تبرعات بملايين الدولارات تمنح الإخوان النفوذ السياسي في أمريكا

تمكن التنظيم الدولي لجماعة الإخوان من
تأسيس فرع متعدد الأنشطة في الولايات المتحدة الأمريكية، وخلال السنوات الأخيرة
استطاع هذا الفرع النفاذ إلى المجتمع، عبر أدوات موحدة يستخدمها التنظيم كواجهة
لأنشطته؛ مثل الرعاية الاجتماعية والخدمة الإنسانية، بما يحتويه ذلك من توظيفات لجمع
المال.

يُظهر الموقع الرسمي لأهم مؤسسة تابعة للجماعة في الولايات المتحدة ضخ كبير للأموال عبر دعاية التبرع المختلفة، إذ احتفى مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية المعروف ب(CAIR) بجمعه تبرعات تجاوزت 2.5 مليون دولار، وشكرت المؤسسة أتباعها على تبرعهم بهذه الأموال في شهر رمضان الكريم.
وكانت منظمة كير قد دعت أتباعها للتبرع إليها بزكاة أموالهم في شهر رمضان، وتزعم المؤسسة بأنها توجه جزءًا من هذه الأموال للدعم القانوني للمحتاجين إليه كالمحتجزين خلال احتجاجات حملة حياة السود مهمة التي رافقت مقتل المواطن من الأصل الأفريقي جورج فلويد على يد رجال الشرطة، وذلك إلى جانب مصارف أخرى تصطبغ بالإنسانية.
التبرعات الضخمة والنفوذ السياسي للإخوان
يشير الإجمالي الضخم لمبلغ التبرعات التي استطاعت المؤسسة التحصل عليه في شهر واحد إلى نفوذ واسع بداخل طبقات المجتمع الأمريكي، كما تظهر تناميًا في عدد الأتباع والمؤيدين لاتجاهها الأيديولوجي.
ولكن هل خضعت أموال الجماعة في الولايات المتحدة الأمريكية للتدقيق اللازم لأوجه إنفاقها، كما هو الحال في دول الاتحاد الأوروبي، وبالأخص بعد إعلان ألمانيا حظر جماعة أنصار الدولية لجمعها تبرعات لصالح أفرع القاعدة في الصومال والشرق الأوسط، إلى جانب علاقات مشبوهة تربطها بجماعة الإخوان، وبالتالي فأن مراجعة مصارف التبرعات تبقى ضرورية لحفظ الأمن والاستقرار الاجتماعي.
تنضم المملكة المتحدة لقائمة الدول الأوروبية التي باتت حريصة على مراقبة أموال التبرعات الممنوحة لمؤسسات الجماعة في أرجائها، إذ أعربت السلطات عن تتبع دقيق لسير التبرعات خوفًا من استغلال أزمة كورونا من أجل جمع تبرعات لأغراض مشبوهة، وذلك على الرغم مما تبديه المملكة من انفتاح في علاقاتها مع هذه التيارات إذ تحتضن البلاد أهم إمبراطورية اقتصادية وإعلامية لجماعة الإخوان، كما أنها قررت مؤخرًا رفع اسم الجماعة الليبية المقاتلة من قوائم الإرهاب في خلط لمفاهيم التطرف بالمقاومة المسلحة.

التبرعات وأدوات النفوذ السياسي
تخلق الحملات الاجتماعية والصيغ الإنسانية؛ التي تسوق بها الجماعة حملات التبرع، تفاعلًا بين أوساط الطبقات المحتاجة كمستهلكين لخدمات التنظيم، وبين الطبقات القادرة على دفع الأموال كواجب أخلاقي في أوساط من الجاليات المتشابهة، ما يسمح لجماعة الإخوان باستخدام هذه التقاربات في إيجاد زخم لوجودها بالبلاد، وكذلك إعطاؤها مكانة معنوية للمناقشة في شؤون السياسة.
يتضح النفوذ المعنوي لمؤسسات الجماعة في الولايات المتحدة من خلال التدخلات الكثيرة في الموضوعات السياسية المطروحة والإعداد لها بشكل شعبي وإعلامي، ومنها حملة حياة السود مهمة، والتي خصصت الجماعة مبالغ مالية ومحامين للدفاع عن المقبوض عليهم خلال ذروة أحداثها، كما أعدت مؤسسة كير حملات إعلامية للترويج الى ضرورة خفض ميزانية الشرطة وتوجيه الأموال لرعاية الأحياء الأكثر احتياجًا، وعقدت ندوات ومؤتمرات للترويج إلى هذه الفكرة، وتقدمت بطلبات رسمية للجهات المعنية لمناقشة الأمر.
فيما اشتركت مؤسسة كير مع مؤسسات الجماعة الأخرى في البلاد، وصاغت مطالبات سياسية تنشد من الرئيس جو بايدن تحقيقها خلال الشهور الأولى من توليه السلطة؛ منها إعادة هيكلة العلاقات مع دول الشرق الأوسط والمنطقة العربية وفقًا لتوجهاتها الخاصة، إلى جانب إعادة النظر في استخدام تقنيات الهجوم بطائرة بدون طيار في الخارج على الرغم من أن هذه الإستراتيجية استخدمت خارجيًّا لتصفية الإرهابيين.
وحول التأثيرات المترتبة على إستراتيجية التبرعات المصبوغة باحتياجات إنسانية، يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، سعيد صادق في تصريحه لـ«المرجع» إن هذه الأموال المتداولة بين الجماعة والمواطنين في حال الأزمات تدفع من أجل الاستغلال السياسي حين اللحظات الحاسمة، إذ ترغب هذه الجماعات في بناء أواصر ممتدة بين المواطنين لاستخدامها أثناء التمكن من السيطرة على أي من أوجه السلطة المتاحة.