ad a b
ad ad ad

من القتال للاستجمام.. طالبان بين الحنين للحرب ومكابدات السلام

السبت 25/سبتمبر/2021 - 01:26 م
المرجع
مصطفى كامل
طباعة

بعد حرب مستعرة استمرت لسنوات عدة، أسفرت عن استيلاء حركة «طالبان» على مقاليد الحكم في أفغانستان، وبسط نفوذها هناك، وجد بعض مقاتلي حركة «طالبان» مشقة في التأقلم على الوضع الجديد الذي باتت عليه الحركة بعد السيطرة على مقاليد الحكم هناك، عكس ما اعتاد عليه عناصرها من ممارسة عمليات الكر والفر والقتال المتواصل داخل الجبال والوديان، ففي الوقت الذي كانت تقوم به أحد وحدات حركة طالبان العسكرية بشن هجمات على مواقع وقوافل حكومية، باتت اليوم تقف عند نقطة مراقبة لتفتيش السيارات وفحص أوراق تسجيلها، في دور لم تألفه الحركة منذ الإطاحة بها من الحكم في تسعينيات القرن الماضي.

من القتال للاستجمام..

الحنين للحرب

بات عناصر الحركة الأفغانية، منذ احتفالهم بسقوط كابل قبل شهر تحت سيطرتهم، إذ يعاني العديد منهم من عدم التأقلم على المهام العملية الجديدة الموكلة لهم بتأمين العاصمة الأفغانية، حيث تؤكد الكاتبة «سوزانا جورج» في مقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست - Washington Post» الأمريكية، بأن عناصر الحركة لا يزالون في حنين للحرب لأنهم يحبون القتال ولم يشعروا بالارتياح منذ قدومهم إلى العاصمة الأفغانية، حيث لم يعد هناك اقتتال بعد اليوم.


ووفق التقرير الذي نشرته الصحيفة الأمريكية، كشفت الكاتبة أن القائد العسكري بالحركة «عبد الرحمن نيفيز»، أوضح أن أكثر من 250 من مقاتلي طالبان يأتمرون بإمرته لا يشعرون بالإرتياح، قائلًا: «قبل شهور قليلة فقط، كانت الوحدة التي يقودها نيفيز تشن هجمات على مواقع وقوافل حكومية، لكن مقاتليها يقفون اليوم عند نقاط مراقبة لتفتيش السيارات وفحص أوراق تسجيلها.. معظم المقاتلين تحت قيادتي في ضيق وأنا أقول لهم أنتم بحاجة إلى الاسترخاء، لكن التأقلم على الحياة الجديدة يستغرق بعض الوقت».


وبينما أمضت القيادة السياسية للحركة سنوات في عقد لقاءات مع مسؤولين أجانب تمهيدًا لإجراء محادثات سلام مع الولايات المتحدة، كان مقاتلو طالبان من الجنود والرتب الصغيرة يخوضون غمار حرب «إيمانًا منهم بأنها طريق واضح إلى الجنة»، منوهين إلى أنهم –وفق الصحيفة- باتوا جنودًا بعد أن كانوا قبل ذلك مقاتلين في حرب عصابات، ولم نفكر أن نكون جنودًا توكل لنا مهام مهام رئيسية، مقرين بأنهم أصيبوا بخيبة أمل عندما أُبلغوا بمهاهم الجديدة.

من القتال للاستجمام..

مكابدات السلام

وفي وسط العاصمة كابل، وصف قادة طالبان ما يعانونه من مكابدات مماثلة؛ فعندما تعرض محتجون سلميون مؤخرًا لهجوم من مقاتلي طالبان الذين أُرسلوا لتفريق مظاهرتهم، برر المتحدث باسم الحركة «ذبيح الله مجاهد»، العنف الذي استُخدم قائلا: إن «المقاتلين غير مدربين على التعامل مع الاحتجاجات بعد».


ووفقًا لـ«الواشنطن بوست»، فإن قيادة طالبان، المؤلفة من شخصيات تنتمي إلى الحرس القديم في الحركة، يعانون من ضغوط كبيرة لاستعادة مليارات الدولارات في شكل مساعدات هي التي حافظت على استمرار الحكومة السابقة قبل الإطاحة بها مؤخرًا.


في المقابل، يزعم قادة الحركة، أن «طالبان» قد تغيرت منذ آخر مرة سيطرت فيها على أفغانستان في تسعينيات القرن الماضي، مؤكدين أن الحركة قادرة على أن تكون قوة حاكمة أكثر تسامحًا.


لهو ولعب


مع انتشار أعضاء طالبان في الأراضي الأفغانية، وممارسة الحياة التي كانت مفقودة بالنسبة لهم واكتشاف كل ما هو جديد في عالم شعروا فيه بالحرمان، تشهد أفغانستان أطوارًا غريبة من التطور، حيث أكدت «رويترز» أن عناصر الحركة الأفغانية اكتشفوا العالم الترفيهي في أفغانستان، إذ ظهروا وهم مدججين بالأسلحة يلهون في مدينة للملاهي، وفي مقطع فيديو آخر محلقين في السماء بمروحية عسكرية، وفي آخر يستمتعون بممارسة الرياضة في صالة ألعاب رياضية.

من القتال للاستجمام..

وظهرت أولى المشاهد التي تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي، لمقاتلي الحركة في مدينة مزار شريف الاستراتيجية المهمة، حيث ظهروا يحتفلون برفقة أسلحتهم، في أحد قصور المدينة، يتناولون الطعام ويشربون الشاي، فيما انشغل آخرون بالتحدث في الهاتف، وعلامات السعادة بادية عليهم، بعد سيطرتهم على أحد المطارات العسكرية في مدينة بلخ، فقرروا القيام بمغامرة، والتحليق بمروحية عسكرية في سماء المدينة.


وفي مشهد آخر، ظهر مقاتلو طالبان المدججون بالأسلحة، أمام مدينة ملاهي للأطفال، فقرروا ارتياد تلك الألعاب، حيث العربات الكهربائية والأحصنة الخشبية، وفي العربات الكهربائية، حاول المسلحون التسابق كالأطفال، والاصطدام ببعضهما، فيما كان آخرون ينتظرون دورهم في شغف.


وكشفت صور حديثة ارتياد مسلحي الحركة حديقة «باند إي أمير» الوطنية، ولهوهم ببدالات المياه في واحدة من البحيرات التي طالما قصدها السياح للاسترخاء والاستجمام، حيث تقع «باند إي أمير» على مساحة 600 كيلومتر مربع بين جبال هندو كوش، في إقليم باميان وسط أفغانستان، وكانت مقصدًا لعشرات الآلاف من الزوار، من داخل وخارج أفغانستان، حتى عرفت بـ«واحة السلام».


للمزيد: تفاديًا لكارثة تلوح في الأفق.. تضييق غربي على «طالبان» وتحرك أمريكي لإدراج الحركة على قوائم الإرهاب

الكلمات المفتاحية

"