5 تحديَّات تُواجِه فاعليَّة قرارات الأمم المتحدة بشأن الإرهاب

لم تنفصل منظمة الأمم المتحدة عن الحرب الدوليَّة المستمرة على الإرهاب؛
إذ تعني المنظمة الدوليَّة بحفظ الأمن والسلم الدوليين في المقام الأول؛ ما جعلها تتبنَّى
مجموعة من الإجراءات، من شأنها دعم التعاون بين الدول الأعضاء في مكافحة الإرهاب، تحت
مظلة المنظمة الأمميَّة، خاصةً بعد أحداث 11 سبتمبر فى الولايات المتحدة الامريكية.
وتَمثَّل ذلك في تأسيس «لجنة مكافحة الإرهاب التابعة للأمم المتحدة»؛ باعتبارها
الإطار القانوني الدولي المعني بمكافحة الإرهاب بموجب القرار 1373 الصادر عام 2001،
الذي ألزم كل دول العالم، بإعداد تقارير حول أنشطتها في مجال مكافحة الإرهاب، وتسليمها
الى اللجنة.
وتضمَّن القرار اتخاذ العديد من الخطوات؛ من أجل:
- تجريم تمويل الإرهاب.
- القيام بتجميد أي
أموال لأشخاص يشاركون في أعمال الإرهاب.
- منع الجماعات الإرهابيَّة
من الحصول على أي شكل من أشكال الدعم المالي.
- منع توفير الملاذ
الآمن، أو الدعم أو المساندة للإرهابيين.
- تبادل المعلومات
مع الحكومات الأخرى عن أي جماعات تُمارِس أعمالًا إرهابيَّة أو تُخطِّط لها.
- التعاون مع الحكومات
الأخرى في التحقيق في مثل تلك الأعمال، واكتشافها، واعتقال المشتركين فيها وتسليمهم
وتقديمهم للعدالة.
- تجريم مساعدة الإرهابيين
مساعدة فعليَّة أو سلبيَّة في القوانين المحليَّة، وتقديم مخالفيها للعدالة.
وجاء قرار تأسيس اللجنة؛ انطلاقًا من خطورة الإرهاب، وتهديده للأمن والسلم
الدوليين، وبموجبه؛ فإن تخاذل أو فشل أي دولة في الوفاء بالحد الأدنى من التزاماتها؛
يجعلها تُشكِّل تهديدًا للسلم والأمن، ويستلزم اتخاذ موقف دولي ضدها، بموجب الفصل السابع
من ميثاق الأمم المتحدة، وهو ما عبَّر عنه تصريح كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة
الأسبق؛ إذ قال: «على كل الأمم أن تُوحِّد قواها، وتنطلق جميعها في ردة فعل نابعة من مفاهيم
النظام الدولي المفتوح والحر، الذي استُغِل بانحراف من طرف أوَّلي، كالذين نفَّذوا الأعمال
الفظيعة في الحادي عشر من سبتمبر».
16 آلية
و38 فرقة عمل
أيضًا تبنَّت الأمم المتحدة استراتيجيات متعددة لمكافحة الإرهاب، عَبْرَ آليات
عديدة وصلت إلى 16 آلية، و38 فرقة عمل، معنيَّة بالتنفيذ، منها 36 فرقة تابعة بشكل مباشر
للأمم المتحدة، وتتعاون الأمم المتحدة في هذا الشأن مع المنظمات الإقليمية القارية
والفرعية، مثل: الاتحاد الأوروبي، والاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة
الآسيان، ومنظمة الدول الأمريكية، وغيرها من المنظمات.
فضلًا عن ذلك؛ إنشاء «مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب»، شبكة لتبادل
المعلومات بالشراكة مع 32 مركزًا من المراكز الوطنية والإقليمية والعالمية المعنية بمكافحة
الإرهاب، وقد حُدِّد 17 مجالًا يمكن التعاون بشأنهم، كما تجتمع الشبكة كل سنتين لهذا الغرض،
وكذلك إنشاء «معهد الأمم المتحدة الإقليمي لبحوث الجريمة والعدالة»؛ لتقديم المساعدة
في مكافحة الإرهاب، ومنع التطرف العنيف.
وتعدَّدت القرارات الأممية التي استهدفت مواجهة الإرهاب، وسياسات تمويله؛
فيمكن الإشارة إلى القرار رقم 2017 لسنة 2013، الذي عدَّ تنظيم «داعش» مجموعة إرهابيَّة،
وطالب بمكافحتها، وأكد أن هذا التنظيم يخضع للحظر على الأسلحة، وتجميد الأصول المفروضة
بموجب قرار مجلس الأمن 1267 لعام 1999، والقرار 2083 لعام 2012، ويُشدِّد على أهمية التنفيذ
الفوري والفعال لهذه التدابير.
واتخذ مجلس الأمن الدولي قراره 2170 في 15 أغسطس 2014، بشأن فرض العقوبات
على «داعش»، كما أدرج المجلس في 19 نوفمبر 2014، تنظيم «أنصار الشريعة» الليبي، على
القائمة السوداء للتنظيمات الإرهابية؛ بسبب ارتباطه بتنظيمي «القاعدة» و«داعش».
وأيضًا أدان المجلس في 28 فبراير 2015 الأعمال الإرهابية البربرية، التي
ارتكبها مسلحو «داعش» في العراق، ومن ضمنها تدمير آثار تاريخية وثقافية نفيسة.
