باجتياح عسكري طال نصف الدولة.. «طالبان» تسعى لابتلاع أفغانستان وترفض تقاسم السلطة مع الحكومة
الخميس 05/أغسطس/2021 - 02:23 م
مصطفى كامل
رغم إعلان الحكومة الأفغانية، استعدادها التام لإحلال السلام مع حركة «طالبان» وتقاسم السلطة معها، حال تقرر مصير البلاد بالتعبير الحر عن إرادة الشعب الأفغاني، فإن الحركة الأفغانية لا تزال تمارس الزحف نحو المدن الأفغانية للسيطرة عليها، وصعدت من حدة العنف وشنها هجمات متفرقة على عدد كبير من المناطق الريفية الشاسعة، ما أدى لاتهامها بارتكاب جرائم حرب نظرًا لاستهدافها المدنيين داخل البلدان الأفغانية، في وقتٍ أعلنت فيه الولايات المتحدة الأمريكية، أنها ستستقبل آلاف اللاجئين الأفغان الإضافيين، خوفًا على سلامة الأشخاص المرتبطين بالولايات المتحدة فيما تطوي واشنطن صفحة تدخلها العسكري في أفغانستان الذي استمر 20 عامًا.
تصاعد حدة العنف
تصاعدت أعمال العنف في أفغانستان أوائل مايو الماضي، وبمجرد أن بدأت القوات الأجنبية بقيادة الولايات المتحدة الانسحاب النهائي الذي يوشك على الاكتمال نهاية الشهر الجاري، حيث سيطر مسلحو الحركة، في غضون ثلاثة أشهر، على عدد كبير من المناطق الريفية الشاسعة، بعد أن خاضوا مواجهات مع قوات الجيش الأفغاني، كما سيطرت طالبان على العديد من المناطق في ضواحي مدينة هرات بالإضافة إلى معبرين حدوديين في ولاية هرات الواقعة على الحدود مع إيران وتركمانستان، فيما تواصل تقدمها في كل أنحاء البلاد.
ونشرت التعزيزات العسكرية لمواجهة تقدم طالبان التي حققت تقدمًا سريعًا في الأشهر الأخيرة مع انسحاب القوات الأمريكية بعد 20 عامًا من العمليات العسكرية في البلاد، حيث هاجم عناصر طالبان عواصم ثلاث ولايات على الأقل هي لشكر غاه وقندهار وهيرات، بعد نهاية أسبوع شهدت مواجهات عنيفة نزح على إثرها آلاف المدنيين في ظل تقدّم المسلحين، فيما تحدثّت منظمة أطباء بلا حدود عن عدد كبير من المصابين بجروح خطرة.
وتخوض القوات الأفغانية معارك لمنع سقوط أول مدينة رئيسية في أيدي طالبان بعد هجمات شنها المتمرّدون على مدن عِدة، في تصعيد كبير حمّل الرئيس أشرف غني واشنطن المسؤولية عنه، حيث تعرضت مدينة لشكر غاه، عاصمة إقليم هلمند الجنوبية لهجوم عنيف من مقاتلي الحركة على الرغم من استمرار الضربات الجوية الأمريكية والأفغانية، واستولت الحركة على محطة تلفزيونية محلية فيما لجأ آلاف الأشخاص الذين فروا من المناطق الريفية إلى المدينة.
يأتي ذلك فيما تتعثر المفاوضات بين الحكومة وطالبان حول وقف إطلاق النار وإحلال السلام، والتي انطلقت أوائل العام الماضي، حيث وقعت الولايات المتحدة وحركة «طالبان» في العاصمة القطرية الدوحة، في 29 فبراير 2020، اتفاقا تاريخيًّا ينظم انسحابًا تدريجيًّا للقوات الأمريكية من أفغانستان، ويمهد لمفاوضات مباشرة بين حكومة كابول وطالبان.
وسعت الحركة الأفغانية، عبر المتحدث باسم المكتب السياسي لها في الدوحة بنفي تهم ارتكاب جرائم الحرب، حيث قال «سهيل شاهين»، إن التغريدات التي جاءت فيها تلك الاتهامات هي تقارير لا أساس لها من الصحة.
