تكسير عظام.. حرب متواصلة بين داعش وطالبان والضحية أفغانستان
قتال متواصل
بات القتال وحشيًّا بين حركة «طالبان» وتنظيم «داعش
خراسان» في إقليم ننجرهار، حيث ظهرت الجثث التي يُشاع أنها لعناصر داعش، قتلوا
على يد طالبان في عمليات قتل مستهدفة خارج نطاق القضاء، إذ كان التنظيم الإرهابي
بلا هوادة في مهاجمة الوحدات العسكرية لطالبان، وليس فقط في ننجرهار، ولكن في
أجزاء أخرى من البلاد أيضًا.
وكشف موقع «إنسايد إرابيا - Inside Arabia» الأمريكي، خلال تقرير له، تفاصيل الصراع
الدائر حاليًّا في الداخل الأفغاني بين «طالبان» و«داعش خراسان» موضحًا الخطوات التي
يتبعها التنظيمان لفرض سيطرتهما على الأرض، لافتًا إلى أنه كان يتحتم على نظام «طالبان»
الجديد أن ينتقل بسرعة من عشرين عامًا من القتال ضد الجيوش المتقدمة عسكريًّا، إلى
وضع أنظارهم على شبكة سرية غامضة تضم بضعة آلاف من المتشددين ممن ينتمون إلى تنظيم
«داعش خراسان».
ويأتي هذا الأمر في الوقت الذي وجّهت فيه اتهامات إلى الحركة الأفغانية،
بحفاظها على الاتصالات الوثيقة مع التنظيمات الإرهابية وغير قادرة على قطع هذه
العلاقات، حيث أكد أكد رئيس دائرة العلاقات الخارجية بـ«جبهة المقاومة الوطنية
الأفغانية»، علي ميسم نزاري، أن الحركة الأفغانية لا تزال تحافظ على اتصالات وثيقة
مع التنظيمات الإرهابية، لا سيما «داعش» و«القاعدة»، قائلًا: «اتصالات طالبان
بالإرهاب الدولي لا تنفصم.. طالبان ببساطة غير قادرة على قطع هذه العلاقات؛ لأن
الإرهابيين بفضلهم لديهم فرصة لاكتساب الشرعية، وكل التوقعات بانفصال الحركة عن
الجماعات المتطرفة لا أساس لها على الإطلاق».
وأعربت روسيا مرارًا وتكرارًا عن مخاوفها بشأن الأمن المستقبلي في آسيا
الوسطى، حيث أجرت العديد من التدريبات العسكرية مع طاجيكستان وحلفاء آخرين على طول
المنطقة الحدودية مع أفغانستان، كما أنها لم تمنح بعد اعتراف رسمي بالحركة
الأفغانية وعبرت أيضًا عن استيائها من حصول النظام الجديد في كابول على تمثيل في
الأمم المتحدة.
في المقابل، اتهم تنظيم «داعش خراسان»، الحركة الأفغانية بالتعاون مع
الولايات المتحدة في إجلائها عن أفغانستان من خلال توفير الأمن حول المطار، فضلا عن توقيع اتفاق الدوحة الذي ساعد في تسهيل خروج واشنطن من مشاركتها العسكرية
الطويلة في أفغانستان.
وعلى الرغم من أن الآلاف من سجناء تنظيم «داعش خراسان» تمكنوا من الفرار من
السجون عندما استولت «طالبان» على مقاليد الحكم في أفغانستان، إلا أن العديد منهم
عادوا إلى صفوف التنظيم الإرهابي بدلاً من الانضمام إلى إمارة طالبان الجديدة التي
يتم إنشاؤها في كابول، حيث عاد التنظيم إلى أساليبه الوحشية في تنفيذ التفجيرات
الانتحارية وضرب وشن هجمات على طالبان، إضافة إلى إظهار قدرة على الوصول إلى كبار
أعضاء الحركة، من خلال استهداف جنازة والدة المتحدث باسم طالبان «ذبيح الله مجاهد»
في مسجد «عيد جاه» بكابول في 3 أكتوبر 2021.
صراع أفكار
ويؤكد تقرير «إنسايد إرابيا» أن المعركة كونها على القوة العسكرية، فإن
المواجهة بين «طالبان» وداعش خراسان» ستكون صراعًا للأفكار التي ستسمح في النهاية
لطالبان بالسيطرة على السلطة، حتى إن طالبان بدأت في اضطهاد أعضاء المجتمع السلفي
الأفغاني، والتي يعتقدون أنها يمكن أن تكون بمثابة مصدر محتمل للتجنيد والدعم للتنظيم
هناك، إضافة إلى مواجهة «داعش خراسان» صراعًا شاقًا لجذب مؤيدين جدد عندما تكون
حركة إسلامية متشددة قد ضمنت بالفعل انتصارًا واستقرت قوتها في كابول.
وفي أواخر أكتوبر الماضي، قامت «طالبان» بالتفاوض مع خلايا داعش في ننجرهار
لتسليم أنفسهم بمساعدة زعماء القبائل المحليين، حيث وافقت مجموعة مكونة من 65 من
أعضاء التنظيم على التخلي عن قتالهم مع «داعش خراسان» لكنهم سيخضعون للمراقبة عن
كثب من قبل استخبارات طالبان.
ويرى مراقبون في الشأن الأفغاني، أنه إذا كان الأمريكيون قلقين بشأن معاودة
المتطرفين الإسلاميين العنيفين استهداف وطنهم، فإن أفغانستان ليس المكان الذي
ينبغي أن يكثروا من مراقبته، إذ يضع الصراع على النفوذ حركة «طالبان» في مواجهة
تنظيم «داعش خراسان» الذي يعتبر أقوى بكثير من أي بقايا خلفها تنظيم «القاعدة» في
تلك البلاد، منوهين إلى أنه إذا أرادت واشنطن الاستمرار في محاربة «داعش خراسان»،
فسيتعين عليها أن تنضم إلى طابور جيران أفغانستان الذين يهددهم التنظيم.
وعن مستقبل الحركة، يؤكد المراقبون، أنه من المؤكد أن مستقبل أفغانستان
سيصبح ديكتاتورية، لكن مسألة ما إذا كان النظام الجديد يمكن أن يحصل على الدعم من
الخارج لا يزال غير واضح، مشيرين إلى أن «داعش خراسان» أثبت باستمرار أن لديه
القدرة على شن هجمات إرهابية مدمرة ومعقدة، ومواصلته العمليات ضد الحركة الأفغانية
في المستقبل.





