«السوائل الحارقة».. إرهاب جديد يغتال المرأة الجزائرية
الخميس 21/يونيو/2018 - 12:06 م
نورا البندراي
تواصل الجماعات الإرهابية في الجزائر نشاطها الآثم في ترويع الآمنين ونشر الفوضى في البلاد، ولم تتوقف الأعمال الإجرامية لهذه الجماعات عند القتل والترويع على أرض الواقع فقط؛ بل ذهبت إلى العيث فسادًا في الفضاء الإلكتروني، حيث تستغل مواقع التواصل الاجتماعي في نشر فكرها المتطرف ومحاولات استقطاب المزيد من العناصر؛ ويرجع التركيز على هذه المواقع بسبب أنها الوسيلة الإعلامية الأقرب والأكثر انتشارًا لعدد كبير من فئات المجتمع الجزائري.
وأكدت السلطات الجزائرية أن الجماعات الإرهابية تستغل مواقع التواصل الاجتماعي لإبلاغ عناصرها بتفاصيل الهجمات الإرهابية التي تنوي القيام بها، إضافة إلى استغلالها في استقطاب الشباب وتجنيدهم، وكذلك توجيه تهديدات للأفراد، وأوضحت السلطات أنها سجلت خلال العام الماضي أكثر من 2500 جريمة إلكترونية.
والخطير في قضية استغلال الجماعات الإرهابية مواقع التواصل الاجتماعي؛ أن هذه العناصر الإجرامية عادت وبقوةٍ لاستهداف المرأة الجزائرية، مصوبةً سهامها المسمومة تجاه ما أسمتهم بـ«النساء المتبرجات»، وكان آخر هذه العمليات الإرهابية التي نُفذت عبر الفضاء الإلكتروني قيام عنصر إرهابي بإطلاق حملة على «السوشيال ميديا»، تحرض على إلقاء السوائل الحارقة فوق وجوه «النساء المتبرجات» اللاتي يسرن في الشوارع.
وانتشرت عقب هذه الحملة منشورات وتعليقات بأسماء مستعارة على مواقع التواصل الاجتماعي، تحرض ضد «النساء اللواتي يرتدين ملابس ضيقة»، وذلك عقب خروج المئات من النساء الجزائريات لممارسة رياضة الجري في أغلب المدن الجزائرية؛ تضامنًا مع فتاة تعرضت للاعتداء؛ بسبب ممارستها الرياضة في شهر رمضان.
وأمام هذه الهجمات الإرهابية الإلكترونية التي تستهدف زعزعة الأمن في الجزائر وترويع الآمنين، تحركت السلطات للقضاء على هذا السرطان الذي يتأهب للفتك بالجسد الوطني الجزائري، وأعلن وزير العدل الجزائري «الطيب لوح» أن النيابة العامة حركت الدعوى العمومية في ولايات عدّة فيما يخص دعوات العنف الموجهة ضد المرأة، التي انتشرت مؤخرًا على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدًا أنه تم تحديد هوية أحد مرتكبي هذه الجرائم وألقى القبض عليه وأودع بالسجن، وأن التحقيق لايزال مستمرًّا لتحديد هوية باقي المروجين لتلك الدعوات، عن طريق الهيئة المختصة.
وتوعّد وزير العدل الجزائري خلال جلسة أمام البرلمان، القائمين على هذه الحملات التحريضية بأقصى العقاب، قائلًا: «لا رحمة مع مَن يريد إرجاع الجزائر إلى سنوات التسعينيات، والدمار الذي عرفته البلاد آنذاك».
وتُعيد هذه الحملات التي أطلقها الإرهاب على مواقع التواصل الاجتماعي إلى الأذهان ما وقع في الجزائر خلال التسعينيات؛ حيث كانت الجماعات الإرهابية تستهدف النساء غير المحتجبات بهذه السوائل الحارقة.
كما أن هذه الحملات الإرهابية تُعيد إلى الأذهان أيضًا ما ارتكبته الجبهة الإسلامية للإنقاذ من أعمال عنف وتحريض ضد المرأة، عقب إلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية (حققت فيها الجبهة فوزًا ساحقًا) بسبب الأعمال الإرهابية التي روع بها عناصر الجبهة الشعب الجزائري، وقد لجأت الجبهة إلى هذه الجرائم أملًا في أن ترضخ الحكومة الجزائرية لمطالبها غير المشروعة.
ونفذت الجبهة الإسلامية خلال تلك الفترة العديد من الهجمات الإرهابية ضد المرأة، كان من بينها اغتيال شهيدة حزب العمال الاشتراكي والحركة النسوية في الجزائر «نبيلة جحنين» عام 1995، إضافةً إلى اغتيال الطالبة «كاتيا بن قانا» عام 1994؛ وذلك بسبب رفضهن ارتداء الحجاب.
ولم تتوقف الأعمال الإجرامية التي استهدف خلالها المتطرفون المرأة عند الحد الذي سبق ذكره؛ ففي فترة العشرية السوداء (الحرب على الإرهاب) التي عايشتها الجزائر اغتصب عناصر الجماعات الإرهابية أكثر من 18 ألف امرأة.





