحتمال تحت إدارة بايدن بسبب الاتفاق النووي، وبالتالي
فطالما عادت واشنطن إلى الاتفاق لن تكون هناك مقاومة أمريكية لسيطرة إيران على أربع
دول عربية. أو هذا على الأقل ما تعتقده طهران، على اعتبار أن القوى الضاغطة داخل أمريكا
ستعمل المستحيل لمنع بايدن من تحرير العراق وسوريا ولبنان واليمن من القبضة الإيرانية
حتى الانتخابات المقبلة، وهذا ما تعول عليه طهران حتى 2024.
ويبدو أن النظام الإيراني يتكل على ميليشياته في العراق لإبقاء البلاد تحت سيطرته،
من هنا ستستمر إيران في تعزيز قدرات الحشد الشعبي والمجموعات الموالية لها، وستوسع
هذا الدعم مع الحصول على المداخيل المالية بواسطة الاتفاق النووي ورفع العقوبات، أمام
طهران تحديان داخل العراق. الأول، هو وجود قوات أمريكية، وستعهد إيران مهمة إجلائها
للميليشيات عبر تسليحها لكي تهدد هذه القوات، وستحاول استعمال اللوبي الإيراني في الولايات
المتحدة لحمل الإدارة على سحب القوات العسكرية.
والتحدي الثاني هو انتفاضة المجتمع المدني ضد الميليشيات، إذ تخشى طهران تجدد
تظاهرات أكتوبر 2019، بشكل أكبر، مما قد يؤدي إلى تدخل خارجي، بما فيه تدخل أمريكي،
ولكن القيادة الخمينية تظن أن توقيع الاتفاق مع واشنطن وضغط اللوبي فيها، سيمنع الإدارة
من مساندة الانتفاضة الشعبية عندما تعود إلى الشوارع، مشروع إيران في العراق حتى
2024 هو تعميق السيطرة عليه فهذا تاريخ مجيء رئيس أمريكي جديد، وصولاً إلى الإمساك بنفطه
عبر شركات تسيطر عليها من خلال الميليشيات. وكل ذلك مبني على افتراض عدم رد إدارة بايدن
على التوسع الإيراني في المنطقة.