وفي 20 نوفمبر 2015 أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2249، الذي دعا
الدول إلي القيام بكلِّ ما في وسعها؛ لمضاعفة وتنسيق جهودها لمنع وإحباط الأعمال الإرهابيَّة،
التي يرتكبها على وجه التحديد تنظيما «داعش» وجبهة النصرة، ويحثُّ القرار الدولي على
تكثيف جهودها لوقف تدفُّق المقاتلين الإرهابيين الأجانب إلي العراق وسوريا، ومنع وإحباط
تمويل الإرهاب.
التحديَّات
إضافة إلى إصدار مجلس الأمن القرار 2253 -بتاريخ 17 ديسمبر 2015 بإجماع
الدول الأعضاء- حول مكافحة تمويل الإرهاب، وجاء فيه؛ التأكيد على زيادة التعاون الدولي
وتبادل المعلومات والخبرات، خاصةً في وقف الاتجار غير المشروع بالقطع الأثرية الثقافية،
والعمل مع القطاعات الخاصة والخيرية؛ لتحديد المعاملات المشتبه بها، والاستثمار في الهياكل
التنظيمية ذات المصداقية، التي يُمكِن التحكُّم فيها لتجميد أموال الإرهاب، وإيقاف مصادر
تمويل هذه الجماعات الإرهابية، وتقديم التقارير حول النتائج في خلال 45 يومًا، وتوسيع
الأمم المتحدة من برامجها العاملة في مكافحة تمويل الإرهاب.
وعلى الرغم من تعدُّد القرارات والتقارير التي اعتادت منظمة الأمم المتحدة
إصدارها؛ فإن فاعلية المنظمة الدولية في مكافحة الإرهاب، تبقى مُقيَّدة أمام العديد
من التحديَّات التي يُمكِن الإشارة إلى عدد منها:
(1) صعوبة تعريف الإرهاب
الدولي: فقد تعدَّدت وتنوعت تعريفات الإرهاب الدولي؛ فلا يُوجَد -حتي الآن- تعريف مانع جامع
له؛ نظرًا لتباين وتعارض وجهات نظر الدول المختلفة حول تعريفه؛ فما تعدُّه بعض الدول
حق المقاومة المشروعة، تعدُّه الدول الكبرى، خاصة الولايات المتحدة، إرهابًا، ويُمثِّل
هذا الاختلاف في تعريف الإرهاب إحدى الإشكاليات الأساسية في مواجهة ظاهرة الإرهاب عالميًّا،
والقضاء عليه.
وترتَّب على ذلك وجود اختلاف كبير بين الدول الكبرى حول تصنيف الجماعات
والحركات المتشددة؛ فيما إذا كانت إرهابيَّة أو لا؟ كما حدث في التنظيمات العديدة في سوريا؛
حيث صنَّفت روسيا ما تُدعى حركة «جيش الإسلام» كتنظيم إرهابي، بينما رأت دول
أخرى عدم ضمِّها للجماعات الإرهابية، وهذا يعكس غلبة الجانب السياسي على القانوني.
وبالتالي؛ نجد بعض الدول تُصنِّف حركة إرهابية، بينما دولًا أخرى تصنِّفها بأنها
حركة معارضة سياسية؛ وذلك لأن مصطلح «الإرهاب الدولي» يقبل تفسيرات متنوعة تختلف باختلاف
المفاهيم الفلسفية، والسياسية، والاجتماعية.
(2) أصبحت كل القرارات
المتعلقة بمكافحة الإرهاب تحظى بحساسية خاصة، وتنفيذ جبري، حتي دون أن تُعرِّف الدول
ما العمل الإرهابي الذي تستهدفه، إنما يكفي أن تُسمِّي الولايات المتحدة في كل حالة
مثل هذا العمل.
(3) تُعانِي الأمم المتحدة
عدم وجود ضوابط وآليات للمساءلة عن الأعمال التي تقوم بها الدول، خاصة الولايات المتحدة،
في الردِّ على الأعمال الإرهابية، وعدم خضوع الرد على الأعمال الإرهابيَّة للقانون الدولي
الإنساني.
(4) غياب الحلول السياسية
الشاملة للأزمات العربية والدولية، باعتبارها الحل الأفضل لتجفيف ظاهرة الإرهاب؛ فالاعتماد
على الحل العسكري، لم يؤدِّ إلي القضاء على الإرهاب.
(5) غياب الشفافية؛
حيث يتخذ مجلس الأمن قراراته، ويجري مداولاته في شكل حلقات نقاش، أو مشاورات غير رسمية،
الأمر الذي حرَّم كثيرًا من الدول المعنية بتلك القرارات من حقِّ المشاركة، أو الاستماع،
أو الرد.
فضلًا عن ذلك؛ يُلاحَظ عدم قدرة المنظمة الدولية على اتخاذ موقف صلب في مواجهة الإرهاب؛ نتيجة إسراف بعض الدول الكُبرى في استخدام حقِّ النقض «الفيتو»، وتوجيه المنظمة إلى مناقشة قضايا بعينها يزداد الاهتمام بها دوليًّا، كموضوع الإرهاب، وعدم حلِّ عدد من القضايا المهمة والتي تخصُّ المنطقة العربية بالتحديد كمشكلة فلسطين.