بالأرقام.. هجمات القاعدة في أفغانستان ودلالة «سياسة التخلي» الأمريكية
الخميس 16/أبريل/2020 - 05:20 م
نهلة عبدالمنعم
لايزال تنظيم القاعدة يحاول باستماتة لاستعادة مجده الارهابي البائد، متجاهلًا الضربات الأمنية التي لحقت بأغلب فروعه وبالأخص تشكيله الأساسي في خراسان وشبه الجزيرة الهندية، مُعتمدًا في ذلك على الترويج الإعلامي لعمليات إرهابية وهجمات يَدَّعي تنفيذها عبر منصاته المختلفة.
إذ نشرت وكالة ثبات الإخبارية المحسوبة على تنظيم القاعدة مطلع أبريل 2020 حصادًا شهريًّا للعمليات الإرهابية التي نفذها مسلحو التنظيم خلال شهر مارس 2020 في كل المناطق التي يدعي السيطرة عليها إلى جانب حصاد أسبوعي لأول أبريل 2020، ولكن اللافت في الحصاد هو ارتفاع عدد العمليات في ولاية خراسان وشبه الجزيرة الهندية.
أرقام وإحصائيات مرتفعة
طبقًا لما أوردته وكالة ثبات وروجت له وكالة العماد التابعتين للقاعدة فإن عدد العمليات الإرهابية التي نفذت في خراسان خلال شهر مارس بلغت حوالي 343 عملية مخلفة مئات القتلى والإصابات، فضلًا عن 9 عمليات ارتكبت في شبه الجزيرة الهندية (باكستان) وعدد من القتلى والمصابين.
أما الإحصائية الأسبوعية التي قدمت أيضًا على شكل إنفوجرافات وصور رقمية أوضحت وقوع 88 عملية في خراسان وحدها مخلفة 200 قتيل إلى جانب عملية واحدة في الهند.
ووفقًا للأرقام الواردة عن تنظيم القاعدة فإن عدد العمليات التي نفذها في أفغانستان كبير جدًا ونسبة الخسائر البشرية والعسكرية الناتجة عنه كبيرة أيضًا، ما يوحي بأن الحركة أرادت إعطاء صورة ذهنية عن نشاط كبير لها في المنطقة، قد يؤشر في مجمله عن أمرين في غاية الخطورة أولهما الترويج الإعلامي للتنظيم وإظهار استمرار فعاليته بالأرض الأفغانية المهمة له وما لذلك من تأثيرات أخرى مرتبطة بشحذ همم العناصر ومحاولات ضم أكبر عدد من المسلحين ومتطرفي الهوية إلى الحركة.
أما الأمر الثاني فيرتبط بالترويج لوجود انهيار أمني في أفغانستان وبالأخص مع بداية التجهيز للانسحاب الأمريكي من أفغانستان بموجب الاتفاقية الموقعة بين الجانب الأمريكي وطالبان.
الضغط النفسي والحلقة الأضعف
وتؤكد بعض الآراء وجود علاقة بين ذاك الترويج والحرب النفسية على المعسكر الأمريكي، إلا أن الملاحظة الأبرز في التقرير الإحصائي للقاعدة هو حرص التنظيم على كتابة عبارة دالة، وهي أن العمليات تستهدف فقط مناطق الحكومة الأفغانية الرسمية دون غيرها من المناطق، ما يعني أن الهجمات القاعدية لا تستهدف مناطق سيطرة طالبان.
وهي بذلك تكون أقرب للترويج ضمنيًا بأن القاعدة وطالبان لا يزالان على وفاق ولم يقطعا علاقتهما بشكل كامل مثلما تطلبت بنود الاتفاق الأمريكي، كما أن الاثنين يشتركان في عملية الضغط النفسي الممنهجة، ولكن على الحكومة الأفغانية على الأكثر والتي تحاول مد أمد التفاوض مع طالبان على إطلاق سراح العناصر المحتجزة لمزيد من المكاسب السياسية.
وما يظهر من ذلك الترابط أن وقف العنف الأولي الذي جرى بعد توقيع الاتفاق بين واشنطن وطالبان في 29 فبراير 2020 بدأ في الاختراق منذ رفض الحكومة الإفراج عن قيادات طالبان وأن التنظيمين خرقا الهدنة سويًا وتعاونا في إلحاق المزيد من الخسائر البشرية والعسكرية بقوات الأمن التابعة للحكومة الأفغانية ما يشكل ضغطًا كبيرًا عليها.
بالأخص مع التهديد الأمريكي على لسان وزير الخارجية مايك بومبيو بأن واشنطن ستخفض من مساعداتها المالية للحكومة إذا لم تنصاع لطلبات طالبان، وهنا يبرز أن الحكومة الأفغانية بقيت الطرف الأضعف في المعادلة الأفغانية.
التخلي الأمريكي ومعادلات المستقبل
كما يظهر أن واشنطن لجأت إلى «سياسة التخلي» في هذه الأزمة، إذ تخلت أولا عن الحكومة التي نصبتها في البلاد لإرساء الأمن وكذراع سياسي لإدارة الأمور، وثانيًا تخلت عن المغزى المعلن للحرب في أفغانستان التي بدأتها في 2001 كأطول حرب تخوضها أمريكا خارج الديار وهو الحرب على الإرهاب، فيبدو أن تنظيم القاعدة قد بات أداة أكثر فعالية لإحكام سيطرة طالبان على قواعد اللعبة كوسيط بين واشنطن ومصالحها في المنطقة، وذلك إذا صحت الإصدارات الرقمية بالأساس.
أما إذا لم تكن صحيحة فهي تؤشر عن صفقة ضمنية تهدف القاعدة إلى إبرامها مع الطرف الأقوى وهو طالبان لإظهار استمرارية ولائها، للحصول على تأمينات أكثر لعدم الغدر والتسليم مقابل المساعدة في السيطرة على الأرض كعامل مساعد يستفيد منه جميع الأطراف، وذلك في ظل أنباء متواردة عن احتمالية تسليم طالبان قيادات القاعدة لواشنطن.





