«اللاجئين» مقابل الاستقرار الاقتصادي.. مراوغات «طالبان» للمجتمع الدولي
الجمعة 05/نوفمبر/2021 - 07:18 م
نهلة عبدالمنعم
تواجه حركة طالبان الكثير من التحديات لحكم أفغانستان لعل أبرزها الوضع الاقتصادي المتردي للبلاد جراء سنوات الحرب والصراعات السياسية وما خلفتها من اضطرابات في القطاع الاستثماري والنقدي لكابول، ولإيجاد حل للأزمة اختارت الحركة التلويح بورقة اللاجئين كأداة ضغط ضد الغرب.
وفي تصريحات سابقة حذر وزير خارجية حكومة طالبان أمير خان متقي الدول الغربية من أن إضعاف الحكومة الأفغانية ليس في مصلحتهم، لأنه سيُحدث هجرات اقتصادية نتيجة تدهور الأوضاع الداخلية ما سيؤثر على أمن الجميع وبالأخص أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
«اللاجئين».. مراوغات طالبان وسط ضغوط الغرب
يبدو من اللهجة المنتشرة عقب اللقاء الأول بين مسؤولي واشنطن وزعماء طالبان عقب سيطرتهم على البلاد بموجب الاتفاق المبرم بينهما في فبراير 2020، أن هذه كانت الحيل التي استخدمتها الحركة في الاجتماع الأخير مع الولايات المتحدة للرد على قرارات الأولى تجاه العقوبات المفروضة على طالبان.
واتخذت الولايات المتحدة قرارات بتجميد الحسابات المصرفية لأفغانستان كنتيجة لاستيلاء طالبان بالعنف على سلطة البلاد، بالرغم من أن الحكومة الأمريكية اختارت طالبان كطرف أفغاني أوحد لإبرام اتفاق تسوية معه من أجل الانسحاب العسكري لقواتها وحلفائها من البلاد بعد سنوات من الحرب بدأت أساسًا للقضاء على الحركة قبل أن تصبح حليفتها.
وتمثل قرارات واشنطن بتجميد حسابات البلاد في بنوكها وما رافقها من قرارات لصندوق النقد الدولي بمنع كابول من الاستفادة من خدماته المالية عبئًا كبيرًا على كاهل اقتصاد البلاد ومواطنيه إلى جانب تعطيل الاستثمارات الأجنبية والمحلية.
وبالنظر إلى الطريقة التي وصلت من خلالها الحركة إلى السلطة فأن اتجاه الحكومة الأمريكية إلى معاقبتها عن طريق الأزمات الاقتصادية ينذر بضغوط دولية كانت تهدف واشنطن إلى تفعيلها لضمان ولاء الحركة لها ولمصالحها حتى بعد الانسحاب إلى جانب الحفاظ على صيغ تفاهمية نحو ما ترجوه الإدارة الأمريكية من المنطقة الآسيوية المهمة حيث أكبر منافسيها الصين وروسيا.
ومن ثم فأن لجوء الحركة إلى ملف اللاجئين يأتي في إطار الضغط المضاد عبر استخدام تأثيرات هذا الملف على الأمن وهو ما يتخوف منه الغرب، كما أنه يخلق رأيًا عامًا داخليًّا في أوروبا وواشنطن يحفز ضد أي قرارات قد يكون من شأنها زيادة موجات الهجرة لوجود تخوفات مجتمعية من آثارها الاقتصادية والديموجرافية إلى جانب مخاوف أخرى تتعلق برؤى اليمين المتطرف تجاه المهاجرين.
ومن زاوية أخرى فأن التلويح بملف المهاجرين من جانب طالبان ليس مقصودًا به فقط الغرب؛ بل أيضًا دول الجوار المحتمل أن تتأثر كثيرًا من هذه الموجات، وبذلك يحتمل أن تستخدم الحركة هذا الخطاب لتشكيل رأي دولي آخر معاكس لتوجهات الغربيين إزاء الأزمة.
فالدول المحيطة بأفغانستان تخشى موجات الهجرة المكثفة المحتمل أن تهدد أمنها الجنائي والاقتصادي في ظل ظروف مالية صعبة تضرب العالم بأكمله بمستويات مختلفة جراء جائحة كورونا.
«طالبان» وأزمة الاعتراف الدولي مقابل الاستقرار الاقتصادي
تسعى حركة طالبان منذ سيطرتها الأحادية على أوضاع كابول في أغسطس 2021 إلى نيل الاعتراف الدولي بسلطتها الجديدة مستخدمة خطابًا سياسيًّا مرصعًا بالانفتاح الفكري-نسبيًّا- تجاه المرأة والمجتمع الدولي.
ولكن ترتبط استمرارية سيطرة طالبان أو أي تيار سياسي بقدرته على الإيفاء بالالتزامات المالية تجاه الشعب والمتطلبات الأساسية حتى يضمن ولو قدرًا من الاستقرار الداخلي، كما أن هذه النفقات الأساسية وإن كانت بسيطة تمنح السلطة قدرًا من امتلاك القرار دون ولاء كامل للخارج وهو ما تحاول الحركة المراهنة لأجله.





