من ليس معنا فهو ضدنا.. أمريكا تحدد سياستها الخارجية بعد أحداث سبتمبر
تأثرت العلاقات الدولية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر تأثرًا كبيرًا، الأمر الذي شكّل لها اتجاهات جديدة بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، وبالنسبة للدول الكبرى الأخرى، خاصة الصين، روسيا، الاتحاد الأوروبي، وكذلك العالم الإسلامي، الذي شكّل محور الصراع الجديد بعد أحداث سبتمبر، حيث فرضت تلك الأحداث عددًا من المساومات والحلول الوسط حول قضايا وخلافات في السياسة الخارجية، إذ كانت روسيا آنذاك، الأكثر استجابة وتفاعلًا مع متطلبات التعاون مع الولايات المتحدة، معلنة دعمها لمحاربة الإرهاب ووقوف المجتمع الدولي ضد الإرهاب.
من ليس معنا فهو ضدنا
حددت أحداث سبتمبر 2001، خريطة العلاقات بين أمريكا والدول، بمبدأ «من ليس معنا فهو ضدنا»، حيث بدأت الصين توجهات جديدة في العلاقات الدولية بعد أحداث سبتمبر، خاصة أنها قبل الأحداث كانت في تسابق وتنافس مع الولايات المتحدة الأمريكية اقتصاديًّا، وبعد أحداث 11 سبتمبر رسمت الصين اتجاهات علاقاتها الدولية عبر اتجاهات رئيسية، تمثلت في تقوية وجودها في منطقة الشرق الأوسط عبر إستراتيجية منظمة وطويلة المدى، وتقديم السلاح الصيني بأسعار مناسبة، بالإضافة لتقديم القوات الصينية لمنح التدريب في الصين، بجانب ضرب طوق من الحصار الدبلوماسي العالمي على الولايات المتحدة، وإظهارها للمجتمع الدولي بأنها تؤزم العلاقات الدولية العالمية.
أما في روسيا، فقد أعادت لها أحداث 11 سبتمبر الآمال بإمكانية استعادة المكانة الدولية لها، خاصة بعد المخاوف الأمريكية من النزوع التوسعي الإمبراطوري الروسي، وأعدت روسيا مسودة الاستراتيجية الروسية الجديدة عبر لجنة كونتها لوضع استراتيجية تسمى «استراتيجية السيطرة الروسية المستقبلية»، بفرض الأسلوب الروسي في الساحة الدولية، بالإضافة لمخالفة السياسات والتوجهات الأمريكية، واتضح ذلك جليًا من خلال الموقف الروسي للغزو الأمريكي للعراق، وبالرغم من ذلك التوجه نحو المخالفة.
فيما كان الصراع محتدمًا بين البلدين، لا سيما في فرض الهيمنة على الشرق الأوسط، حيث تمثل تلك المنطقة محور الارتكاز في خطة أمن الطاقة الدولي الروسية، وتقوم الخطة فى الشرق الأوسط على المواجهة المباشرة للسياسات الأمريكية، ومعارضتها في المنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة، واستخدام حق النقض «الفيتو» لمواجهة أي تحركات سياسية أو عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط، وإطلاق تسمية «الدول الحليفة لروسيا» على دول الشرق الأوسط التي تتعاون مع روسيا، ومدها بالأسلحة والتدريب والتأهيل لمواجهة التمدد الأمريكي في الشرق الأوسط.
منعطف جديد
وشكّلت أحداث سبتمبر 2001، منعطفًا جديدًا في طريق العلاقات الأمريكية مع دول العالم، ولا سيما العربية والإسلامية، حيث قال «أندريه سيرجي إيفانوف» أستاذ علم السياسة في جامعة موسكو: «لم يكن سقوط البرجين في حي مانهاتن في نيويورك بمثابة حدث بسيط أو انهيار أو سقوط أي مبنى فقط، بل كان بمثابة انهيار نظام عالمي جديد وظهور نظام آخر بدأ في التشكيل في الفترة القليلة الماضية، هذا التأثير امتد ليشمل بنية النظام الدولي والعلاقة بين أقطابه».
فيما أكد المستشرق الروسي «يفغيني ماكسيموفيتش بريماكوف»، الرئيس الفخري لمجموعة الرؤية الإستراتيجية «روسيا - العالم الإسلامي»، أن أحداث 11 سبتمبر قد خلفت آثارًا فكرية وسياسية وعسكرية على العالم أجمع واعتبرها حادثة عابرة، حيث إنها أخذت تتضاعف، وظهرت في أمكنة قد لا تقع في دائرة التوقع.
واستعرض الرئيس الفخري لمجموعة الرؤية الإستراتيجية «روسيا - العالم الإسلامي»، في كتاب ألفه بعنوان «العالم بعد 11 سبتمبر»، ظاهرة الإرهاب في القرن العشرين، وظروف نشوئها في القرن العشرين في أثناء الحرب الباردة ثم مع مطلع القرن الحادي والعشرين، مؤكدًا أن الولايات المتحدة في حقبة الحرب الباردة أسهمت كثيرًا في نشوء أبرز الجماعات الإسلامية المحاربة (القاعدة) أما (طالبان) فهي صنيعة أجهزة الاستخبارات العسكرية الباكستانية.
وخلال دراسة أعدها «ميثاق مناحي العيساوي»، الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية بجامعة كربلاء، بعنوان «مشروع الشرق الأوسط الكبير - قراءة في الفكر السياسي الأمريكي المعاصر»، أكد أن أحداث سبتمبر تعد من أهم الدوافع التي دفعت بالولايات المتحدة لصياغة وإطلاق مشروع الشرق الأوسط الكبير، حيث جاءت الولايات المتحدة لتملأ الفراغ الذي خلفه الاتحاد السوفييتي عبر عدو جديد أصاب أمريكا في عقر دارها.
وأشار إلى أن السياسية الخارجية الأمريكية عرفت تغيرًا دراماتيكيًّا بعد أحداث سبتمبر، ومن ثم اعتماد سياسة الحرب على الإرهاب، وباتت الولايات المتحدة تنظر إلى الأوضاع الداخلية في عدد من دول الشرق الأوسط على أنها تهديد للأمن القومي الأمريكي على أساس أن هذه الأوضاع تربة خصبة لنمو الإرهاب والتطرف ليعلن الرئيس الأمريكي السابق «جورج بوش» الابن، الحرب على الإرهاب بكل أشكاله.
للمزيد: بعد 20 عامًا.. هل طوت واشنطن صفحة 11 سبتمبر بانسحابها من أفغانستان؟





