المصالحة وحل الميليشيات.. خطوات جادة على طريق الاستقرار في ليبيا
تشهد الأراضي الليبية أحداثًا متسارعة على طريق الاستقرار، عقب تولي حكومة الوحدة الوطنية الجديدة برئاسة عبدالحميد الدبيبة، مقاليد السلطة، إذ تم الإفراج عن ما يقرب من 120 عنصرًا من «الكتيبة 107» التابعة للقيادة العامة للجيش الوطني الليبي، إضافة إلى إنشاء خطة لتفكيك الميليشيات وضمها للوحدات العسكرية النظامية بالجيش، من أجل تحقيق مصالحة شاملة، وطي صفحة الصراع وعودة الاستقرار.
الإفراج عن السجناء
في تطور إيجابي جديد في المشهد الليبي، شهدت مدينة الزاوية غربي ليبيا، الأربعاء 31 مارس 2021، مراسم إطلاق سراح نحو 120 من عناصر «الكتيبة 107» التابعة للقيادة العامة للجيش، إذ جاء ذلك الأمر من خلال مبادرة لجنة الحوار بالمدينة، ودعم من حكومة الوحدة الوطنية الجديدة.
وتعد هذه المبادرة خطوة أولية من حكومة الوحدة الوطنية حول المصالحة الشاملة في ربوع البلاد كافة، إذ اعتبرها «محمد المنفي» رئيس المجلس الرئاسي الليبي، مهمة وتأتي في إطار المصالحة الوطنية التي كان قد أطلقها المجلس الرئاسي الليبي.
وأكد المنفي، أن تحقيق مصالحة وطنية شاملة في أعلى سلم أولويات المجلس الرئاسي، كونه حجر الأساس لبناء دولة موحدة من أجل تحقيق العيش المشترك بين الليبيين، وأن المجلس يسعى لجمع الفرقاء ورأب الصدع ولمّ شمل الليبيين، وإنهاء حالة الانقسام، داعيًا إلى ضرورة ترسيخ قيم العفو والتسامح وإعلاء المصلحة الوطنية العليا؛ لأن ليبيا لن تكون إلا واحدة موحدة.
وعقب الإفراج عن نحو 120 فردًا من عناصر «الكتيبة 107» التابعة للجيش الوطني الليبي؛ دعت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين قبل بداية شهر رمضان، وبدء مصالحة وطنية شاملة.
وفي بيان لها، أثنت البعثة الأممية، على مساهمة أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي ومديرية أمن الزاوية وشيوخ القبائل وأهل الزاوية في هذه المبادرة، مؤكدة التزامها بمواصلة دعم هذه الجهود بناءً على طلب حكومة الوحدة الوطنية، معربةً عن أملها أن تشكل المبادرة بداية لمصالحة وطنية شاملة، واستعادة النسيج الاجتماعي الليبي.
تحقيق المصالحة الشاملة
وعن إنشاء مفوضية لتحقيق المصالحة الشاملة، أكد بيان صادر عن المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي الليبي، أن «محمد المنفي» شدد على ضرورة الإسراع في إنشاء المفوضية، من أجل وضع أسس وركائز لتحقيق مصالحة وطنية شاملة تجمع كل الليبيين، فيما قدم فريق العمل الخطوط العريضة لعمل المفوضية، وهيكلها التنظيمي والأهداف والاختصاصات المنوطة بها، حيث تمثّل المصالحة الوطنية أولوية قصوى لحكومة الوحدة الوطنية الليبية، وسط تأكيدات بأنه ليس هناك حل سياسي، ولا انتخابات شرعية ونزيهة، ولا توحيد فعلي للمؤسسات، دون تكريس مصالحة اجتماعية تشكل الخطوة الأبرز لطي صفحة الصراع.
فيما لفت رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبدالحميد الدبيبة، إلى أنّ حكومته ستعمل من أجل تحقيق المصالحة الوطنية، قائلًا: «ليبيا واحدة ولا يمكن أن نقول إلا ليبيا واحدة»، موضحًا أنّ الحكومة الجديدة هي حكومة كل الليبيين، وأنّ هناك الكثير من الاستحقاقات تنتظر مجلس النواب الليبي.
وناشد «الدبيبة»، الليبيين الالتئام وتعويض ما فاتهم خلال فترة الانقسام، مؤكدًا أن الأمة الليبية ما زالت بحاجة إلى نوابها؛ لأن الكثير من الاستحقاقات التي ما زالت تنتظرهم بداية من إقرار الموازنة الموحدة، وقانون الاستفتاء أولًا، وصولًا إلى قانون فعال للحكم المحلي ومن ثم الانتخابات.
ويؤكد مراقبون، أن المصالحة الوطنية تحتل صدارة التحديات التي تواجه السلطات الجديدة، وتمثل شرطًا أساسيًّا لتنظيم انتخابات حرة ونزيهة في موعدها المقرر ديسمبر 2021، موضحين أن الأطراف الليبية مطالبة بدعم الحكومة الوطنية والوقوف خلفها للوصول إلى إنجاز هذه المصالحة على الصعيدين السياسي والاجتماعي.
تفكيك الميليشيات
في الجهة المقابلة، بدأت الحكومة الليبية الجديدة، تحركاتها على الصعيد الأمني، إذ أكد «محمد المنفي» رئيس المجلس الرئاسي الليبي، وضعه خطة لتفكيك الميليشيات، تبدأ من مطلع مايو المقبل وتنتهي أواخر أكتوبر 2021، وتتضمن مهلة لتسليم السلاح للدولة ومؤسساتها العسكرية المعتمدة لدى وزارة الدفاع ووزارة الداخلية.
وخلال بيان، أوضح «المنفي»، أنه لن يكون للميليشيات أي مكان داخل أروقة الدولة وسيُنزع سلاح أي مجموعة مسلحة، مؤكدًا أنه في حال رفض تسليم الأسلحة التي تهدد الأمن والسلم، سيتم فرض عقوبات محلية صارمة وعقوبات دولية من مجلس الأمن والدول الكبرى والداعمة لاستقرار ليبيا.
كما حذر رئيس المجلس الرئاسي، من أنه سيتم الضرب بيدٍ من حديد على كل من تسوّل له نفسه المساس بأمن الوطن وزعزعة استقراره والعبث بحياة المواطنين، مشيرًا إلى أنه سيكون هناك تدخل دولي قوي لدعم هذا المشروع الذي يؤدي لبناء ليبيا وحمايتها واستقرارها، داعيًا كل المجموعات المسلحة شرقًا وغربًا وجنوبًا للانضمام للوحدات العسكرية النظامية بالجيش وتكوين اللبنة الأولى للجيش الليبي.
بدوره وخلال مقابلة مع جريدة «كورييري ديلا سيرا-Corriere della Sera» الإيطالية، الثلاثاء 30 مارس 2021، أكد «عبدالحميد الدبيبة» رئيس الحكومة أن الأمن العام في البلاد اليوم أفضل مما كان عليه قبل خمسة أشهر، وأضاف أنه يعتزم إعادة فتح الباب قريبًا للمستثمرين والشركات الإيطالية، قائلًا: «أودّ منهم أن يعتبروا ليبيا بيتهم وليس مجرد استثمار».
للمزيد: ليبيا الجديدة.. طريق «الدبيبة» ملغم بوجود الميليشيات والمرتزقة على الأرض