ونشرت البعثة الأمريكية بيانًا عبر موقع التواصل الإجتماعي «تويتر» تتهم فيه الحركة بقتل عشرات المدنيين في منطقة «سبين بولداك» بإقليم قندهار التي دار بها قتالًا عنيفًا؛ حيث قالت السفارة الأمريكية على «تويتر»: «أعمال القتل تلك يمكن أن تشكل جرائم حرب ويجب التحقيق فيها ومحاسبة المسؤولين عنها من مقاتلي وقادة الحركة الأفغانية».
وصعدت التغريدات، المصحوبة بدعوات لوقف إطلاق النار، من انتقادات الولايات المتحدة العلنية للحركة أثناء انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان وشن طالبان هجومًا على مستوى البلاد، حيث سيطر مقاتلو طالبان على منطقة «سبين بولداك» الحدودية يوليه الماضي، وهو معبر تجاري مهم يقع على الحدود مع باكستان، ودار قتال عنيف منذ ذلك الحين بينما تحاول القوات الأفغانية استعادة المنطقة.
استقبال اللاجئين
في الجهة المقابلة، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، أنها ستستقبل آلاف اللاجئين الأفغان الإضافيين، خوفًا على سلامة الأشخاص المرتبطين بالولايات المتحدة فيما تطوي واشنطن صفحة تدخلها العسكري في أفغانستان الذي استمر 20 عامًا، حيث أكدت الخارجية الأمريكية أنها ستوسع قائمة الأفغان الذين يستحقون بأن يتم استقبالهم كلاجئين ليتجاوز عددهم 20 ألفًا تقريبًا تقدّموا بطلبات حتى الآن تم إجلاء بعضهم بموجب برنامج مخصص للمترجمين الذين ساعدوا القوات الأمريكية.
وجاء البيان الصادر عن الخارجية الأمريكية، أنه في ضوء ارتفاع مستويات العنف الذي تمارسه طالبان، تعمل الحكومة الأمريكية على توفير فرصة لأفغانيين معيّنين، بمن فيهم أولئك الذين عملوا مع الولايات المتحدة، لإعادة توطينهم كلاجئين في الولايات المتحدة، مضيفًا: «يوسع هذا التصنيف الفرص لإعادة توطين الولايات المتحدة بشكل دائم آلاف الأفغان وأفراد عائلاتهم المباشرين الذين قد يكونون عرضة للخطر نظرًا لارتباطهم بالولايات المتحدة»، مؤكدًا أن قائمة المستحقين ستشمل الأفغان الذين عملوا مع منظمات إعلامية مقرها الولايات المتحدة ومنظمات غير حكومية أو على مشاريع مدعومة بتمويل أمريكي.
وقال وزير الخارجية الأمريكي «أنتوني بلينكن»، إن واشنطن تنظر بعناية في برنامج تأشيرات المهاجرين الأفغان، موضحًا أن الذين عملوا مع القوات الأمريكية في أفغانستان يخشون الاضطهاد، وسنبدأ الجمعة 6 أغسطس 2021، استقبال الدفعة الأولى من اللاجئين الأفغان، وأشار إلى أن بلاده قلقة بشدة من تقارير هجوم طالبان على عدد كبير من المدن، مشددًا على أن استمرار طالبان في هجومها يقوض عملية السلام.
وبحسب البيت الأبيض، طلب قرابة 20 ألف أفغاني عملوا لحساب الجيش الأمريكي استقبالهم في الولايات المتحدة، غير أن تقديرات ترجح أن يصل عددهم إلى 100 ألف إذا ما تم احتساب أفراد عائلاتهم، وجميعهم ليسوا مخولين للحصول على تأشيرات هجرة خاصة، أما الأفغان الذين عملوا لصالح منظمات غير حكومية أو وسائل إعلام أمريكية فلن يكونوا بدورهم في مأمن، ما لم يحصلوا على هذه التأشيرات.





