حقول الأفيون.. الصيّد الثمين لـ«طالبان»
مع قدوم شهر أبريل من كل عام، يتجه المزارعون الأفغان إلى حقول الأفيون لحصاد محصولهم الأساسي، إذ تمت زراعة نبات الخشخاش المخدر في أكثر من ثلث القرى، ففي المنطقة الشرقية في أكثر من 50 بالمائة منها، وفي المنطقة الجنوبية في نحو 85 بالمائة من القرى، وبالإضافة إلى الأسر الزراعية، يوفر الأفيون إمكانية الوصول إلى العمالة اليومية المأجورة لعدد كبير من العمال المحليين والمهاجرين الذين يستأجرهم المزارعون.
هذه الحقول تعد مصدر دخل أساسي من بين أربعة موارد لتمويل حركة طالبان؛ فيقدر ما جنته الحركة من زراعة وتصنيع وتجارة المخدرات ما بين مليار ونصف المليار دولار خلال العامين الأخيرين، بحسب أرقام خبراء الأمم المتحدة في مكافحة المخدرات والجريمة ومسؤولين أمريكيين معنيين بالموضوع نفسه.
وقالت الحركة في أحدث تعليق لها، إنها تقف ضد تجارة المخدرات بشدة، إذ أكد الناطق باسمها ذبيح الله مجاهد في أول مؤتمر صحفي عقب السيطرة على كابول: «نطمئن العالم أن زراعة وتجارة الأفيون ستتوقف في أفغانستان».
للمزيد: مصير مجهول.. الأقليات الأفغانية تخشى بطش «طالبان»
مضيفًا: «بعد دخول كابول لفت انتباهي أن عددًا كبيرًا من الشباب أصبحوا مدمنين وعاطلين عن العمل. سنسعى إلى تصفير زراعة الأفيون مثلما عملنا قبل عشرين عامًا».
ورغم تصريحات «مجاهد»، لفتت صحيفة «تليجراف» البريطانية إلى أن نجاح طالبان في الاستيلاء على السلطة وقيامها بتشكيل حكومة لأول مرة منذ عقدين، لا ينفي أنهم يواجهون أيضًا أزمة اقتصادية تلوح في الأفق وخطر الوقف المفاجئ للمساعدات التي دعمت البلاد لسنوات؛ وبالتالي تتجه أنظارهم نحو حقول الأفيون التي يمكن أن تصبح بديلًا حيويًّا لتلك الأموال الدولية.
وتناول نائب محرر الشؤون الاقتصادية تيم واليس، في تقرير بعنوان: «طالبان تفكر في إغراق الغرب بالهيروين لدعم الاقتصاد الأفغاني»، خطورة عودة طالبان للحكم، لا سيما أن أكبر مخزون للمخدرات في العالم موجود في أفغانستان وتسيطر عليه الحركة.
وألمح كبار قادة طالبان، قبل عدة أشهر، لرغبتهم في حظر اقتصاد الأفيون، لكن تصديق وعودهم ليس أمرًا منطقيًا ــ بحسب «تليجراف» ـ لأن نبات الخشخاش سيكون مصدر دخل بالغ الأهمية، وفي حال بدأوا في فرض حظر عليه، فسيكون لذلك رد فعل سلبي كبير عليهم بما في ذلك في المناطق الحيوية مثل هلمند وقندهار، إذ أنّ المساومة الدولية ستكون مقيدة بردود الفعل المحلية.
ويشير التقرير إلى أن المساعدات المالية من الدول الغربية تعتبر من الناحية المالية، أكثر أهمية من الخشخاش؛ ففي حال حدوث انخفاض حاد في الدعم قد يؤدي ذلك إلى أزمة اقتصادية، بعد سنوات ساهمت فيها المساعدات في تحقيق نمو، وذلك على الأقل إذا أصبح مئات الآلاف من الجنود والشرطة الذين يدفع لهم الغرب عاطلين عن العمل.





