«الجامع النوري» بالعراق.. شاهد على جرائم داعش في حق التراث الإنساني
الخميس 21/يونيو/2018 - 10:49 ص
الجامع النوري بالعراق
هناء قنديل
تاريخ تنظيم داعش الإرهابي مليء بمحطات مخزية من الجرائم في حق الإنسانية، وهذه الجرائم لم تقف عند حد الاعتداء على حياة الأفراد، وإنما امتدت لاغتيال التراث البشري في عدوانية لم يسبق لها مثيل.
ويقف 21 من يونيو عام 2017 شاهدًا على واحدة من أبشع جرائم «داعش» في حق التراث البشري بالعراق؛ حيث دمر أفراد التنظيم الجامع النوري ومنارته التاريخية «الحدباء»، انتقامًا من تحرير مدينة الموصل من قبضته.
وأثار تدمير «داعش» لهذا المسجد التاريخي، موجة عارمة من السخط العالمي، خاصة بين المهتمين بالتراث الإنساني؛ فأعربت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» عن استنكارها الشديد لتلك الجريمة التي اغتالت تاريخ مئات السنين من التراث الإسلامي الفذ، واعتبرت المنظمة هذه الجريمة اعتداءً خطيرًا على هوية مدينة الموصل، التي تعد واحدة من أهم المدن الإسلامية على مدار تاريخ الإسلام الممتد لما يزيد على 14 قرنًا.
حالة السخط على تدمير هذا الجامع العريق، امتدت إلى أوساط السياسيين؛ فأعربت الحكومة العراقية عن غضبها من هذه الجريمة، وتبعتها الكثير من حكومات العالم، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، التي طالتها اتهامات بتدمير الجامع عن طريق طائرات التحالف العاملة في العراق، لكن البيت الأبيض نفى ذلك رسميًّا.
تفاصيل جريمة داعش كشفتها شهادة قائد قوات تحرير الموصل، الذي أوضح أنه عندما أصبحت قواته على مسافة أمتار قليلة من الجامع، ساعية إلى حمايته، فوجئت بتفجيره من قبل عناصر التنظيم، على أمل وقف تقدم القوات العراقية.
أهمية تاريخية كبرى
يتمتع جامع النوري بأهمية تاريخية كبرى، إذ إنه شيد في عام 1172، وكان أشهر مسجد سني في الموصل، وسمي باسم القائد المسلم نور الدين محمود زنكي.
وشيدت مئذنة هذا الجامع التاريخي الكبير من الطوب وزينت بالزخارف النادرة، التي أطلق عليها بسببها اسم «الحدباء».
المثير أن زعيم تنظيم داعش، أبوبكر البغدادي، أعلن قيام تنظيمه في العراق، من منبر هذا المسجد، وكان ذلك في يونيو عام 2014، ثم رفع مسلحو التنظيم رايتهم السوداء على مئذنة الجامع الشهيرة، وأصبح بعدها مركزًا لنشاطهم.
واعتبر مراقبون وقطاع كبير من الشعب العراقي، أن تدمير هذا الجامع بالأخص يمثل تحديًا من التنظيم لإرادة تطهير البلاد، وانتقامًا من العمليات العسكرية، التي أفقدت التنظيم سيطرته على الموصل، امتدادًا لـ«سياسة الأرض المحروقة» التي اعتاد التنظيم اتباعها في كل مكان يخسره.





